وانتهى الصيف ..؟!.. بقلم: سامر يحيى

وانتهى الصيف ..؟!.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ١ أكتوبر ٢٠١٧

بدا فصل الصيف يشدّ إزاره وينوي الرحيل، ليأتي بخريفٍ يمهّد الحياة مجدّداً لعودة شتاء يغسل الأرض مبشّراً بربيع تنهض به الحياة أقوى، وتزدهر، ويبرهن أن أيقونة الحياة مستمرةً في محور العالم والقلب النابض بفضل دماء الشهداء الزكية التي روت تراب الأرض المقدّس، وآلام شعبٍ تحمّل ضغط الحصار والإرهاب والفساد، لكي يعطي للآخرين دروساً بالثبات على المبادئ وعدم الرضوخ والارتهان لأحد، مقاوماً كل محاولات تفتيت نسيجه الوطني، ومحيطه الإقليمي، وانتمائه الراسخ الممتد لآلاف السنين.  
لم يغادرنا الصيف إلا والنجاحات كلّلت كافّة المجالات، رغم مراهنة الكثير، وتضليل إعلامي يشوّه الحقائق، ويضخّم السلبيات، ويغفل الإيجابيات بل ينسفها، ويضع السم في الدسم، والدسم في السم، لكنّما شعبنا بكافّة أوردته، بوعيه وصموده أثبت قدرة على الإبداع والإنتاج رغم الحصار والتهويل والتضليل حتى ممن عاشوا على تراب هذا الوطن ونهلوا من خيراته، وارتضوا بقصدٍ أو بغير قصدٍ أن يكونوا أدوات لتشويه سمعة وقدسية الوطن ومؤسساته، تلك المؤسسات التي أثبتت أنّها الجزء الأساس في الصمود، رغم كل محاولات البعض اليائسة، والكثير من أبنائها كان مثالاً على رفع مكانة السوري وكرامته أنّى كان.
التساؤل المطروح بقوّة، ونحن في نهاية العام، ألا نراجع ذاتنا، إيجاباً وسلباً، على المستوى الشخصي والوطني والدولي، عن إنتاج كل منا ودوره في مؤسسته، وعن المؤتمرات والمعارض والندوات والمحاضرات التي عقدّنا، عن كافّة النشاطات التي قمنا بها، لكي نكون أهلاً للوفاء لدماء الشهداء، نعالج التحديّات ونبحث عن المعوقات، مستفيدين من أفكار الجميع، ضمن إمكانياتنا وقدراتنا وبيئتنا وطبيعتنا ومواردنا المادية والبشرية.
إنّنا قادرون إعادة النظر بما قمنا به، والبحث عن الأداء الأفضل لتفعيل عملية الانتاج وتعويض التقصير، بعيداً عن الخطب الصمّاء والكلمات المعسولة اللامسؤولة، لكي نستقبل العام الجديد، بتطهير التراب الوطني من رجس الإرهاب، وعودة من ضلّل أو أجبر إلى حضن الوطن ليكون فاعلاً متفاعلاً، لا مستسلماً حاقداً منتظراً أول فرصة إغراءٍ ليعود إلى ضلالته، لا سيّما أن محاولات تدمير استغلال ثرواتنا المادية والبشرية لن تتوقّف.
فمشروع الإصلاح الإداري ليس مشروعاً ولد من فراغ، إنّما يستمّد قوتّه من نجاحات الماضي، مستندين لثورة آذار، التي استكملت بحركة التصحيح المجيد، واتبعتها ـ لتواكب عصر السرعة والتكنولوجيا ـ مسيرة التحديث والتطوير، وصولاً للإصلاح الإداري واستكمال إعادة البناء والإعمار، التي هي الإطار لإعادة تقويم وتقييم دور كلٍّ منا في إطار الهيكلية الإدارية لكل مؤسسة، وتفعيل دور كل عاملٍ مهما كانت مرتبته والمهام المنوطة به، لاختصار المسافات وتمتين الروح الوطنية، واستنهاض الانتماء الوظيفي والولاء المؤسساتي، لأنّ مؤسساتنا ليست عقيمة، كونها نابعة من أبناء الشعب، كما أثبتت نجاحاتها وصمودها، فالهيكل العظمي لها قويٌ ومتين، فقط بحاجةٍ لإعادة ضخ الدماء، لتنشيط الخلايا التي تعمل على تدمير الخلايا السرطانية وطردها، أما التغيير والتبديل والإنشاء، سيأتي بشكلٍ طبيعي في سياق النجاحات على أرض الواقع، والنمو السليم والأداء المتطّور لا الكلام المعسول والنظريات.......
والحجر الأساس يحتاج إيمان الموظّف الحكومي مهما علت مرتبته بأنّ دوره خدمة المواطن لا سيّداً عليه، وعملية الانتاج ليست مجرّد تلبية حاجة، بل خطوات سليمة لإدارة موارد الوطن المادية والبشرية بالشكل الذي يؤدي تلقائياً لزيادة دخل المؤسسات وينعكس على الدخل القومي، وإلا سنبقى ندور في حلقة مفرغة لا فائدة منها، وكل منا يحمّل المسؤولية للآخر، ونبتكر مشروعات ونعقد مؤتمرات ولا نحصّل منها إلا ما تفرضه طبيعة الحياة وروتينها المتجدد......  
ان دور مؤسساتنا الوطنية، التمييز بين الاحتياط الاستراتيجي والاحتكار والاستغلال، بين التعاون وتبادل المعلومات والخبرات، بين الأنانية وتحقيق المنفعة الشخصية، وتوحيد جهود القطاع العام والخاص والمشترك لبناء الوطن والاستثمار الأمثل، وإعادة دراسة المنشآت القائمة بهدف تنظيمها والقضاء على الفوضى وتشجيع العمل ضمن إطار القانون والتنظيم الحقيقي، فلا تخلو مؤسسة من مديريات متخصصة.
وعلينا عدم إغفال التواصل مع المغتربين في الخارج عبر سفاراتنا، لاستخدام المنتجات السورية الوطنية، وتشجيع التجار المقيمين في بلدان الاغتراب لاستيراد المنتجات الوطنية وتشجيع استخدامها من قبل السوريين في المغتربات، والبحث عن أفضل الصناعات الممكن إنتاجها في سوريتنا، استناداً لإمكانياتنا وثروتنا المادية والبشرية، مما يساهم بتفعيل وتشغيل يد عاملة، ضمن موارد متوفرة وموجودة،  وكذلك الاستفادة من الصورة الإيجابية التي سينقلها زوار المعارض والاجتماعات التي عقدت، لا سيما معرض دمشق الدولي، وعقد اللقاءات وتكثيف التواصل لفضح زيف وتشويه وسائل الإعلام لحقائق الأرض في سورية، وتوسيع دائرة التواصل مع القنوات الصديقة التي لم تتمكن من الحضور، بغض النظر عن السبب، ومتابعة النشاط والتواصل معهم، فدورنا زيادة الأصدقاء الاقتصاديين، لقطع الطريق على كل من يحاول أو يفكّر بحصار البلد، وتمتين ارتباط المغترب بوطنه.
الدرس الأهم الذي يجب أن نتعلّمه مما نحن فيه، الاستفادة مما مضى، وتوفير دليل وقاعدة بيانات شاملة للمستثمرين وما نحتاجه للتواصل والبناء عليه، وتفعيل عملية الإنتاج بالشكل الأمثل لا العشوائي، وهذا العمل هو السبيل الوحيد للوفاء لدماء الشهداء، وصمود أبناء شعبنا في وجه آفتي الفساد والإرهاب بآنٍ معاً..