حرب كبرى لترتيب الأوراق.. بقلم: نبيه البرجي

حرب كبرى لترتيب الأوراق.. بقلم: نبيه البرجي

تحليل وآراء

الاثنين، ١١ سبتمبر ٢٠١٧

البلبل الملكي يغرّد. على الضفة الاخرى: الغراب حين يغرّد…
لا نتصور أن الوزير ثامر السبهان يلهو على الشبكة العنكبوتية. تغريدة ثانية في غضون اسبوع ضد «حزب الشيطان» لماذا و… ماذا بعد؟

قيل ان المملكة غاضبة لأن الجيش اللبناني «تواطأ» مع «حزب الله» لاجتثاث تنظيم الدولة الاسلامية، بعد «جبهة النصرة»، من السلسلة الشرقية. وكان الرهان جليّاً على أن يضطلع برابرة الجرود بدور محوري في الضغط على خارطة القوى في لبنان. بالتالي احداث تغيير في المعادلات بالتنسيق العملاني مع المخيمات الفلسطينية والسورية على السواء.

هذا ليس من قبيل الاستنتاج. في اوساط محددة أحاديث عن مفاجآت مثيرة على الساحة الداخلية. المراجع المعنية تعلم كيف أن أجهزة استخبارات خارجية حاولت اختراق مخيمات النازحين، وتشكيل خلايا قتالية تكون جاهزة لساعة التفجير.

اذاً، ما الذي يحمل الوزير السعودي، باللغة الصارخة، على ان يهدد اللبنانيين ليعلنوا موقفهم من «حزب الشيطان» والا. والا ماذا؟
ثمة أشياء كثيرة تعدّ في الخفاء. بعدما سقطت كل المعارضات على الساحة السورية (هل كان باستطاعة ستيفان دو ميستورا أن يدلي بذلك لو لم يكن هذا الرأي الأميركي؟)، لوحظ الانفتاح على العراق. دائماً لماذا في هذا الوقت بالذات؟

أيضاً، لماذا في هذا الوقت تنظيم اسرائيل اضخم مناورة لمحاكاة حرب مع «حزب الله»، قبل ان تشن غارة على موقع عسكري في مصياف. قالت ان الغارةعلى مصنع للصواريخ . لا نتصور ان الاسرائيليين أغبياء لدرجة انهم لا يعلمون ان هذ النوع من المصانع لا يقام فوق الأرض، وفي العراء، بل تحت الأرض وفي امكنة صخرية لا تؤثر فيها حتى القنابل الذكية الكلاسيكية.

المناورة التي توّجت بغارة من الأجواء اللبنانية ارادت توجيه رسائل معينة، وكنا اول من أشار الى أن الاسرائيليين كانوا يزمعون التدخل جواً في حرب الجرود لو لم يتم ابلاغهم بأن هذا التدخل يستتبع، اوتوماتيكياً، حرباً شاملة.

بنيامين نتنياهو قال علناً ان علاقات بلاده مع دول عربية بلغت مرحلة استثنائية. لا نعتقد أن المسألة تتعلق باستيراد البرتقال الاسرائيلي، ولا البطيخ الذي زرعه موشي دايان في صحراء النقب. ثمة معلومات موثقة من مصادر أطلسية وروسية على السواء بأن التنسيق الاستخباراتي والاستراتيجي في مرحلة بالغة الأهمية وبالغة الحساسية.

ماذا وراء الأكمة؟ الصراع السني ـ الشيعي الذي لا نبرىء السعودية وايران من تأجيجه حلّ، والى يوم القيامة، محل الصراع العربي ـ اليهودي، وقد تحول الى نوع من البروباغندا الساذجة ان لم نقل البروباغندا الرثة.

في محافل ديبلوماسية، تأكيد بأن قادة يهوداً سيشاهدون قريباً وهم يطوفون حول الكعبة. بالمقابل، قادة عرب سيشاهدون العام المقبل وهم يطوفون حول حائط المبكى. هكذا يضع اسحق واسماعيل حداً لعقدة قايين وهابيل.

السعوديون ليسوا راضين عن الأداء الأميركي في سوريا، وفي العراق، ولا حتى في لبنان. في هذه الحال، اسرائيل هي « الحل الالهي». الديناصورات الذين يظهرون على الشاشات، وهم يطلقون فتاوى الكراهية والفرقة، على أتم الاستعداد لتأمين التغطية الفقهية لاعلان الاخوّة التاريخية والاستراتيجية والايديولوجية مع اورشليم.

في ضوء تغريدات الوزير السبهان، كلام عن أن لبنان على أبواب أزمة كبرى. الأشقاء ليسوا راضين البتة عن سياسات الرئيس ميشال عون، وكانوا يريدون تكرار تجربة تماثيل الشمع في القصر الجمهوري.

لا بل أن الكلام الاوروبي يذهب الى أبعد من ذلك. تعاون عربي ـ اسرائيلي لحرب كبرى تعيد ترتيب الأوراق، والمعادلات، في سوريا والعراق ولبنان، وصولاً الى اليمن.

ربما فات الأوان عن كل هذا. مسرح اللامعقول في الشرق الأوسط أكبر بكثير من لاعبي الدرجة الثانية!!