سورية واللعبة الدولية القذرة

سورية واللعبة الدولية القذرة

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٥ سبتمبر ٢٠١٧

ما تم تخطيطه  وتنفيذه في سوريا فاق الخيال وحكايات الأساطير، وقد لا تصدقه الأجيال القادمة من كثرة البشاعات التي قامت بها حكومات ودول تدعي العروبة والإسلام، وتملك خزائن مال البترودولار، وتمثل مشيخات لا علاقة لها بالتحضر والقيم الأخلاقية، وقد صنعتهم الامبراطورية البريطانية، كما صنعت(اسرائيل) وبعد الحرب العالمية الثانية انتقلوا من لندن إلى واشنطن، تماما كما فعل اليهود الصهاينة  شرط القيام بالدور الوظيفي التعايشي الذي فرضته أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، بعد اجتماع روزفلت مع الملك السعودي عبد العزيز نهاية الحرب العالمية الثانية عام1945 والذي أفضى لاتفاق تاريخي يختصر ببندين هما:

1-تحكم الأسر في الخليج الفارسي شرط الحفاظ على المصالح الأمريكية وأولويتها في المنطقة.

2-مساعدة اليهود الذين اضطهدتهم النازية واحتوائهم في فلسطين.

لذلك التزمت تلك المشيخات القبلية بتعهداتها وعززت علاقاتها بالولايات المتحدة، وفق (تعايش) المصالح الاستراتيجية المشتركة، فكانت المواقف لتلك الدول النفطية في معظمها مع بقية الأسر الملكية في المنطقة مترابطة في مصالحها وتعمل كطوق معادي للطوق العربي  في(مصر وسوريا) ضد الكيان الإسرائيلي، فاتخذت تلك المشيخات مواقف معرقلة لأي تضامن عربي حقيقي يخدم القضية المركزية فلسطين، وعلى سبيل المثال نورد:

موقفهم من المد القومي من عبد الناصر و عدوان حزيران 1967 حيث تؤكد الوثائق تمويل وتشجيع العدوان على سورية ومصر من حكام المملكة السعودية.

وأمثلة كثيرة نذكر منها مواقفهم في مؤتمرات القمم العربية ومواقفهم من قضية فلسطين ومن الغزو الأمريكي للعراق 2003 ومعاداتهم للمقاومة وموقفهم من عدوان الكيان على لبنان عام1982  حتى العدوان الإسرائيلي على لبنان 2006 إلى مواقفهم في دعم ما سمي بالربيع العربي القاتل، ومشاركتهم بالتمويل والتحريض والمشاركة في ضرب ليبيا بشكل مباشر والعدوان السافر على سوريا من خلال دعم كل العصابات المسلحة وبكل اتجاهاتها، والسؤال لماذا المطلوب ضرب سورية؟ بعبارات بسيطة  لأنها آخر بلدان الطوق التي لم توقع أية تسوية مع الكيان ولكونها داعمة للمقاومة وجزء من محور معادي (لإسرائيل).

والتساؤل المشروع والواقعي وبعد قرابة سبع سنوات من حرب عدوانية لم تشهدها دولة في العالم هل فعلا نحن أمام نهاية اللعبة الدولية القذرة على سوريا؟

وهل بدأت فعلا الكثير من الدول تغيير مواقفها العدائية ضد سورية؟ وهل أدركت حكومات تلك الدول بأنها أخطأت بتورطها بدعمها للإرهاب؟ وهل ستتوقف فعلا عن دعم الإرهاب وتعيد النظر في علاقتها مع سوريا؟

نعتقد بأن المشاريع المرسومة للمنطقة ستجد البدائل ولن تتراجع تلك الجهات بسهولة وتحاول استغلال عوامل الضعف في البلدان المستهدفة، بحيث تغير وتنوع في طرائق الضغط وبوسائل متعددة (خبيثة) لإبقاء حالة التوتر والصراع، وهذا ما يحصل في غير منطقة وغير دولة (سوريا واليمن وليبيا)أمثلة، والأدوات لا تزال تدعم سرا وعلانية من عدة جهات معروفة خاصة في ظل غياب للقانون الدولي وغياب المساءلة في التدخل في الشؤون الداخلية للدول والذي يعتبر انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة، والحالة السورية أبلغ مثال على التدخل الإقليمي والدولي غير الشرعي وبدون طلب الحكومة السورية، لذلك نعتقد بأن العالم يمر بحقبة (شريعة الغاب) أكثر من أي زمن مضى وفي ظل العولمة والتطور المتسارع للتكنولوجية والصراعات الأيديولوجية والإقتصادية والمنافسة غير الشريفة من الدول ذوات الإنتاج الضخم والشركات العابرة للقارات والمتعددة الجنسيات.

لذلك شركات السلاح تضغط على السياسيين لإيجاد أسواق تصريف خاصة في الدول التي تحيط بها نزاعات مثال (بعض دول الخليجية النفطية) والتي باتت تصرف مبالغ طائلة أنعشت اقتصاديات الغرب عموما وأمريكا خصوصا، لذلك تجارة الحروب تعتبر رابحة، فلا مصلحة لتلك الدول المستفيدة من إطفاء بؤر التوتر في العالم وفي الشرق الأوسط خصوصا ربما لعدة قرون قادمة وينتقل الصراع وينتشر من مكان لآخر، مع ابقاء التوازنات بحيث لا انتصار نهائي لأطراف على أخرى انتصارا نهائيا، لأن صراعا آخر يجهز وهكذا بلعبة قذرة تدار على حساب مصالح الشعوب.

ويمكننا القول بأن وعي شعوب المنطقة وقياداتها الواعية والمتنورة وتعاونها مع الدول (التي ليس لها ماض استعماري) قد يكون خيارا استراتيجيا مجديا، ونظرة استشرافية فيها بعد نظر وتقلل من مخاطر التعاون القسري مع بلدان الغرب (المتوحش) وحضارته الشكلية والمتطفل على خيرات الشعوب منذ الثورة الصناعية وحتى الآن.

ونعتقد بأن العالم على موعد مع تغييرات لا تصب في مصلحة الغرب خلال السنوات القادمة، ومن هنا ندرك أبعاد الصراع في المنطقة عموما وسوريا خصوصا، وسيندم ممولو الحروب ورعاتها حيث لا يفيد الندم.

بقلم الباحث في الشأن السياسي:طالب زيفا