أميركا ـ تركيا: أهداف واحدة.. ماذا لو تغيّر تموضع التنظيمات «الكردية»؟ .. بقلم: معن حمية

أميركا ـ تركيا: أهداف واحدة.. ماذا لو تغيّر تموضع التنظيمات «الكردية»؟ .. بقلم: معن حمية

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٤ يناير ٢٠١٨

ما يظهر للعلن من تباينات بين الولايات المتحدة الأميركية وتركيا، ليس كافياً لإثبات حصول افتراق أميركي ـ تركي، وتحديداً بما خصّ أهداف الحرب العدوانية على سورية. فالجانبان الأميركي والتركي يعملان لفرض أمر واقع تقسيمي ولتثبيت احتلالهما المباشر لمناطق عدة في شمال سورية.

إنّ الأهداف المشتركة الأميركية ـ التركية تظهر واضحة من خلال الخطوات المنسّقة بين الدولتين، فبعد أيام قليلة على إعلان الولايات المتحدة عن تشكيل قوة من 30 ألف عنصر في مناطق شمال سورية، أطلقت تركيا عملية عسكرية تستهدف مدينة عفرين السورية. وهذا إن دلّ على شيء، إنما يدلّ على أنّ العملية العسكرية التركية ضبطت على توقيت الإعلان الأميركي.

أما دعم واشنطن لمجموعات تعتبرها أنقرة إرهابية، فلا يشكل سبباً للافتراق بين الولايات المتحدة وتركيا، لأنّ المجموعات التي تدعمها واشنطن، وتحديداً «قسد»، عاجزة عن إقامة كيان انفصالي في شمال سورية من دون تغطية أميركية. والواضح أنّ أميركا لن توفر الغطاء لقيام كيان عرقي انفصالي، لأنها تدرك جيداً أنّ الواقع الديموغرافي للمناطق التي تسعى لجعلها قواعد دائمة لها، لذلك فهي تستخدم «قسد» لتحقيق هدفها بإقامة قواعد لها، وليس لإقامة كيان عرقي. وبالتالي لا يضير واشنطن أن تقوم تركيا بعمل عسكري يهدف إلى احتلال أراضٍ سورية بذريعة القضاء على تنظيمات كردية تضعها تركيا على لائحة الإرهاب. وبالتالي فإنّ الموقف الأميركي الذي يحث تركيا على «ضبط النفس» والحدّ من عمليتها العسكرية في سورية، لا يعدو كونه محاولة لحرف الأنظار عن حقيقة التلازم والترابط في الأهداف المشتركة بين الأميركيين والأتراك.

الذي عجّل في أن تكشف الولايات المتحدة الأميركية عن أهدافها في سورية، وسرّع في الهجوم التركي على عفرين السورية، التقدّم السريع للجيش السوري وحلفائه وتحرير عشرات القرى والبلدات في أرياف حماه وحلب وإدلب، وصولاً الى مطار أبو الضهور. ليبقى السؤال: هل ستنجح واشنطن وأنقرة في وضع خطوط حمراء أمام الجيش السوري وحلفائه أم ينقلب السحر على الساحر؟

لا شك في أنّ الهجوم التركي على عفرين السورية، ستكون له تداعيات على أكثر من صعيد، فالدولة السورية بلسان رئيسها، اعتبرته عدواناً غاشماً ومسّاً بالسيادة السورية، ولذلك فإنّ سورية ستقوم بالخطوات المطلوبة لمواجهة هذا العدوان على أكثر من صعيد، كما أنّ خيار المواجهة العسكرية لن يكون مستبعَداً، في حال طرأ تحوّل لدى التنظيمات الكردية السورية. فحين تعلن هذه التنظيمات تموضعها في الخانة السورية تتغيّر أمور كثيرة، ومن شأن هذا التحوّل إنْ حدث، توجيه ضربة مزدوجة إلى كلّ من أنقرة وواشنطن.

الأميركيون وحلفاؤهم دفعوا بمسعود البرزاني وجماعته نحو تكريس واقع انفصالي في العراق، لكنهم تخلّوا عنه أمام الهجوم المضادّ. هذا ما يملي على التنظيمات الكردية السورية أن تعي جيداً أنّ الرهان على أميركا وحلفائها رهان خاسر، وأنّ مشروع تفتيت سورية وتجزئتها قد سقط، وأنّ لأميركا وتركيا هدفاً عدوانياً مشتركاً يستهدف سورية والسوريين دونما تمييز أو استثناء.