ملاحم المجد والبطولة حرب تشرين.. كرامة أمة.. وانتصار شعب.. وأســطورة جيــش يجــدد أيــام الانتصــار

ملاحم المجد والبطولة حرب تشرين.. كرامة أمة.. وانتصار شعب.. وأســطورة جيــش يجــدد أيــام الانتصــار

تحليل وآراء

الجمعة، ٦ أكتوبر ٢٠١٧

حين يأتي تشرين يستعيد التاريخ عبقه، وتتنشط ذاكرته لتستحضر ملاحم من المجد والبطولة والكرامة والنور، وأياماً للانتصار، وكتابة الانتصارات بسطور من ذهب، وحين يأتي تشرين يزداد الإيمان رسوخاً بعزيمة مقاتل سوري عرف بعنفوانه، وعشقه للكبرياء، وإصراره الحتمي على التمسك بأرضه وهويته مهما كانت التحديات، ومهما كان شكل العدو وطغيانه، بعزيمة ذلك المقاتل الأسطوري يكون للكرامة معنى، وللكبرياء صورة في ساحات الشرف، وعلى عتبات وطن مجروح عانى ما عاناه من الإرهاب وويلاته، كما عانى سابقاً من اعتداءات العدو الإسرائيلي، لكنه وطن صامد ومنتصر أبداً بالتضحيات، والدماء الزكية التي قدمها أبناؤه قرباناً رخيصاً على مذبح عزة الوطن وعليائه، فكان لهم ما أرادوا، وانتصروا لعزة تتجدد منذ أربعة وأربعين عاماً، في حرب الكرامة العربية التي خاضها الجيش العربي السوري، كما يخوض اليوم أيضاً حربه ضد الإرهاب نيابة عن الأمة العربية، وعن العالم بأسره.

أيام مشرقة

وفي الذكرى الرابعة والأربعين لانتصار تشرين نستعيد أياماً تشابه ذاك الزمن الجميل حين خاض الجيش العربي السوري معركة الحقيقة ضد الصهاينة المعتدين، مؤمناً بأرضه وكرامته، حين أخذ القرار شجاعاً جريئاً بإعلان الحرب على العدو الإسرائيلي الغاصب للأرض، ومضى في معركة التحرير برفقة الجيش العربي المصري، وأحرار العرب، كما يمضي اليوم مع حلفائه القدامى في حربه ضد إرهاب مختلف الجنسيات، ومن كل بقاع الأرض.

ما أشد تشابه هذه الأيام التي يحقق فيها نسورنا البواسل ضربات ساحقة موجعة تقض مضاجع إرهابيين استباحوا حرمة الأرض، فتراهم محلّقين في السماء السورية بكل شموخ واعتزاز يزيلون أدوات الإرهابيين، ويرسلونهم إلى حورياتهم المزعومة المفترضة، كما فعل أجدادهم في الأيام الخوالي بحرب تشرين التحريرية حين لقّنوا العدو الإسرائيلي دروساً قاسية في الجو لتتهاوى طائرات العدو بعد أن وقعت بين مرمى نيران المقاتلات السورية جواً، والدفاعات الأرضية التي اقتنصتهم من الأرض، وجعلت من طائراتهم وطياريهم كتل نار تضيء السماء، ثم تهوي ويهوي معها حلم قادتهم المزعوم  بالانتشار والتوسع، كما تتداعى أحلامهم المريضة اليوم مع أدواتهم الوهابية بتقسيم الدولة السورية أو تفتيتها، ويبتعد هذا الحلم يوماً بعد آخر مع استمرار الصمود الأسطوري للجيش العربي السوري الذي استحق كل تقدير في كل زمان ومكان قاتل فيه فانتصر.

ما أشد تشابه الأيام والجندي العربي السوري يقاتل بالنيابة عن الأمة العربية مجتمعة ليحفظ ما بقي فيها من كرامة، ويكتب التاريخ مجدداً بحروف الشجاعة والتضحيات، كما فعل في حرب تشرين واستعاد جزءاً من الأرض على خطا تحرير الجولان، واستعادة كل شبر من أية أرض عربية مغتصبة.

ذاكرة متجددة

في صفوف الجيش العربي السوري اليوم مقاتلون أشداء، بعضهم لم يعرف حرب تشرين إلا من كتب التاريخ، وبعضهم عرفتها طفولتهم، وقليلهم فقط خاضوا معاركها، وذاقوا في أيامها طعم المجد والانتصار، وتحطيم أسطورة العدو الصهيوني وسطوته، لكن جميع المقاتلين يؤكدون اليوم أنهم ماضون بعزم وثبات وإرادة لصناعة تشرين آخر في حربهم مع الإرهاب، وعديد الدول التي تدعمه وترعاه، يقول علي حسن، مقاتل في صفوف الجيش العربي السوري: الدماء السورية لا يمكن إلا أن تتجدد وتتوالد وتتقد من بعضها، فهي كما النار المتقدة، والشعلة التي لا تنطفئ، والصمود الذي حققناه في السنوات الماضية لن يضيع قبل أن يتوّج بدحر كل الإرهابيين من كل مدينة وقرية وبقعة في وطننا، ويكمل ذلك الشاب الذي أتم عامه التاسع والعشرين، وأمضى معظم سنوات شبابه في الخدمة، وخاض معارك كثيرة، وعرف طرقاً مختلفة من القتال، متنقلاً بين جبهات مختلفة في الحرب ضد الإرهابيين، فيقول: صحيح أنني اليوم مثل شباب آخرين كثر تعبنا من طول سنوات الحرب، ومن كثرة المعارك التي خضناها ضد الإرهابيين، لكن اليأس لم يعرف طريقه بعد إلى قلوبنا، والعزيمة التي تسكننا تتجدد كل حين، لأننا أصحاب حق وقضية، ونعلم تمام العلم أن من نقاتلهم ليسوا إلا وكلاء ومأجورين للعدو نفسه الذي قاتله آباؤنا في حرب تشرين التحريرية، لذلك نحن ماضون في ثباتنا وقتالنا، وهذه هي رسالتنا في هذه الذكرى المباركة.

رسالة التاريخ

وفي تشرين، شهر الانتصار، يتجدد العهد، لأننا حين نعود بالتاريخ نستذكر العبر، ونستذكر تلك الصفحة ناصعة البياض التي كانت منعطفاً تاريخياً في الحياة العربية، وفي نظرة الجندي العربي السوري إلى نفسه حين استعاد ثقته بقدرته على أخذ المبادرة والانتصار مهما كان نوع العدو، وإمكانياته، وعدته وعديده، لتتأكد رسالة التاريخ اليوم بأن الأصل في أي انتصار هو امتلاك الحق أولاً، والثقة والإيمان بهذا الحق ثانياً، وسورية كانت ومازالت صاحبة الحق الذي تؤمن به، ويؤمن به كل جندي مقاتل في صفوف جيشها، فلا يكل ولا يمل من الدفاع عن أرضه ضد الغزاة والمعتدين، ليقدم للعالم صورة واضحة عن إرادة الشعوب عندما تصمم على استعادة حقوقها المغتصبة، وكما قال القائد المؤسس حافظ الأسد: “ما أُخذ بالقوة لا يُسترد بغير القوة”، وهي رسالة تشرين المستمدة من التاريخ تتأكد اليوم لكل إرهابي معتد راهن خائباً على أموال، وأسلحة، وعقيدة ظلامية مده بها من ذاق مر الهزيمة في تشرين، وتكسّر جبروته تحت أقدام الجيش العربي السوري المنتصر.

محمد محمود