المسؤولية بين الاعتذار والأعذار .. !؟.. بقلم: سامر يحيى

المسؤولية بين الاعتذار والأعذار .. !؟.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأربعاء، ١١ أكتوبر ٢٠١٧

الاعتذار من شيم الكرام، والاعتراف بالذنب فضيلة، والتراجع عن الخطأ إيجابي، وما أحوجنا لثقافة الاعتذار، والاعتراف بالخطأ، فكل إنسان خطّاء، فكيف الذي يعمل، بكل تأكيد قد تبدر منه بعض الأخطاء...
ولكن هل دائماً الاعتذار إيجابي، وهل الاعتراف بالخطأ والتقصير بنّاء، وهل تقديم العذر دائماً يجدي نفعاً، وهل التقصير في موضوعٍ ما، والاعتراف بالتقصير كل مرّة دليل سلامة وجرأة وصدق، أم أنّه دليل فشلٍ، وهل تحميل المسؤولية للآخر أنىً كان هذا الآخر، شيء إيجابي، أم مسألة سلبية بالمطلق، وهل الادعاء بأنّه قدّم أفضل ما يمكن في ظل الممكن شيء إيجابي، أم على كل منا أن يستذكر أنّه وضع بهذا المكان في هذا الظرف بالذات لكي يعمل بأفضل ما يمكن، لا ليقول بأنّه قام بالممكن.
فالاعتذار المتكرر، وتقديم العذر بشكلٍ مستمر، ما هو إلا إهانة لإنسانية الإنسان، وكذلك الاعتراف المستمر بالخطأ والتقصير، فمن يعمل يخطأ بكل تأكيد، ولكن المخطئ الذي يستفيد من خطئه، فيتفاداه بالمرات القادمة، فجميع المخترعون خاضوا عشرات التجارب الفاشلة، وكانت النهاية هي التجربة الناجحة، ولولا التعلّم من الخطأ لما وصل العلم إلى ما هو عليه، أما الاستمرار بتكرار الأعذار، وتكرار الأخطاء، بطريقة أو أخرى، يستدعي منا الحكمة والتفكير والعمل ضمن الإمكانيات المتاحة والموارد المتوفرة، للخروج بأفضل ما يمكن الخروج منه، لا سيّما في العمل الإداري والمؤسساتي، عندما يشكو المسؤول أو الموظّف وحتى المخطط بأننا بحاجة لإمكانيات مادية وبشرية، متجاهلين أننا نعيش في زمن نعاني من إرهاب، وفساد، وحرب لا مثيل لها على سوريتنا، ودور كل منا أن يقوم بواجبه ضمن إمكانياته والبيئة المحيطة به، لا التأجيل والتسويف، ولا يمكن لقائلٍ بأنّ النتائج سنراها في المستقبل، إن لم نلمس آثارها بشكلٍ مباشر، فلا شيء مستقبلي حقيقي، إن لم تكن بوادر نجاحه ومعالجته الأخطاء تبدأ من الآن، ومنذ سنوات يأتي مسؤول ويذهب آخر، ويعمل شيئاً ما، ولكن لا يكتمل لأن مع يأتي بعده يتم رمي كل ما حصل، وعدم الاستفادة من الأخطاء والنجاحات، مما يؤدي لعودة الأمور إلى الصفر، ولا نحقق من نجاح إلا نتيجة ديمومة الحياة وتطورّها التلقائي، وليس نتيجة أداء وعمل هذا الشخص، لا سيّما في بلد لديه مؤسسات قوية تحدّت الإرهاب والفساد وكل محاولات التدمير، وكذلك مبادئ وأسس راسخة، وامتداد حضاري يمتد لآلاف السنين، ليتلاءم مع التطوّرات التي تحصل محافظاً على مكانته وصلابته والقلب النابض الذي يضخ الدم لجسد ليبقى معطاءً مستقلاً سيّد نفسه، فلو جمعنا كل النجاحات، واستفدنا من كل الفشل لحصلنا على نجاحات تعادل كل المخططات والأساليب الجديدة التي نضعها قيد الاختبار ... وهنا التساؤل الذي يجب أن يطرحه أي مسؤول، سواء باستبدال المسؤولية أو باستمراره في منصبه، يا ترى ما حققت، بماذا نجحت بماذا أخفقت، على المسؤول الحقيقي أن يبحث في تاريخ من سبقه، ويخصص فترةً من الوقت من أجل متابعة نجاحات وسلبيات التي مرّت على مؤسسته، ونحن في نهاية العام، بالتأكيد أحوج ما نكون لمحاسبة أنفسنا، ومتابعة ما يحصل وحصل، من أجل تفاديه في المرات القادمة..
إننا نحن أحوج ما نكون للاعتراف بالخطأ، ولكن ليس لمجرد الاعتراف أو الاعتذار، إنّما للاستفادة والبدء بالعمل الجاد على أرض الواقع، وإلا نكون مزدوجي الشخصية، ولا نحكّم العقل والمنطق والخلق، ونضيع الوقت، على حساب دماء الشهداء، وصبر وصمود أبناء وطننا في وجه آفتي الفساد والإرهاب بآنٍ معاً، مما يتطلّب مننا تغيير آليات التعامل الحالية، فالتطور التلقائي يسير بخطواتٍ ثابتة، ودور الموّظف الحكومي، السير وفق هذا التطور التلقائي، من أجل تطوير العمل الحكومي بشكلٍ خاص، والعمل على تجاوز السلبيات، لكي نلمس كل الإيجابيات بشكلٍ مباشر، بالتوازي مع نتائجه في المستقبل الذي ننشده.
من الخطأ بمكان الاعتراف بالخطأ، والاعتذار عن عدم القدرة على تلبية الموضوع لسبب من الأسباب، أو بحجة ضمن الإمكانيات المتاحة، متجاهلين أن سورية ليست دولة غنية إلا بثروتها البشرية وعقول شبابها، وليست غنية بمواردها المادية، وبالتالي نحن بحاجة استثمار هذه العقول البشرية، واستثمار الجهد الإنساني في سبيل تطوير بلدنا، واستمرار رقيّه وتقدّمه، وحضارته التي أثبتت للقاصي والداني أن السوري أينما ذهب فالنجاح حليفه...
لنتوقف عن الاعتذار والأعذار، ونبدأ بالعمل والمراجعة الذاتية التلقائية، فهي السبيل الوحيد لتحقيق النجاح والسير على الطريق الصواب...