حاكمٌ سعوديٌّ للبنان.. بقلم عبد الله قمح

حاكمٌ سعوديٌّ للبنان.. بقلم عبد الله قمح

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٣ سبتمبر ٢٠١٧

يدخلُ الصّالحُ بالطّالحِ في السّياسة السّعوديّة المُمارسَة في لبنان والّتي يبدو أنّها باتت تخضعُ لتردُّداتِ موجاتِ صراعِ التّيارات الدّاخليّة النّاشئةِ في العائلةِ الحاكمة أوّلاً، وثانياً ما تُملِيهِ الضّرورات السّياسيّة في الإقليم، ومن مُوجِبَاتِها إخضاع لبنان للإملاءاتِ السّعوديّة وجعله ورقةً تلعبها المملكة في ترتِيباتِها الإقليميّة الحاليّة الّتي ترسمُ الدّورَ القادمَ بعد ترويضِ الحربِ السّوريّة.

ويبدو أنّ التّرتيبات السّعوديّة في الإقليم سيكونُ لبنان من ضمنِها، إذ ومن المُقرّر أن تُنهي المملكة الفراغ الدّبلوماسيّ لمُمثّلِيتها في بيروت مع الإعلانِ عن تعيينِ سفيرٍ جديدٍ للمملكةِ يُنهي زمن “قائمقاميّة الأعمال” الّتي يُديرها وليد بخاري، والّذي يظهرُ أنّ حُظوظَهُ في تَبَؤ منصب السّفير بعد ترفيعِهِ في السّلكِ الدّبلوماسيّ السّعوديّ مُؤخّراً قد طارت أمام زحفِ الوزيرِ السّعوديّ ثامر السّبهان نحو بيروت.

وثمّةَ همسٌ يجري تَناقُلَهُ لدى صالوناتٍ سياسيّةٍ لُبنانيّةٍ مصدرهُ أقطاب، يُشيرُ إلى نيّةٍ لتعيينِ سفيرٍ سعوديٍّ في بيروت من خارجِ القُطبة العربيّة، لكنّه يحظى بعلمٍ ومعرفةٍ ببعضِ الوجوهِ السّياسيّة اللّبنانيّة. ونقل مرجعٌ سياسيٌّ إلى “ليبانون ديبايت” أنّ الاسم الّذي يَجري تداولَهُ هو “وليد اليعقوب”.

“واليعقوب” يشغلُ حاليّاً منصبَ مُساعدِ الوزير ثامر السبهان، وكان قد عُيِّنَ سابقاً رئيساً لشؤون الرّعايا لدى الدّبلوماسيّةِ السّعوديّة في العاصمةِ الفرنسيّة باريس.

وذاعَ سيطُ “اليعقوب” لبنانياً خلال الفترةِ القصيرةِ الماضية، إذ حطّ مراتٍ عدّة في بيروت بِرفقَةِ الوزير السبهان وشارك في لِقاءاتِ الأخير السّياسيّة، واطّلعَ على تفاصيلِهَا ودوَّنَ مُلاحظاتِها. وتُشيرُ معلوماتٌ حصلَ عليها “ليبانون ديبايت” أنّ اليعقوب زارَ بيروت مُؤخّراً “بصفةٍ سرّيّةٍ” والتقى مرجعيّةٍ سنيّةٍ بارزة ثمّ غادرَ إلى المملكة. وكان قد سبق زيارتَهُ مُشاركته بآخرِ ظهورٍ لـ”السبهان” في بيروت. وسُرِّبَ لموقِعِنَا أنّ “السبهان ألمحَ خلالها إلى نيّةٍ بتعيينِ مُساعدِهِ (اليعقوب) سفيراً، مُحاولاً استطلاعَ رأي المُقرّبينَ منه في بيروت”.

ويُتَوَقَّعُ أن يتمّ التّعيين في وقتٍ قريبٍ جداً وربّما يتزامنُ مع عودةِ السبهان إلى بيروت المُتَوَقَّعَة خلال الشّهرِ الجاري.

وقرأت أوساطٌ سياسيّةٌ في تعيينِ شخصٍ مُقرّبٍ من الوزيرِ السّعوديّ ثامر السبهان سفيراً في بيروت على أنّه “تفويض مُباشر للوزيرِ السّعوديّ في إدارة شؤونِ الملفّ اللّبنانيّ” مُشبّهاً دوره بدورِ “غازي كنعان ورستم غزالة يوم ولايتِهِما على لبنان”، مُتوقّعاً أن يدخلَ لبنان مَخاضَ نهايةِ الحربِ السّوريّة من بوّابة النِّزَاع عليه بين السّعوديّة وإيران، مُلمّحاً أنّ الأخيرة “كلّفت مسؤولاً رفيعاً في خارجِيّتها هو حسين جابر أنصاري إدارة الملفّ اللّبنانيّ”.

وينمُّ هذا التّعيين عن توجّهٍ سعوديٍّ بجعلِ السبهان الذي طُرِدَ من العراق بعد أن كان سفيراً لديه بتهمةِ ممارسةِ التّحريضِ الطّائفي، صاحب اليدِ السّعوديّة في بيروت ومُقرِّر سياساتها التي تُمثّل الجيل المُحافظ النّاشئ في المملكة، والتي يُريدُ قبض أوراق القوّة بين يديه، وهو دليلٌ على رجاح كفّة هذا التّيّار في العائلةِ السّعوديّة وترجمته تقتضي ضمّ كلّ الأوراق وجعلها في جُعبتِهِ وتعزيزِ الأيادي الإقليميّة المُساندة للدّورِ السّعوديّ، وهذا يتّضحُ على مُستويينِ في لبنان عبر إعادة اللّحمة والرّوح إلى الرّابع عشر من آذار، وفي العراق حيث يعمل على تدعيمِ جبهةِ السّعوديّة من خلالِ رَفدِها بشخصيّاتٍ شيعيّةٍ ذات قوّةٍ، وتُجاهرُ العِداءَ السّياسيّ لإيران.