«داعش» يحتضر ويهدد.. بقلم: يونس السيد

«داعش» يحتضر ويهدد.. بقلم: يونس السيد

تحليل وآراء

السبت، ٢١ أكتوبر ٢٠١٧

رغم الضربات الساحقة التي تلقاها تنظيم «داعش» في معاقله الرئيسية، والتي أدت إلى انهيار مشروعه التدميري ونهجه البربري في المنطقة تحت ستار الإسلام، إلاّ أنه لا يزال قادراً على التهديد والوعيد كما لو أنه في صحوة الموت أثناء الاحتضار.
صحيح أن «داعش» في لحظة انهيار، وأن خطورته تراجعت إلى حد كبير مع فقدانه لمعظم مرتكزاته الأساسية المادية والاقتصادية وهو في طريقه لفقدانه كلها من قواعد على الأرض وإمدادات لوجستية ومصادر تمويل، إلا أنه سيظل، كما يبدو، يشكل صداعاً في رأس العالم، ربما لسنوات عديدة قادمة، وسيظل يمثل تهديداً محلياً وعالمياً بدليل ما نشهده من عمليات إرهابية على امتداد الساحة الدولية، حيث لا يكاد يمر يوم إلاّ وهناك عملية طعن أو دهس أو إطلاق نار بعضها ينسب للتنظيم الإرهابي، والآخر غالباً ما يكون مستوحى من النهج «الداعشي». هذه العمليات الإرهابية والتهديدات التي لا يزال يطلقها، وآخرها على سبيل المثال، التهديد بمهاجمة مونديال روسيا في العام المقبل، تطرح الكثير من الأسئلة حول ما إذا كان تنظيم «داعش» قد استفاد خلال السنوات الماضية من المناخات الدولية المتناقضة في زرع «خلايا نائمة» في العديد من المدن العالمية ويستطيع إيقاظها متى يشاء. كما يطرح أسئلة أخرى حول مدى نجاعة إجراءات الأمن وعمليات التعاون والتنسيق في محاربته على المستوى الدولي.
محلياً، لا ينتظر أن يتلاشى تهديد «داعش» المباشر بين ليلة وضحاها، في منطقة لا تزال تعج بالفوضى والصراعات، والخلايا النائمة، مع ترجيح لجوئه للعمل تحت الأرض، في وقت لا يزال ينشط في العديد من البؤر العلنية رغم سقوط معاقله الرئيسية في سوريا والعراق. وهناك أيضاً زعيم التنظيم والعقل المدبر الذي تضاربت الأنباء بشأن مصرعه، لكن التحالف الدولي يرجح أنه لا يزال على قيد الحياة وهو المعروف عنه قدرته على الاختباء والتخفي على مدى السنوات الماضية.
والأهم من ذلك أن الحواضن التي أنتجت «داعش» بقيت على حالها، أي أن الشرائح الاجتماعية الفقيرة لم تجر أي مراجعة بشأنها ولم تعط جرعة أمل بإمكانية انتشالها من هذا المستنقع. وقد ينسحب الحال نفسه على الساحة الدولية، إذ إن الإجراءات الأمنية وحدها لا تكفي، وما لم يتم مراجعة السياسات العنصرية وتلك المتعلقة بالهجرة والتمييز الطائفي والعرقي ومحاولة النهوض بالشرائح الاجتماعية الفقيرة وإنعاشها، وتوفير حد أدنى من العدالة الاجتماعية، فإنها ستظل بيئة قابلة للانفجار على شكل عمليات إرهابية هنا وهناك.