حفل الجنون : النهاية؟؟؟

حفل الجنون : النهاية؟؟؟

تحليل وآراء

الخميس، ٢١ سبتمبر ٢٠١٧

بقلم: نبيه البرجي
لا شيء هناك سوى قهقهات القيصر. دنيس روس استشاط غيظاً لمرأى الدببة الضاحكة. فريد زكريا قال ان المال الذي تدفق على سوريا، والأسلحة التي نشرت على مئات الجبهات  كان يمكن ان تفضي الى تقويض دولة عظمى.
بنيامين نتنياهو الذي كان ينتظر اللحظة التي تنقض فيها دباباته على دمشق لترفرف نجمة داود على ضفاف بردى، لا يعرف ماذا يفعل الان لأن دونالد ترامب لا يعرف ماذا يفعل، كذلك الدول العربية الحليفة، وقد تعهدت باعلان الصلح الكبير (دون حضور الله) بين اسحق واسماعيل. ربما من باحة الجامع الأموي.
الذين خططوا من أجل تحويل سوريا الى حطام لتوزيعها قطعة قطعة ما لبثوا أن ولّوا الأدبار خشية العدوى...
لعلكم تذكرون اصبع رجب طيب اردوغان الذي كان يعتقد ان الدخول الى عاصمة الأمويين على حصان السلطان انما هو الخطوة الاولى نحو استعادة السلطنة بكل بهائها وبكل جبروتها.
وكان سعود الفيصل واثقاً من ان مملكة عبد العزيز ستمتد من البحر الأحمر الى البحر الأبيض (المتوسط)، لتتساقط الدول الخليجية، ومعها العراق واليمن، في قبضة البلاط. لبنان أيضاً جزء حميم من المملكة. أما الاردن فهو منطقة خضراء، ولا مشكلة بين الاسرة السعودية والاسرة الهاشمية.
على الأقل، كل تلك الدول تدور في الفلك  السعودي. المشكلة في سوريا. سمو الأمير قال لوزير مصري انه يقبل باستضافة بشار الأسد، ولكن في الاقامة الجبرية او... الزنزانة. 
حمد بن جاسم آل ثاني أعد العدة ليحكم المنطقة بـ «الاخوان المسلمين»، النيو انكشارية في حضرة النيوعثمانية قبل ان يتفرقوا أيدي سبأ.
روبرت فورد كان يحث الناس على التظاهر في حماه. وتردد انه كان يزمع الصعود الى احدى المآذن ليخاطب اهل المدينة من هناك.
اما لوران فابيوس فكان قد طمأن تل أبيب حول توسيع المملكة الاردنية الهاشمية باتجاه حوران لتستوعب سكان الضفة الغربية. ربما سكان قطاع غزة أيضاً.
حفل الجنون. كل الأصابع احترقت. تركيا على الطاولة مع روسيا وايران. اوساط ديبلوماسية اوروبية تناقش بعيداً من الضوء مسألة طرد
أنقرة من حلف الأطلسي بعدما استعاضت عن الدرع الصاروخية بصفقة صواريخ «اس.اس400». 
السعودية التي فقدت أي امل في أن يكون لها موطىء قدم في دمشق، تبعث بالوزير ثامر السهبان الى بيروت ليتوعد بالويل والثبور أي لبناني يمد اليد الى «حزب الله». لولا الزيارة الأخيرة، وقد حمل معه عشرات ملايين الدولارات، لرأيت اصدقاء المملكة يحجون أفواجاً أفواجاً الى الضاحية.
جوزف ستالين هو صاحب عبارة «الجنرال ثلج». ادولف هتلر، بعد نابليون بونابرت، غرق في ثلوج الشمال. أما حافظ الأسد فهو صاحب نظرية «الجنرال زمن». بعد ست سنوات ونصف، كل الذين تواطأوا ضد سوريا يتآكلون داخل أزماتهم. روبرت فورد هو من قال «التي ظنناها طواحين الهواء طحنت الجميع».
ها ان ستفان دو ميستورا يقول «لا معارضة هناك». نحو ربع مليون مقاتل تم تجنيدهم لازالة النظام زالوا وبقي النظام.
ليس لأنه مثالي في منطقة هي «فردوس التوتاليتاريات»، وانما لأنه، بالرغم من كل مثالبه، يحمل قضية، ولأن الدول التي انفقت عشرات مليارات الدولارات لزعزعته لم تتفق يوماً على رؤية مشتركة، ولا على الصيغة البديلة، لا بل انها أطلقت العنان لكل ذئاب الأرض.
من الآن وصاعداً ستشاهدون العجائب. الصراع على خراب سوريا سيتحول الى صراع حول اعمار سوريا. المسألة لا تنحصر هنا. الدول التي جندت ومولت واستضافت المرتزقة، لا تعرف الآن كيف الخروج من عنق الزجاجة.
لا حل أمام هؤلاء سوى تغطية الأصابع المحترقة بالقفازات الحريرية. هل تصفح دمشق؟ وهل ينسى الياسمين ليلة السكاكين الطويلة ؟
بعد دير الزور مشهدية اخرى في الشرق الأوسط. لو أخذوا بنصائح القيصر في البدايات لما تناهت اليهم قهقهاته في النهايات. هذه ليست دعوة عبثية الى التفاؤل. لاحظتم رقصة دونالد ترامب في نيويورك. رقصة هولاكو !!
"الديار" اللبنانية