الرقص على رؤوس الثعابين.. بقلم: نبيه البرجي

الرقص على رؤوس الثعابين.. بقلم: نبيه البرجي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٥ ديسمبر ٢٠١٧

انه الرقص على رؤوس الثعابين...!
ذاك الاصرار على الهيستيريا القبلية في الأداء الديبلوماسي والسياسي الذي حدث مع الرئيس سعد الحريري هو اللامعقول، حتى اللامعقول الأخلاقي الذي أثار ذهول المحافل الدولية على اختلافها.
السيناريو الفظ، والقبلي، والشنيع، انتهى الى ما انتهى اليه، في حين نضحك على أنفسنا، بصياغة نص لبيان حول رؤيتنا لذلك المصطلح الملتبس «النأي بالنفس»، كما لو أن الذي جرى مع رئيس حكومتنا لا يعني أن الآخرين لا يختالون داخل هياكلنا العظمية.
نحن ننأى بأنفسنا؟ لن نهمل التصريحات الصارخة لبعض المسؤولين الايرانيين الذين يتعاملون معنا كخدم في بلاط كسرى أنو شروان. ولكن أليس ما يقوم به البلاط السعودي ينتهك، بالهيستيريا القبلية اياها، سائر القيم السياسية، والايديولوجية، والفلسفية، للدولة في لبنان؟
قال لنا ثامر السبهان «يجب...». لم نسمع صوتاً يعترض من «حلفاء» المملكة على العصا التي ترمي بأنوف بعض قادتنا الى القطط. هذا قبل أن يتفوه بالكلمة ذاتها التي أطلقها الحاخام النيويوركي شمولي أبو طيح في وصف «حزب الله» بـ«حزب الشيطان».
السبهان توارى. هذه تقاليد البلاط. هل يعني اخفاق السيناريو أن يتخلى عادل الجبير، وهو الديبلوماسي المحترف الذي نعلم من هم اولياء أمره في واشنطن، عن الحد الأدنى من اللياقة، ويتهم المصارف اللبنانية بالعمل لحساب «حزب الله»؟
نعلم كيف يترعرع هؤلاء. ونعلم أنه لا يمكن لرجل مثل الجبير أن يلامس عقل شخصية فذة مثل بنيامين فرنكلين. انه رجل جون ماكين، ورجل لاندسي غراهام، وانه رجل دنيس روس واليوت ابرامز في الكونسورتيوم الأميركي.
لا بل انه رجل اللوبي اليهودي الذي اذ يتواجد في جدران البيت الأبيض، يرابط في أروقة الكونغرس، كما يمسك بالكثير من الخيوط في وزارة الخزانة. حتى الوزير ستيفن مينوشن، الآتي من دهاليز وول ستريت (كان مديراً لبنك غولدمان ساكس ابان أزمته الشهيرة)، لم يتلفظ بمثل ذلك الكلام، وهو الذي يرصد مجهرياً، وعبر مساعده لشؤون مكافحة الارهاب آدم زوبين، دخول وخروج الهواء في مصارف لبنان.
 هنا التحريض ليس ضد «حزب الله»، وقد استنفد مسلسل الحملات أغراضه، بل انه يتوخى تفجير الدولة اللبنانية التي مثلما نرفض أن تكون ضاحية لطهران، نرفض أن تكون ضاحية للرياض.
لا مجال للحديث (الساذج) عن صلات الأخوة. ما جرى بين السعودية وقطر يظهر الى أي مدى نفتقد، كعرب، الحد الأدنى من المناقبية السياسية في التعاطي مع بعضنا البعض. القطريون المقيمون في المملكة اقتلعوا من منازلهم، ومن أشغالهم، حتى أن الجمال، وعددها يناهز العشرة آلاف، التي كانت في المراعي السعودية لقاء بدلات مرتفعة، دفعت في اتجاه الحدود القطرية لتموت جوعاً وعطشاً في الصحراء.
ماذا يريد عادل الجبير الذي اتفق مع جاريد كوشنر على خارطة طريق تحدد المسار الاستراتيجي للتواثق مع اسرائيل، وفي ملفات المنطقة كافة.
هو صاحب النظرية القائلة ان العلاقات السرية، في هذه الحقبة، أكثر جدوى، وأكثر فاعلية، لأنها لا تزعزع فحسب، بل تزلزل، أعصاب العدو الذي يظل رهين الاحتمالات.
نسأل الوزير السعودي أين كانت العباءات، واللحى، حين كان الاحتلال يقتل الأطفال، ويدمر حتى حقول الأقحوان في الجنوب اللبناني؟
سقوط السيناريو في لبنان، دون أن تقفل العيون الحمراء، ودون أن ندري كيف لعبد الملك الحوثي الذي يقول بالنقاء الثوري، وبالتحديث، وبالعدالة، أن يتعامل مع علي عبدالله  صالح، الأفاك، الذي كان قهرنامة للبلاط والذي شرّع أبواب صنعاء أمام القبائل.
في الغرف المقفلة، حديث عن «ورقة كوشنر ـ الجبير». خطة جهنمية ضد ايران و«حزب الله» في سوريا. ماتسرب من الورقة الى أوساط خليجية يشير الى «هزة عسكرية كبرى»...
هل يكون مآل السيناريو السوري مماثلاً لمآل السيناريو اللبناني، وربما على الطريق السيناريو اليمني؟ انه الرقص على رؤوس الثعابين!