احتفالات رأس السنة والذئاب المنفردة في أوروبا..!

احتفالات رأس السنة والذئاب المنفردة في أوروبا..!

تحليل وآراء

الجمعة، ٢٩ ديسمبر ٢٠١٧

يقول المثل الانجليزي "من الأفضل مجابهة الخطر مرة واحدة بدلا من البقاء دائما في خوف وهلع"، ولكن على ما يبدو أن الانجليز ومن خلفهم دول أوروبا لم يقرأوا هذا المثل أو تجاهلوه خدمة لمصالحهم السياسية التي بدأت نتائجها تنهش بلادهم من الداخل وتُدخل الزعر والرعب إلى نفوس شعوبهم الآمنة وتسرق منهم متعة الحياة والأعياد.

وبما أننا نمر خلال هذا الشهر بأعياد رأس السنة الميلادية لايبدو أن الشعوب الأوروبية بأحسن حالاتها والسبب "التهديدات الإرهابية" التي أثقلت كاهل الشعب وسرقت منه فرحة العيد، وقبل اقتراب هذه الأعياد لوح تنظيم "داعش" الإرهابي بتحويل احتفالات الكريسماس إلى "برك من الدماء"، وكان لتلك التهديدات رد فعل من قبل حكومات بعض الدول الأوروبية التى تعاني من وجود متطرفين وعلى رأسهم فرنسا وبلجيكا.

قلق وزعر يسيطر على المشهد الأوروبي خلال احتفالات هذا العام وهناك مخاوف كبيرة من لجوء عناصر داعش إلى استراتيجية الذئاب المنفردة والتي هدد التنظيم من قبل باستخدامها في أوروبا، ودعا التنظيم أتباعه إلى استهداف أعياد الميلاد بطرق مختلفة، مثل ضرب سكك القطارات، واستهداف الملاهي، والتجمعات.

الحلول الأوروبية

تجاهلت أوروبا المثل الانجليزي الذي ذكرناه في بداية المقال وبدلا من ذلك أصدرت عدة دول غربية عدة توجيهات لمواطنيها بالهدوء والحذر أثناء الاحتفالات برأس السنة وأعياد الميلاد. وقالت وزارة الخارجية البريطانية في تحذير أصدرته أن المحتفلين قد يلاحظون وجود إجراءات أمنية مشددة في أماكن الاحتفال، وطالبتهم بالهدوء أثناء الاحتفال عبر المدن الأوروبية.

أما بلجيكا التي تحتوي قاعدة كبيرة من المتطرفين وجدت الحل بتمديد بقاء عناصر الجيش في الشوارع والميادين، والذين يقدرون بـ1000 جندي، وجاء القرار استجابة لتوصيات من أجهزة المخابرات، كما رفعت حالة التأهب الأمني إلي رقم3 وهي أقل بدرجة واحدة من حالة الطوارئ.

وكذلك الحال بالنسبة لفرنسا واسبانيا، وفي محاولة منه لبث الرعب في نفوس الأوروبيين تعهد تنظيم داعش الإرهابي بتنفيذ هجمات في أوروبا من خلال صورة نشرها علي منصاته الإلكترونية مكتوب عليها بأربع لغات "قريبا في أعيادكم".

طباخ السم يتذوقه

الدول الغربية حذت حذو الولايات المتحدة الأمريكية في موضوع التعامل مع الجماعات الإرهابية ويمكننا أن نلخص تعاملها مع هذا الملف الخطير ونتائجه بالتالي:

أولاً: لم تبدي الحكومات الغربية أي جدية بالتعاطي مع موضوع مكافحة الإرهاب وما فعلته يمكن تشبيهه بعملية "التقليم" لهذه المنظمات وبالتالي تفعيلها أكثر في أوقات معينة تحددها المصالح الغربية وتقويتها أكثر من أي وقت مضى، والغاية من هذا محاربة أعداء المشروع الغربي في الشرق الأوسط ولكن على ما يبدو أن هذه الجماعات بدأت تخرج عن سيطرة الحكومات الغربية وتسبب لها قلق مزمن.

