الإنفصاليون الكرد بين الحلم والحماقة .. بقلم: عمر معربوني

الإنفصاليون الكرد بين الحلم والحماقة .. بقلم: عمر معربوني

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٧ سبتمبر ٢٠١٧

لا يختلف عاقلان ان الأكراد يحوزون الكثير من شروط تشكّل البعد القومي دون ان يكون لهم جغرافيا موحدة ذات سيادة بكل ما تعنيه كلمة سيادة من الدولة الى الجيش ، ولا سبيل للإختلاف ايضاً انّ الكرد قدّموا تضحيات كبيرة على مدى اكثر من مائة عام بمواجهات مستمرة في تركيا والعراق بشكل خاص وبنسب مواجهة اقّل في ايران وسوريا لم تسفر جميعها عن ولادة دولة جامعة ضمن جغرافيا واحدة باستثناء اقليم كردستان العراق الذي نال الحكم الذاتي بموجب دستور العراق الجديد عام 2005 .

بالنظر الى التطورات الناشئة للحرب المستمرة في الإقليم وخصوصاً سوريا والعراق وبعيداً عن لغة الإتهام يبدو الكرد في هذه المرحلة اكثر حيوية في الشكل وفي السلوك بالسير نحو الإنفصال عن العراق وترسيخ معالم الإنفصال في سوريا حيث لا يمكننا الفصل بين تزامن الإستفتاء على الإنفصال في اقليم كردستان وانتخابات الفدرالية في سوريا .

موضوعياً وبشكل واقعي لا يمكن لأحد نكران ان الكرد في هذه المرحلة اكثر توحداً وان ظهرت حالات كردية معترضة على سلوك القادة الكرد الداعين للإنفصال وهذا ما يبدو واضحاً من خلال الإقبال على الإقتراع في مناطق سيطرة الكرد في سوريا والحشود الشعبية الكبيرة التي سبقت الإستفتاء في اقليم كردستان وهو ما يمكن ان يعطي قادة الإنفصال في سوريا والعراق شرعية كردية شعبية .

هذا في الجانب الوجداني الذي يحيط بحركة ومسار الكرد ولكن ماذا عن الأدوار المرتبطة بالمواجهة الدائرة في المنطقة وهل حان فعلاً البدء بإستهداف ايران بشكل خاص من الخاصرة الكردية وابقاء سوريا والعراق في حالة فوضى دائمة ، وماذا عن تركيا واحتمالات دخولها في الفوضى ؟

حركة الكرد الإنفصالية هي النقطة الوحيدة الجامعة بين ايران وتركيا وسوريا والعراق ولكل من هذه الدول مخاوفها ويجمعها عبارة مشتركة واحدة هي المخاطر التي تمس الأمن القومي لكل من هذه الدول وهو ما دعاها لتنفيذ إجراءات حاسمة وخصوصاً تركيا وايران من خلال اغلاق المعابر الجوية والبرية كتدبير تحذيري رغم امكانية الذهاب الى تدبير عسكري مشترك ايراني – تركي – عراقي وهو امر وارد بنسبة عالية .

في مقاربة للوقائع المرتبطة بحدث الإنفصال ورغم الرفض العلني للأميركيين لإستفتاء الإنفصال الاّ ان اميركا هي اكثر المستفيدين من الإنفصال حيث سيؤمن الإنفصال للأميركين ومعهم ” إسرائيل ” عدّة مسائل مرتبطة بمشروعهما القديم الجديد في ابقاء الفوضى بعد وصول الأدوات الإرهابية التكفيرية في سوريا والعراقية الى مشارف الإنهيار الكامل :
العربي اليوم

1-البدء بتهديد ايران من الخاصرة الكردية عبر اقامة قواعد مراقبة واستشعار دائمة وقواعد ارتكاز لكل من اميركا و ” إسرائيل ” وهذا يعني نقل المعركة الى الحدود مع ايران بعد ان عجزت اميركا و ” إسرائيل من اخراج القوات الإيرانية من سوريا او ابعادها عن الحدود مع فلسطين المحتلة في الحد الأدنى .

2- إشغال العراق بحرب جديدة طويلة الأمد تبقي العراق في حالة استنزاف وتمنعه من استعادة قدراته الإقتصادية للشروع في عملية اعادة بناء غير مكتملة منذ ما بعد الإحتلال الأميركي للعراق .

3- بالنظر الى صفقة ال S – 400 بين روسيا وتركيا لا يمكن تفسير هذه الصفقة الإستراتيجية لدولة عضو في حلف الناتو مع روسيا الا بالمتغير الكبير في السياسة التركية فمنظومة S- 400 سلاح استراتيجي خطير وهام لا يمكن لروسيا ان تبيعه لدولة متموضعة في معسكر العدو الا بعد التأكد من حقائق مرتبطة بتغير المواقف التركية وهذا يعني اضافة الى سلسلة التناقضات التركية – الأميركية ان اميركا التي تتحكم بورقة الكرد في سوريا والعراق يمكن ان تفعّل علاقتها باكراد تركيا في حال ذهاب تركيا بعيداً عن الفلك الأميركي ما يعني تهديد تركيا بورقة الأكراد وابتزازها من خلالها .

بالمقابل لا اعتقد ان مجمل الأهداف الأميركية قابل للتنفيذ بعد سلسلة المتغيرات في ميزان القوى الذي يبدو صاعداً لمصلحة محور المقاومة وهابطاً بالنسبة لأميركا و ” إسرائيل ” بالنظر الى حجم وأهمية الإنتصارات التي تتحقق في العراق وسوريا وهي على وشك الوصول الى مرحلة تحقيق الهزيمة الكاملة بالأدوات الإرهابية مضافاً لهذه الإنتصارات الموقف الروسي المتصاعد والحازم كشريك فعلي في الإنتصارات على كل المستويات .

انطلاقاً ممّا سبق يسير الكرد الى حلمهم القاتل بارجلهم منفذين دوراً وظيفياً يتماهى مع الدور الوظيفي للكيان الصهيوني الداعم العلني الوحيد للإنفصال دون ان يتمكنوا من تحقيق حلمهم بفارق ان الثمن الذي سيُدفع سيكون كبيراً .

وعلى ما يبدو فإن قادة الكرد الإنفصاليين يعيشون وهماً ولا يدركون طبيعة المتغيرات المحيطة بهم فسوريا والعراق يسيران بخطى سريعة نحوتحقيق الإنتصار الناجز وايران وروسيا شركاء في النصر وما بعده ومعهما تركيا الساعية الى الحفاظ على امنها القومي والتفتيش عن دور جديد يتناسب مع طبيعة المتغيرات ، ولا حل للأكراد الاّ بالعودة للحوار والتعقل والتفاعل الإيجابي ، وان كان هذا الكلام ينطبق على كرد العراق فهو ينطبق اكثر على كرد سوريا كونهم لا يملكون نفس الشروط الديموغرافية والجغرافية التي يمتلكها اكراد العراق وايران وتركيا .

بيروت برس