التوجيه حرية أم تقييد..؟.. بقلم: سامر يحيى

التوجيه حرية أم تقييد..؟.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الاثنين، ١٣ نوفمبر ٢٠١٧

تتبارى وسائل التواصل الاجتماعي في تناول موضوعٍ، يصبح كأنّه قضية العصر، وكلّ يدلو بدلوه وللأسف كثيرٌ جداً ينساق وراءه بانفعالية دون تفكيرٍ، عدا عن قصٍ ولصقٍ وتضليلٍ وتضخيمٍ أو تسخيفٍ وتخوين، وإهمال، والكثير من الأحيان سوء تصرّفٍ من المؤسسات الحكومية، ومن ثم تخمد القضية دون أدنى نتيجة، إلا في خيال البعض، لكنّها تعطي إحباطاً لدى فئة كبرى من أبناء المجتمع، وثغرة لأعداء الوطن للتلاعب بأبنائه، واستخدامها لتمرير مشروعاتهم.
والمزعج بالموضوع أن الكثير ممن يعملون في المؤسسات الحكومية، يتجاهلون التجاوب مع هذه القضايا، بل يعتبرون التجاوب معها إهانة، فهي مجرّد كلام لا أهمية له، ولا مجال لإرضاء الجميع، ولكن دعهم يفضفضون، متجاهلاً أنّه وسيلة من أجل تقويم وتقييم، بدلاً من التجاهل والتخوين والتشكيك، إن استثمرناه بوطنية، فشبابنا ولو من خلف الشاشة، علينا أن نمدّهم بالأفكار والمعلومات الصحيحة، ليكون إيجابياً فعّالاً لا سلبياً، وطنياً لا عشوائياً، وهذا ليس تقييد حريّة ولا كبت رأي، بل هو  عملية تنظيمية إنسانية، فبعض النباتات تنبت في أماكن غير مناسبة، يقوم الإنسان باستئصالها ليعتني بها ويقوم على تربيتها وتدعيمها وتقليمها بمكانها الصحيح، دون التلاعب بشكلها أو رائحتها أو طعمها أو ثمارها، على العكس تكون أنضج وتنمو بشكلٍ أسرعّ وأكثر فائدةً، وكذلك الأفكار وصفحات التواصل الاجتماعي والأخبار والمعلومات التي ترد من هنا وهناك، علينا وضعها بمكانها وضمن إطارها الصحيح بعيداً عن الخطب العصماء والنقاشات العقيمة، والمدح والإطراء، أو السباب والشتائم، بل ممارسة الحقيقة على أرض الواقع، وتعلّم الدروس والاستفادة مما مررنا به، ضمن الأخلاق الوطنية الإنسانية، بعيداً عن التضخيم والتقزيم، مستذكرين دوماً أن الحرية والواقعية والجرأة هي القدرة على نقل المعلومة أو الخطأ أو المشكلة، بوجهة نظرٍ منطقية، بعيداً عن الحقد والانتهازية، ووضع رؤية علاجٍ جديّة، متعاونين مع الجهات المتخصصة لكي تقوم بابتكار آلية العلاج المناسبة، فلا يمكن للكثير التمييز بين الوطن ومؤسسة حكومية وبين موظّفٍ مستغلٍ لديها، مما يتطلب منا إيصال الفكرة للجهات المتخصصة، لتقييم المشكلة وتقويمها ضمن الإطار المنطقي بعيداً عن المهاترات والشعارات الخلابة ودس السم بالسم..  
دون تردد لست دائماً صائباً في كلامي، وقد يتقاطع كلامي مع كلام الكثيرين، وقد يناقض، ولكن كمؤسسة دورها الاستفادة من جميع التجارب للخروج بالصيغة الأنسب، ونقطع الطريق على الانتهازيين والمنافقين، الذين لا مشكلة لديهم بقصد أو دون قصدٍ تدمير الوطن أو فتح ثغرةٍ لأعدائه، ما دامت مصالحهم الشخصية تتحقق، والتبريرات موجودة، والمدافعون عنهم كثر، فالمرتّب لا يكفي، ألست أنت من قبل به، فدورك ليس الشكوى والسرقة بل العمل بما يمكن لتطوير أداء مؤسستك لكي تتمكّن من زيادة مرتّبك. الإمكانيات والموارد غير كافية، الظروف غير مناسبة، يجب أن تدرك أن مؤسستك مستهدفة، إذاً دورك البحث عن حلولٍ واختراع أفكارٍ تساعدها على الانطلاق وتفعيل عملية الانتاج ضمن هذه الإمكانيات لمجابهة التحديّات، ولنستذكر الجندي العربي السوري موجودٌ بكل مكان لتطهير ثرى الوطن المقدّس من الإرهاب، لا يضع التهمة على بردٍ أو حرٍ أو خوفٌ من موتٍ أو مرتّب لا يكفي، وواجب بقية أبناء المجتمع كل من مكانته ومكانه العمل على إعادة تفعيل عجلة الإنتاج وتحقيق الازدهار في وطننا، وواجب المؤسسات الرقابية والمحاسبية القيام بدورها في محاربة الفساد ضمن الآليات المتوفرة، ولا بد هنا من الإشارة إلى أنّ "المرض لا يمكن الشفاء منه دون تشخيصه، وتناول العلاج ضمن جدولٍ زمني محدّد، فلا تناول الدواء كله بيومٍ واحدٍ يجدي نفعاً، فينعكس سلباً، وتأجيل العلاج ليأتي الظرف المناسب، قد يأتي الظرف المناسب ولا يوجد أمل بالشفاء، بل علينا القيام كل بدوره لعلاج المشكلة بحكمةٍ ومنطقٍ، لا تأجيل ولا تعجيل ولا إهمال ولا تقصير ولا تسويف، إنّما باتزانٍ وحكمةٍ ووفق كل حالةٍ، بعيداً عن الارتجالية، لأن الارتجالية من أي مسؤولٍ أو حتى موظّف حكومي غير مقبولةٍ إطلاقاً، فلا توجد مؤسسة إلا ولها هيكل تنظيمي، مهما كان قديماً أو مترهّلاً، كان جزءاً أساسياً في الصمود بوجه أعداء الوطن، وما يحتاجه هو تفعيل دور الجميع مستفيدين من الإيجابيات للقضاء على العيوب وسد الثغرات.
وطننا ينادينا جميعاً، ولا يحق لأحدٍ مهما كان مؤسسة أو مسؤول، أن يبدأ من الصفر، فلا توجد مؤسسة تبدأ من الصفر حتى ولو كان تأسيسها حديثاً، لأن تأسيسها جاء بناءً على قرارٍ ودراسة ولم يأت من فراغ أو لإرضاء أحد، فقط يحتاج الانطلاق من الأرضية بشكلٍ جدي، لاستكمال النقاش والحوار البنّاء الهادف، وقتها سيكون لكل عنصرٍ في مؤسسته دوراً رائداً مهما كان بسيطاً، ولكل زاوية في المؤسسة دوراً إنتاجياً مهما ظنناه مهملاً..