هل سنشهد مواجهة روسية أميركية بسبب نفط دير الزور وغازها؟.. بقلم: عبد الباري عطوان

هل سنشهد مواجهة روسية أميركية بسبب نفط دير الزور وغازها؟.. بقلم: عبد الباري عطوان

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٧ سبتمبر ٢٠١٧

لأول مرة، ومنذ بداية الأزمة السورية قبل سبع سنوات تقريباً، تتصاعد احتمالات حدوث مواجهة روسية أميركية عسكرية على أرضية الصراع على آبار النفط والغاز في منطقة دير الزور ومحيطها.

 
فأميركا تريد أن تكون هذه الآبار في يد قوات سوريا الديمقراطية، والجيب، أو الدولة الكردية “المتوقعة” في شمال سوريا، بينما تصر روسيا أن تعود هذه الآبار لسيادة الدولة السورية الشرعية، لاستخدام عوائدها في معركة إعادة الإعمار.

اتهام وزارة الدفاع الروسية للولايات الأميركية بالمسؤولية عن مقتل اللواء فاليري أسابوف، رئيس المستشارين الروس في سوريا، واثنين من العقداء كانوا في معيته، عندما سقطت قذيفة على موقعهم في قرية مراط شرق الفرات، هذا الاتهام هو الأول من نوعه، وأدى إلى تصعيد حدة التوتر بين الجانبين.

قرية مراط هذه تكتسب أهميتها من كونها أول قرية تسيطر عليها القوات السورية الروسية شرق نهر الفرات، واتخاذها كقاعدة للانطلاق نحو السيطرة على آبار النفط والغاز شرق دير الزور ومحاصرة البلدة.

***
الاتهام الروسي الأخطر لأميركا في رأي الكثير من المراقبين يقول بأن موسكو تملك أدلة موثقة بالصور عن وجود تحالف وتنسيق وثيق بين القوات الأميركية الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية، وتنظيم “الدولة الإسلامية” شرق دير الزور.

وكذلك الوقوف (من قبل أميركا) خلف الهجوم الكبير الذي شنته قوات هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) يوم 19 أيلول (سبتمبر) على مواقع خاضعة للحكومة السورية شرق مدينة حماة، انطلاقاً من مدينة إدلب التي تسيطر عليها، بهدف إبطاء تقدم القوات السورية الروسية للسيطرة على مدينة دير الزور وحقول نفطها.

المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء أيغور كونا شينكوف قال اليوم (الثلاثاء) أن روسيا لم تتلق بعد جواباً من أميركا “مع من وضد من تقاتل القوات الأميركية الخاصة في سوريا”.

وأضاف “أود أن ألفت انتباهكم إلى أن الصور التي تبين استيلاء القوات الخاصة الأميركية على مراكز لتنظيم داعش تخلو من أي آثار للاشتباكات، كما لا يوجد أي آثار للحفر الناتجة عن قصف مدفعي أو جوي، وعلاوةً على ذلك كما ترون، لا توجد أي حماية للموقع أو دفاعات”.

الولايات المتحدة الأميركية تلتزم الصمت تجاه هذه الاتهامات، وأخرى مماثلة صدرت عن الجنرال قاسم سليماني، رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني. حيث نفى أي دور لأميركا في محاربة “الدولة الإسلامية” في الموصل أو أي بقعة أخرى من العراق وسوريا، وقال إن الذين سيحتفلون بالنصر على هذا التنظيم الذي بات وشيكاً هم الإيرانيون والسوريون والعراقيون، و حزب الله اللبناني.
العربي اليوم

الأزمة السورية بدأت برفض الحكومة مد أنابيب الغاز القطري إلى تركيا عبر الأراضي السورية، ومنها إلى أوروبا بطلب روسي لأن خط الغاز هذا سيهدد صادراتها إلى أوروبا، ويبدو أنها قد تتحول إلى “مواجهة نفط” أخرى على أرضية مدينة دير الزور.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة عما إذا كانت الحرب على الإرهاب التي أعلنتها أميركا “مسرحية”؟ أم أن الاتهامات الروسية غير دقيقة في هذا المضمار، خاصةً الشق الأخطر منها، وهو التنسيق بين أميركا وتنظيمي “القاعدة” في إدلب شمالاً، و”الدولة الإسلامية” في دير الزور شرقاً؟

ومتى بدأ هذا التنسيق، إذا كان قائماً فعلاً، قبل الأزمة السورية أو في بدايتها، أو العام الأخير منها؟

***
لا نملك حتى كتابة هذه السطور أي إجابات حول أي من هذه الأسئلة، والجانب الأميركي لم يقدم أي أدلة على عدم مصداقية الاتهامات الروسية.

ولكن ما لا يحتاج إلى أي أدلة هو الدعم الأميركي لقوات سوريا الديمقراطية الكردية الطابع، التي تقاتل من أجل السيطرة على مدينة الرقة وحقول نفط دير الزور، وبدأت خطوات إقامة دولة كردية في شمال سوريا بإجراء انتخابات بلدية تتلوها انتخابات برلمانية.

أن تخسر روسيا جنرالاً في وزن أسابوف واثنين من العقداء ما زالت جثثهم تحت سيطرة “الدولة الإسلامية” أو “داعش”، فهذا تحد خطير لها ولمؤسستها العسكرية ربما لا يمر دون خطوة انتقامية، وهي خطوة إذا أقدمت عليها القيادة الروسية قد تشمل استهداف قوات أميركية على الأرض السورية، مما قد يشعل فتيل المواجهة.

الرئيس فلاديمير بوتين رجل مخابرات عنيد، ومن الواضح أن مقتل هذا الجنرال ورفيقيه وضعه في حرج كبير أمام مواطنيه وحلفائه، ولا نعتقد أنه سيكظم الغيظ طويلاً.

ولذلك نختم بالقول أن الأزمة الحقيقية ربما لا تكون استفتاء كردستان، وإنما التوتر الروسي الأميركي على الأرض السورية، مع عدم استبعادنا أن يكون توقيت هذا الاستفتاء، والموقف الأميركي “الغامض” تجاهه، لا يمكن فصلهما عن هذا التوتر وخطط الانفصال الكردي في الشمال السوري أيضاً.. والأيام بيننا.