هل يفهم “سيزيف” السعودي الرسائل السورية واليمنية والخليجية؟

هل يفهم “سيزيف” السعودي الرسائل السورية واليمنية والخليجية؟

تحليل وآراء

الخميس، ١٢ أكتوبر ٢٠١٧

لم تأتِ “تغريدة” الوزير السعودي ثامر السبهان ضد حزب الله من هباء، رغم رخص قيمتها وسخافة غايتها.. ولعل السؤال الهام هنا: هو هل جاءت هذه “التغريدة” من بنات أفكار وزير البلاط السعودي بتوجيهات من جهات عليا؟

يبدو أن هذا السبهان لم ولن يستفيد من تجاربه السابقة، التي أظهرت كم هو عديم الدبلوماسية، إذ عندما كان سفيراً لولي أمره في عاصمة الرشيد بغداد، أطلق مواقف تنمّ عن عدم وعي وفهم لعمله؛ حينما حاول أن يؤجّج النار المذهبية في بلاد الرافدين، فكان أن طلبت بغداد سحبه، فعاد إلى الرياض ليرقّى إلى رتبة وزير دولة لشؤون الخليج، لتظل فلتات لسانه المبرمَجة على وقع التطورات في المنطقة متواصلة، وتصرفاته خارج اللباقات الدبلوماسية مستمرة، وهو على ما يبدو مكلَّف بنقل الرسائل إلى خارج “الخليج”، ولهذا نكتشف في لبنان مواهبه في خدمة ولي أمره، وهو الذي كان قد تردد أن هناك نية لاعتماده سفيراً في لبنان، فجاءنا قبل أسابيع حاملاً رسائله ودعواته، والتقى بـ”ربعه” زارفات ووحدانا، دون أن يكلّف نفسه عناء لقاء رئيس البلاد.

ويواصل السبهان معارك حرب “البسوس” و”داحس والغبراء”، وربما لأننا دخلنا مرحلة الحداثة حمل سيفه لمواجهة طواحين الهواء، ولهذا ترتفع كمية الحقد السعودي بسبب خيبات الرياض المتلاحقة في كل اتجاه، فهي تلقى الهزائم في سورية، حتى أن بعض جماعاتها يلتحق بأخصام السعودية، فها هو مسؤول الهيئة السياسية في ما يسمى “جيش الإسلام” محمد علوش، والذي موّلته السعودية ووفّرت له كل الإمكانيات المادية والعسكرية، يقرر التحالف مع تركيا ويلتحق بما يسمى “درع الفرات” المدعومة تركياً ، في وقت يضيق الخناق أكثر فاكثر على “داعش”، التي صارت في الأمتار الأخيرة من عمرها.

أما في اليمن، حيث تفعل المملكة الذهبية العجائب، فيخلط طيران تحالفها لحم الأطفال اليمنيين بحليبهم (بالأذن من نائبنا العقاب) بركام منازلهم، لكن معركتهم يبدو أنها ستكون كمعركة “سيزيف”؛ حسب الميثولوجيا الإغريقية، حيث إن “سيزيف” – وهو ابن الملك ايولوس ملك تيساليا وايناريت – يستطيع أن يخدع “إله الموت تاتوس”، مما أغضب “كبير الآلهة زيوس، فعاقبه على فعلته بأن يحمل صخرة كبيرة من أسفل الجبل إلى اعلاه، فإذا وصل إلى القمة تدحرجت إلى الوادي، فيعود إلى قعر الوادي ليحملها من جديد إلى القمة، وبالتالي يظل هكذا إلى الأبد، فأصبح رمز العذاب الأبدي”..

ربما هنا يتجلى لنا ذاك التخبُّط السعودي في كل الاتجاهات؛ هزيمة شنعاء في سورية، مآسٍ دموية في اليمن، تخبُّط وضياع في البحرين، حيث أهلها الأصلاء يصنعون معجزات الصمود باللحم الحي، في وقت يقهقه تميم بن حمد في قطر على خيبة الملك السعودي وولي عهده وحلفهما في الحصارات الثكلى للإمارة الصغيرة والغنية.
العربي اليوم

هل يعي “الزعطوط” أن مشكلات أولياء أمره وخيباتهم لا تحصى، وهاهي تطرق دواخلهم وتبدأ من القصور الملكية والأميرية، وتمتد صراعاً عائلياً واجتماعياً واقتصادياً في كل الاتجاهات، وبالتالي لم يبقَ لهم إلا “شايلوك” الأميركي، الذي بات الأميركيون أنفسهم يشبهونه بدونكيشوت بيونغ يانغ وطهران؟ لكثرة ما يطلق من صراخ ضدها.

هل تتوقف الرياض عن اللعب الخطير والمدمّر على مساحة المنطقة، خصوصاً أمام صراع الموت أو الحياة على العرش، الذي يشتد الصراع عليه داخل العائلة الحاكمة، بحيث إن أي تراجع يهدد مصير الفرع الحاكم؟

ثمة حقيقة هنا، وهي أن الملك السعودي وولي عهده يفتشان عن أي انتصار، سواء في الداخل، حيث الرسائل السليمانية للخارج بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، ليؤكد انفتاحه الاجتماعي، والخطة المجهولة لولي العهد لعام 2030، والتي يعد فيها ببيع كل شيء تملكه الدولة، أو في الخارج، وهنا كانت الرسائل السبهانية اللبنانية بتسوّل حشد دولي ضد لبنان ومقاومته، فكان ردّ سيد المقاومة الواضح والقوي بقطع يد من تسول له نفسه الامتداد إلى لبنان.

في رحلته الموسكوبية، حاول الملك السعودي التأثير على القيصر الروسي بشتى المغريات، لكن كان الجواب واضحاً: “سورية هي خط الدفاع الأول عن روسيا”، في وقت كانت الرسائل الإيرانية واضحة، بردّها بحزم وثبات على تهديدات الرئيس الأميركي، التي تستجيب للتحريض الصهيوني المدعوم برغبات سعودية مشحونة بسخاء مالي قل نظيره، وجعل الخزينة السعودية في حالة عجز، كما جعلها مقصّرة عن شراء الذمم والضمائر، خصوصاً عندنا في لبنان ونحن على أبواب الانتخابات النيابية، وعليها الوفاء بالتزامات حيالها أتباعها، لكن يبدو حتى الآن أن “العين بصيرة واليد قصيرة”.

لا بد أخيراً من نصيحة: إن المغامرات الأميركية والصهيونية والسعودية ضد محور المقاومة إذا بدأت ستكون مكلفة جداً، لان منظومة المقاومة الإقليمية صارت تربطها شبكة مصالح وعلاقات استراتيجية اقتصادياً وعسكرياً وإنسانياً، ستجعل الحرب شاملة من حوض المتوسط إلى الخليج، ولن يبقى مكان يُرفع فيه علم أميركي خارج الاستهداف؛ براً وبحراً وجواً وصاروخياً، وستمثل حتماً تهديداً لبقاء الكيان الصهيوني، ولأنظمة تابعة وعميلة.

أحمد زين الدين/ الثبات