كاليغولا… !!.. بقلم: نبيه البرجي

كاليغولا… !!.. بقلم: نبيه البرجي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٦ سبتمبر ٢٠١٧

لو كان بيسمارك على قيد الحياة لقال ثانية ان الله يحب أميركا، ولكن ليس الى هذا الحد…
في المبنى الزجاجي في نيويورك، صاح رجل «انا أميركا». كاد يقول «أنا الله». يفترض بالآخرين ان يطأطئوا رؤوسهم، وظهورهم.

الكرة الأرضية ليست أكثر من مستودع للعبيد.

أول من انحنى ايمانويل ماكرون. كان ضد اي مس بالاتفاق النووي خشية التداعيات الخطيرة على العلاقات الدولية. بعد كلام دونالد ترامب، لاحظ ان الاتفاق غير كاف. انه السيرك الأميركي أيها الغبي.

في نهاية المطاف، لسنا عبيد الله، كما ندّعي، بل عبيد أميركا (هل من تضارب في الصلاحيات؟). رئيس الولايات المتحدة يعلن من منبر الامم المتحدة، المنظمة التي انشئت لتكريس قيم السلام والتعاون بين الامم، اعتزامه تدمير دولة بأهلها لأنها صنعت القنبلة النووية.

من أعطى دونالد ترامب صلاحية تحديد الجهة التي يحق لها حيازة القنبلة والجهة التي لا يحق لها. هكذا كانت تتصرف الآلهة الوثنية (في الميتولوجيا الأغريقية). اله تكنولوجي، ويقول أنا أحكم الكرة الأرضية. اعاقب من أشاء واحطم من أشاء.

هذا رجل لا يشبه جيمس جيفرسون، ولا ابراهام لينكولن، ولا فرنكلين روزفلت، ولا حتى هاري ترومان الذي القى القنبلة على هيروشيما.

في لحظة ما شعر ترومان بهول ما فعلت يداه. خشي أن يتحول الخيار النووي الى «وباء سيكولوجي». وحين طلب بطل الباسيفيك الجنرال دوغلاس ماك آرثر منه استخدام القنبلة لوقف القوات الشيوعية في شبه الجزيرة الكورية، استدعاه على الفور وعيّن مكانه الجنرال ماتيو ريدغواي.

أخلاقياً، لا مجال للدفاع عن نظام ديكتاتوري. ولكن أي مسوّغ قانوني يجيز للولايات المتحدة منعه من امتلاك السلاح النووي، وعلى حدوده 29000 جندي أميركي. هي الدولة التي أقامت، وكرّست، الأنظمة الأكثر عتواً، ومن أميركا الوسطى الى الشرق الأوسط.

موقف لاأخلاقي، دونكيشوتي. بل موقف اجرامي لرئيس غابت عن خطابه اي اشارة الى القيم، والمثل، السياسية في عالم يتحول أكثر فأكثر الى مستنقع للايديولوجيات، والاستراتيجيات، والأسواق، المجنونة.

مهرّج أم قاتل في البيت الأبيض الذي يقتضي أن يضطلع بدور خلاق في ارساء مبادىء للعلاقات الدولية، لا بدور كاليغولا الذي عيّن حصانه كاهناً قبل أن يعينه وزيراً ؟

كاليغولا من يشيع الفوضى على امتداد الكرة الأرضية التي تبدو بأمس الحاجة الى المايسترو الذي يساعد على وضع حد للأزمات الدولية بدل أن يفجرها وفق لعبة الدومينو…

كلام ببغائي، لكنه مثقل بالدلالات، والاحتمالات. موقفه فضائحي من الاتفاق النووي الذي شارك في صياغته أكثر الأدمغة احترافاً في اللعبة الديبلوماسية أو في المقاربات النووية المعقدة.

لطالما راهنا على شرق أوسط آخر يحل فيه التعاون محل التصدع، كمامحل الصراع. هذا باستثناء بنيامين نتنياهو الذي أشاد به ترامب. الاثنان شريكان في تعرية العرب، أثرياء العرب، من ورقة التوت. هنا ورقة التوت مرصعة بالياقوت.

صاحبنا محمود عباس، وهو داخل المتاهة، واثق من أن الرئيس الأميركي سيقدم له الدولة الفلسطينية على طبق من الفضة. مضحك، مبك، رهان رئيس السلطة الذي لم يدرك أن فلسفة دونالد ترامب تتمحور حول استنساخ الأزمات في المنطقة ليبقى العرب في الثلاجة. غالباً ثلاجة الدم.

نعلم انه يبيعنا الهواء، وأن مهمته تفريغ كل صناديق العرب على طريقة شايلوك، تاجر البندقية. لا أثر لاستراتيجية ديبلوماسية عربية تتفاعل مع ديناميات القرن، ولا تظهرنا كما لو اننا لا نزال على ظهور الابل .

الصراع مع بيونغ يانغ كوميديا. الصراع مع طهران كوميديا. كل ما يعني دونالد ترامب المال، ولو وضع الملائكة في المزاد العلني…