انتهاء داعش.. وإثارة سيناريو «القوميّات».. بقلم: سما الخطيب

انتهاء داعش.. وإثارة سيناريو «القوميّات».. بقلم: سما الخطيب

تحليل وآراء

الأربعاء، ٤ أكتوبر ٢٠١٧

إنّ ما حققه الجيش السوري وحلفاؤه من انتصارات تلاقت مع الإنجازات التي حققها الجيش العراقي في الموصل ودحر «داعش» عن معظم الأراضي التي سيطر عليها، وخاصة الموصل التي أعلن منها من يُسمّى «أبو بكر البغدادي» عن نشوء تلك الدولة الإرهابية.. الأمر الذي شكّل نكسة استراتيجية للسياسة الأميركية في المنطقة.

واليوم، وبعد أن أصبحت أيام «داعش» معدودة في كيلومترات محسوبة من الأراضي السورية وكذا العراقية، كان لا بدّ لمن أوجدها وراهن عليها، ونقصد أميركا ومن ورائها «إسرائيل»، أن يبحث عن خطة بديلة بل تتجه نحو خطة «ب»، وهنا لسنا بوارد تعداد المخططات الصهيونية والأميركية تجاه المنطقة والتي باتت معروفة لدى الجميع منذ اتفاقية سايكس بيكو المشؤومة حتى مخاض الشرق الأوسط الجديد وما بينهما..

إلا أنّ «داعش» كانت أشدّ خطورة لكونها ضربت صميم الفكر وتداخلت في خلايا العقل، إلا من كان لها بالمرصاد وتنبّه لخطر تلك الأفكار المسمومة بحجة تعاليم الإسلام السليم كلّ السلامة من مضامينها الإرهابية، فكان الاعتماد على النفس والتنبّه من أخطارها ومحاربة فكرها بفكر المقاومة ومواجهة سلاحها الجاهل بسلاح الوعي.

وكان الإنجاز زوالها وتبدّدها وفشل مشروع تقسيم سورية «أرض الشام». فما حدث في سورية هو سقوط للمشروع الصهيوأميركي الذي كان ينوي من خلال القضاء على الدولة السورية الدخول إلى إيران والوصول إلى البوابة الروسية باستدارة خبيثة، لكن الصمود السوري وحلفاءه كان بالمرصاد، فاستطاع إيقاف هذا الزحف وإفشال مخططه المرسوم.

إلا أنه، وفي الاتجاه الآخر، اتجهت أميركا في تحقيق أهدافها نحو إنشاء كيان جديد تحت مسمّى «دولة كردستان» باستفتاء فقد الشرعية والمشروعية من الوجهة القانونية، وكذلك من الوجهة القومية وما قاله عبدالله أوجلان «دولة كردية كإسرائيل مرفوضة نهائياً». هو التوصيف الأقرب والأصدق لتلك الدولة التي تمّ الاستفتاء لإنشائها.

وبعد فشل سيناريو الحرب على الإرهاب وبهدف تقسيم المنطقة وتفتيتها دويلات طائفية، كمشروع بايدن الذي اقترحه الكونغرس الأميركي في عهد باراك أوباما لتقسيم العراق ثلاث دويلات «كردية وسنية وشيعية»، يلمع في الأفق اليوم سيناريو جديد يعتمد على الإثنيات والقوميات لاستقطاب الغرائز القومية والإثنية، والهدف في السيناريوين واحد وهو «تفتيت المنطقة وتقسيمها».

لكنّ الخطأ الذي ولّد هذه الاستراتيجية الأميركية والصهيونية ليس وليد اليوم وليس من الحق كله أن نلقي اللوم على مخططاتهم الخبيثة، فإنّه وللموضوعية هنا مكانها لا بدّ أن نتحمّل بعض المسؤولية في هذا كله، وبشكل خاص في سورية والعراق المؤلفة من إثنيات عدة بعيدة بعضها عن كونها عربية، إلا أنه كان النظر إليها بتعريبها قسراً، خلافاً لواقع تاريخها، بدلاً من اعتماد النظر إلى المجتمع أنه مزيج متجانس تجمع بين أبنائه وحدة التفاعل والمصير والحياة عبر التاريخ. عليها أن تنصهر داخل حزب ينادي بالعربية، ما أدّى إلى تحويل فسيفساء المكوّنات الإثنية قنابل موقوتة يتمّ استغلالها اليوم. متناسين بأنّ الحلّ الوحيد لتلك المكوّنات هو تطبيق تعاليم الحزب السوري القومي الاجتماعي بحذافيرها، فوحده من تنبّه إلى حقيقة أمتنا السورية وحقيقة أنه لا يميّز بين أيّ كان من مواطنيها إلا بالتقوى الوطنية.

وهنا لا يسعنا سوى العودة إلى ما قاله الزعيم أنطون سعاده «إنّ في سورية عناصر وهجرات كبيرة متجانسة مع المزيج السوري الأصلي يمكن أن تهضمها الأمة إذا مرّ عليها الزمن الكافي لذلك، ويمكن أن تذوب فيها وتزول عصبياتها الخاصة»، لتكون السلالة السورية التاريخية ذات الدور الثقافي الممتاز تاريخياً لامتلاكها عقلاً إنسانياً ممتازاً مبدعاً.

فمبدأ الأمة السورية هو وحدة الشعب السوري المتولدة من تاريخ طويل يرجع إلى ما قبل الزمن التاريخي الجلي. فهذا المبدأ الوحيد الجامع مصالح الشعب السوري الموحّد بأهدافه ومثله العليا المنقذ القضية القومية من تنافر العصبيات الدموية البربرية والتفكك القومي.

فهل يتيقظ شعبنا لخطورة ما يحاك له من خطط معادية ومؤامرات قاتلة مدمّرة؟