ثانياً: هذه السياسة الغربية كان لها نتائج سلبية على الداخل الأوروبي والأمريكي وهي اليوم تتلمس نتائج سياستها مع الجماعات الإرهابية، إذ لا يمكن للغرب أن يتبع سياسة مليئة بالإزدواجية مع مكافحة الارهاب ويبقى بمنأى عن عواقب تبنيه لهذه السياسة.

ثالثاً: عندما عجز الغرب عن مكافحة الإرهاب، بدأت دول أخرى أبدت جدية أكثر مع هذا الموضوع  بمحاربته وحققت نتائج فعالة على الأرض ونذكر من هذه الدول "روسيا وإيران" اللتان ساهمتا إلى حد كبير في إخراج التنظيم الأسود من العراق وسوريا وهذا ما عجزت عنه أمريكا والغرب على مدار عقدين من الزمن، واليوم وبعد طردهم من سوريا والعراق تعاني أوروبا من خطر عودتهم إلى القارة العجوز التى بدأها مقاتلو تنظيم داعش الإرهابي بعد هزيمتهم فى ميادين سوريا والعراق.

أوروبا هي من سهلت خروج عشرات  الآلاف من المتطرفين من بلادها إلى منطقة الشرق الأوسط للمشاركة في اسقاط الأنظمة من ليبيا إلى سوريا، حتى أنها تغض النظر عن تحركاتهم في بعض البلدان وتقدم لهم الدعم في أماكن نشاطها خارج الدول الغربية، ولكن هؤلاء المتطرفين تكبدوا بخسائر فادحة في العراق وسوريا، فهل تستطيع أوروبا تحمل نتائج عودتهم إلى بلادها؟!.

ولمن يعتقد بأن هذا التطرف يختصر على جماعات اسلامية متشددة، فيمكننا توضيح الأمر بأن هناك المئات من المواطنيين الأوروبيين انضموا إلى هذه الجماعات وهم غير مسلمين، مثال: الأراضي البلجيكية تعد قاعدة تحتضن العديد من المنظمات الإرهابية، ومن بينها "داعش" أيضا. وكانت التحقيقات الجنائية أظهرت أن التفجيرات التي تعرضت لها العاصمة الفرنسية باريس يوم 13 نوفمبر / تشرين الثاني 2015، وأودت بحياة 13 شخصا، قد تم التخطيط لها في بروكسل، وأن المنفذين إما بلجيكيون أو فرنسيون يقيمون في بروكسل.

المشهد اليوم في أوروبا

قالت صحيفة "مترو" البريطانية، إن تنظيم "داعش" الإرهابي وجه تهديدا جديدا بشن هجوم على مدينة "نيويورك"، في عيد الميلاد (الكريسماس)، وجاء التهديد عبر صورة مرعبة تظهر "سانتا كلوز" (بابا نويل) يقف على سقف مبنى منخفض وبجواره صندوق من الديناميت، في ميدان "تايمز سكوير"، أكثر المناطق حيوية في المدينة.

وتداول هذه الصورة أنصار التنظيم عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وكتب على الصورة: "نلتقي في عيد الكريسماس في نيويورك.. قريبا"، وتعتبر هذه الصورة أحدث تهديدات "داعش" لتنفيذ هجمات خلال أعيد الميلاد في جميع أنحاء أوروبا وأمريكا.

وأرسل التنظيم مؤخرا تهديدات بتنفيذ هجمات في أوروبا من خلال صورة أيضا مكتوب عليها بأربع لغات، العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية، "قريبا في أعيادكم"، ويظهر في الصورة أحد أفراد التنظيم مقنع ويرتدي ثياب سوداء المعروف بها التنظيم، فوق سانتا كلوز (بابا نويل)، رمز احتفالات عيد الميلاد، في شارع "ريجنت" في لندن، وأضواء عيد الميلاد في الخلفية.