لماذا انتصرت سورية وغيرها لم يفعل.. بقلم: إيفين دوبا

لماذا انتصرت سورية وغيرها لم يفعل.. بقلم: إيفين دوبا

تحليل وآراء

السبت، ٢ سبتمبر ٢٠١٧

لأن الحالة السورية مختلفة جدا عن باقي البلدان التي تعرضت لاهتزازات فوضى «الربيع العربي»، بل يمكن القول بالتأكيد إن الاهتزازات، التي تعرضت لها سورية هي الأعنف على الإطلاق ضمن مخطط الفوضى، ولم تقف عند حدود الأزمة، بل سرعان ما تحولت إلى حرب واسعة تشن على دمشق وتشارك فيها قوى دولية بشكل غير مباشر عسكريا.
ليس وحده النظام السياسي في دمشق، الذي انتصر، ثمة شعب وجيش تحملا على عاتقيهما تبعات وآثار الحرب على سورية، هذا الأمر لم يكن ليوجد لو أن الطرفين، المؤسسة العسكرية والمجتمع الشعبي قد انخرطا في المواجهة إلى أبعد حد بناء على قناعات وعقائد تبلور النظرية السياسية القائمة في سورية، وهذا بحد عينه، لم يكن موجودا في الحالة الليبية أو المصرية والتونسية، والعراقية قبل أكثر من عقد من الزمان.
يمثل الرئيس بشار الأسد نموذجا متقدما، وعميقا بما فيه الكفاية، بالنسبة لبقية الحكام العرب، تتجاوز شعبيته حدود البلاد، وتظهر بشكل كبير وواضح في الجزائر وتونس ومصر عدا عن الأردن ولبنان، بطريقة تؤثر في الحراك السياسي الذي كان قائما بين التيارات العروبية في تلك البلدان في مواجهة الانظمة التي كانت سائدة آنذاك، وتستمر هذه الشعبية إلى الوقت الراهن بشكل لا يقبل الشك بأن الأسد رئيس برتبة زعيم.
ولا تحتكر شعبية الأسد التيارات العروبية وحسب، بل تظهر في التيارات الإسلامية المعتدلة التي ترى في الرئيس السوري حالة انسجامية عالية جدا ضمن إيديولوجيا المنطقة في أبعادها السياسية والاجتماعية المتشعبة، لذلك فإن الحديث عن رحيل القيادة السورية كان ضربا من ضروب السذاجة، حيث استعان خصوم دمشق لإخفاءها بالكم الهائل من التجييش في الحرب على سورية، لذلك لم تكن تظهر هذه السذاجة ضمن الازدحامات الخانقة للاستحقاقات والتطورات التي كانت تحيط بالملف السوري.
وعلى الرغم من بدء الحرب على سورية من الداخل السوري نفسه، إلا أن التخطيط لتغيير الوجهة السياسية لدمشق منذ اليوم الأول كان واضحا رغم المحاولات الهائلة لطمسه خلف المواقف الدولية والسيناريوهات الإعلامية التي ضخت في مضاميرها أموال طائلة جدا، وهذا التغيير لم يكن مقبولا على نطاق واسع ضمن الداخل السوري ما منح مزيدا من الشرعية للدولة السورية ومزيدا من المقومات التي تستعين فيها للمواجهة التي لم يكن متوقع لها على جميع الأصعدة، أن تستمر إلى هذا الحد من السنوات.
كان المطلوب أن تتوجه دمشق وبشكل سلس باتجاه واشنطن، لتحمل مع ذلك تغيرات مصيرية في خارطة المنطقة السياسية، كان من شأن هذا الأمر لو حصل أن يحمل معه كوارث لا يمكن إحصاءها في هذا الوقت، لكن مع انعكاس المشروع الغربي وارتداد السحر عليه، لا يمكن إنكار أن ما كان ثابتا قبل الحرب على سورية سيكون أشد رسوخا، لذلك، فإنه من المبرر أن تكون واشنطن وحلفاءها، و«إسرائيل» ضمن هذه الموجة المتوترة والقلقة، أنهم الآن في أكثر المواقف حرجا عبر التاريخ الحديث للمنطقة.