أنبياء المرحلة.. و”غربان” الخراب!.. بقلم: ماهر خليل

أنبياء المرحلة.. و”غربان” الخراب!.. بقلم: ماهر خليل

تحليل وآراء

الجمعة، ١٣ أكتوبر ٢٠١٧

عندما قرر المنتخب السوري خوض مباريات كأس روسيا 2018، لم يكن يفكّر للحظة أن هذه الكرة المستديرة ستُغربل أصحاب المواقف السياسية المحسوبة على “المعارضة” في سورية، وستفصلهم بين “معارض وطني” يحتسب نفسه مع وطنه “على الحلوة والمرّة”، وبين أصحاب مواقف “لئيمة” لا جذور لها ولا حاضر ولا مستقبل، تنطلق فقط من “الكيدية” حتى لو كانت على حساب “وطنهم” الذي يوماً ما شربوا من مائه وكبروا في أرضه.
الثلاثاء، لم تُساعد الظروف والحظوظ منتخب سورية الوطني في الوصول إلى نهائيات كأس العالم، فخسر مباراة “الأمل” أمام أستراليا، هذه المباراة التي اعتبرها كما “المنتخب” المراقبين، الجسر الذي عبر عنه السوريين أزمتهم وتجاوزوا حطام مدنهم ودماء أبنائهم، للوصول إلى سورية الواحدة الموحدة، ليخرج ما يسمّي نفسه “مُعارضاً” كـ”خازوق البحرة”، ويبدأ بحفلة “الشماتة” بمنتخب بلده، معتبراً أنه “منتخب النظام” تارةً، و”منتخب الأسد” تارةً أخرى.
لن نخوض في جدل عقيم وانتقاد طويل لسلوكيات هؤلاء “أشباه” البني آدميين، لكن من المُجدي القول أن هذا المنتخب لم ولن يمثل سوى شعب ووطن عانى الأمرّين في “السبع العجاف”، وبدأ ينهض من تحت الرماد للقول أمام العالم أننا هنا، مازلنا أحياء ومن دماءنا خجلت هذه الحرب. هذا المنتخب المحروم من كل مقوّمات النصر منذ بداية الأزمة في سورية، دخل أهم الملاعب العالمية وقارع أهم الفرق في هذا العالم “الميّت”، لا لأن يقول نحن نمثّل هذا الشخص أو ذاك الحزب أو تلك الطائفة، بل دخل إمّا منتصراً أو منتصراً باسم هذا الوطن الذي كل يوم يمر في تاريخه منذ عام 2011، وهو يقول للجميع لن أسقط.
المُحزن على هؤلاء “الشمّاتين”، عندما يكون من بينهم من يحسب نفسه “مثقفاً” كـ”مكسيم خليل” الذي خرج على مواقع التواصل وتمنّى لمنتخب ما يُفترض أنّه “وطنه” الذي يُكافح من أجله، أن يُهزم في “معركة الأمل”، أو يتهم كل من وقف بجانب منتخب بلاده بـ”الإرهاب”، عندها تصل إلى مرحلة القرف من المعارضة ومن يسمّي نفسه “مُعارضاَ”، تشعر بالاشمئزاز من الحرب والسياسة، فهؤلاء يُفترض أن يكونوا بموقف الجّامع لأبناء وطنهم، وليس بموقف يجعلك تُدرك للحظة أن ليس لهم وطن ولا إنتماء، ليس لهم قيم أو مبادئ، هؤلاء يشعرون من داخلهم بالفراغ المرضي الذي يدفعهم لتنفيس كل الحقد الذي في نفوسهم بأبناء وطنهم، ليس فقط أبناء وطنهم، بل بـ”وطنهم” بذاته، وبالتالي فليسمح لنا أن نسأل “مكسيم خليل”: من ترك والدته في دار العجزة بلا معيل أو مُطمئن عليها، هل يكون له وطن ..؟، هل هؤلاء الذين بكوا وفرحوا في ساحات سورية بكافة الفئات العمرية واختلاف الجنس، هل هؤلاء إرهابيين ..؟، هل هؤلاء قتلة ..؟.
إذا كانوا هؤلاء كذلك .. فأنت من تكون؟.
ماذا ستقول لنفسك غداً وأنت تقول لمن حولك أنك “علماني”، وموقفك تجاه منتخب بلادك يتوائم مع جمهور الإخوان المسلمين” الذين تمثلهم قنوات خليجية ومنابر متطرفة تتغطّى تحت عَلَم ما يسمّى “الثورة”، هل سمعت ما قاله “موسى العمر” أحد منابر تنظيم القاعدة في سورية .. ستتمنّى “الموت” آلاف المرات عندما تكتشف أنك وإياه في ميزان “الإرهاب” وليس من وقف بجانب من مثل بلاده أعرق وأجمل تمثيل ..!!
انتهت المباراة ولم تنتهي الحرب، وقف جميع العقلاء “على مختلف مشاربهم السياسية”، بموقف المؤيّد والمشجّع لمنتخب أبنائه التحقوا من كل حدّ وصوب ليرفعوا اسم بلدهم من خلاله، لكن يوماً ما ستنتهي هذه الحرب، وسيبقى في ذكراها هؤلاء “الشمّاتين الحقودين”، القتلى حتى لو بالكلمة، فمن شجّع إرهابياً ادّعى “الثورة” يوماً ما على “أكل” قلب جندي في جيش بلده، لم نأمل منه يوماً أن يقف إلى جانب منتخب ضرب الحرب بعُرض أحلامه، وخرج من بين الدّمار نسراً سوريّاً يُحلّق في سماء العالم، وعلى جناحية يحمل رسائل السلام لجميع العالم من سورية .. من بلدٍ يخوض حرب ظالمة كمُعظم “مبارياته”، تخوضها دول لا حُلم لها في هذه الدنيا إلا دفننا أحياء كما فعل “الكادر التحكيمي” في مباراة المنتخب الأخيرة وسابقاتها … فما الفرق بينكم وبينهم .. لاشيء!!
انتهت المباراة ولم تنتهي أحلامنا كسوريين .. نعم، خسرنا مباراة لكننا كسبنا وطن للجميع .. خسرنا مباراة لكننا ربحنا احترام العالم الذي طالما لم يحترم إلا الأقوياء .. خسرنا مباراة لكننا لم نخسر كرامتنا .. فكما خُضنا حربنا “بشرف”، خضنا مبارياتنا “بشرف” وخرجنا مرفوعي الرأس مُحترمين .. أما أنتم .. فأينكم من كل هذا الشرف ..؟
عاجل