سوتشي.. نقلة نوعية.. بقلم: عمار عبد الغني

سوتشي.. نقلة نوعية.. بقلم: عمار عبد الغني

تحليل وآراء

الأربعاء، ٣١ يناير ٢٠١٨

بالنظر إلى التحضير الذي ترافق مع الدعوة إليه، ينتظر أن يحرك مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي المياه الراكدة للحل السياسي، وخاصة أن الطيف المشارك فيه يمثل شريحة شعبية واسعة يمكن اعتبارها ممثلاً حقيقياً للشعب السوري لكونها انطلقت من سورية وتدرك تماماً واقع الحال وتحمل أجندة وطنية بعيدة عن أي إملاءات خارجية وتحلم بعودة سورية المستقرة المحافظة على الثوابت والحقوق واللاعب الرئيسي في المنطقة، لا كما حاول بعض ما تسمى بـــ«المعارضات» تمرير حلول على مقاس مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض دول الخليج في سبيل تحويل سورية إلى دولة فاشلة لا حول لها ولا قوة. ولأن وقائع الميدان باتت لا تخدم المشاركين في الحرب على سورية، لم يجد بداً من الإيعاز لــ«الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة، والتي تتحكم بها الرياض، لرفض المشاركة بالمؤتمر، في محاولة لإفشاله قبل أن يبدأ، لكن رد موسكو جاء سريعاً عندما أكدت الخارجية الروسية أن عدم مشاركة هؤلاء «لن يؤثر مطلقاً على المؤتمر»، وهذا يؤكد أن شكل الحوار سيأخذ طابعاً مختلفاً عن الذي شاهدناه في جولتي جنيف وفيينا الأخيرتين، تبدل تفرضه انتصارات الجيش العربي السوري في الميدان على الإرهاب والتي أفقدت أميركا وحلفاءها أهم الأوراق التي كانت تتكئ عليها في مساعيها التعطيلية.
بعبارة أخرى، قواعد الاشتباك تغيرت في هذه المرحلة، ويعد مؤتمر سوتشي بداية لمرحلة جديدة مختلفة عما سبق، وسيرسم الخطوط العريضة للحل، حيث سينسحب البساط من تحت بعض المعارضات التي كانت تدعي أنها تمثل الشعب السوري ووجدت نفسها في هذه المرحلة لا تمثل حتى نفسها بعدما وضعت كل بيضها في سلة واشنطن والرياض، ولن يطول الوقت حتى يتم الاستغناء عنها كما حدث مع غيرها عندما انتهت مدة الصلاحية.
لذلك يمكن القول: إن سوتشي يمثل نقلة نوعية في مسار الأزمة لكونه يطرح أجندة تمثل آمال السوريين وآلامهم، أي آمالهم بالانتقال نحو مستقبل أفضل عبر حوار بناء يعالج السلبيات ويبني على الإيجابيات ويحافظ على مؤسسات الدولة، وآلامهم من الإرهاب العدو الأول للسوريين على مختلف انتماءاتهم ومشاربهم والقضاء عليه والتخلص منه يمثل رأس الأولويات، وبالتالي عندما يبدأ الحوار من هذه النقطة فالمؤكد أننا سنشهد شكلاً آخر من المحادثات التي يمكن من خلالها التوصل إلى نقاط مشتركة عدة يبنى عليها للخروج بحلول وسط ترضي جميع الأطراف وتتناسب مع التضحيات التي دفعتها سورية خلال أشرس حرب عرفتها في تاريخها.
يمكن القول: إننا أمام مرحلة مفصلية وعلى المشاركين في المؤتمر اغتنام الفرصة وأن يكونوا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم، حيث تكون مصلحة الوطن العليا الهاجس الأول أمامهم، ولا شك أن الأصدقاء في روسيا سيمثلون في المؤتمر عاملاً مساعداً في نجاحه كي يكون منطلقاً للحل ويؤسس لسورية الجديدة الخالية من الإرهاب وكل أشكال الوجود الأجنبي غير الشرعي على أراضيها، والأنموذج الذي يحتذى للدولة المعاصرة.
سورية التي سيشكل انتصارها بداية لعصر خال من هيمنة القطب الواحد والنظيفة من كل أشكال تلك «المعارضات» التي تآمرت على بلادها وآثرت على نفسها أن تكون دمى يحركها أسيادها «الكثر».