سورية والعراق ومرحلة التحديات المقبلة.. بقلم: تحسين الحلبي

سورية والعراق ومرحلة التحديات المقبلة.. بقلم: تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٦ فبراير ٢٠١٨

حين يعلن أكثر من مسؤول أميركي أن الوحدات العسكرية الأميركية الموجودة في منطقة شمال شرق سورية لن تنسحب إلا بعد انتهاء وجود داعش من تلك المنطقة، فهذا يعني أن الإدارة الأميركية التي انتهكت السيادة السورية وأدخلت وحدات عسكرية إلى أراضيها بزعم «محاربة» داعش أصبح من مصلحتها استمرار وجود مجموعات داعش سورية، وهذه الحقيقة كانت قد عبرت عن نفسها حين كان الجميع يرى أن واشنطن وحلفاءها ساهموا وشاركوا في انتشار داعش وبقاء مجموعاتها، وكان الجميع قد رأى أن القرار السوري الروسي بشن حرب مشتركة لا هوادة فيها على المجموعات الإرهابية وتنفيذه في أيلول 2015 وما حققه من تصفية سريعة لوجود داعش في تدمر وحلب وبقية المناطق، هو الذي فضح التواطؤ الأميركي مع وجود داعش وامتناع واشنطن وحلفائها عن استهداف مجموعاتها، وهو الذي أحرج واشنطن ودفعها إلى إجراء تغيير في هذا الدور بطريقة تمنع فيها انتشار الجيش العربي السوري في المناطق التي خرجت منها مجموعات داعش في الرقة وبعض مناطق شمال شرق سورية.
يبدو أن الإدارة الأميركية تريد أن تلجأ في هذه المرحلة لسياسة تستند فيها إلى بقاء بعض جيوب داعش في مناطق إلى جانب بقاء التنظيمات والميليشيات التي لا تختلف عن داعش في سياستها المتطرفة، مثل جبهة النصرة وجيش الإسلام وأحرار الشام الإسلامية وغيرها، في مناطق ضمن مسرح عمليات شمال وشمال شرق سورية، لكي تستمر في سياسة انتهاكها للسيادة السورية وإبقاء وحداتها العسكرية قرب المجموعات المتحالفة معها.
يكشف مركز أبحاث «بيكوم» الإسرائيلي البريطاني المشترك في موقعه الإلكتروني أن تصفية مجموعات داعش في المواقع والبلدات التي تسيطر عليها علناً لا تعني أن وجودها انتهى لأنها ستتحول إلى العمل السري في شن عملياتها العسكرية.
وهذا الزعم باستمرار وجودها السري، ستظل الإدارة الأميركية تستخدمه للتدخل العسكري ولدعم المجموعات المسلحة الأخرى التي تقدم لها الدعم لمحاربة الجيش العربي السوري والحكومة السورية، وهذه السياسة هي نفسها التي تستخدمها الآن في العراق الذي لا تريد سحب وحداتها العسكرية منه، وهذا يعني أن المخطط الأميركي الصهيوني الرجعي الذي يستهدف سورية والعراق، ما زال على جدول العمل الأميركي ولن يتغير في محاولات تنفيذه سوى الطريقة التي ستتبعها الإدارة الأميركية في الزعم بأن داعش لم ينتهِ وجوده، كما يعني هذا بالمقابل أن مقاومة سورية والعراق ومحور المقاومة بكل أطرافه لهذا المخطط لن تتوقف بل ستتطلب تصعيداً في العمل لإحباطه بكل الوسائل الموجودة ميدانياً وسياسياً.
ربما يمكن القول إن الانتصارات التي حققتها أطراف محور المقاومة على مجموعات داعش وأنصارها، بدأت تنقل مواجهة المخطط الأميركي إلى مرحلة جديدة ستفرض المزيد من تمتين التنسيق والعمل المشترك السوري العراقي لتفنيد المزاعم الأميركية وإجبار الوحدات العسكرية الأميركية والوحدات التركية على الانسحاب.
ويلاحظ الجميع أن واشنطن وحلفاءها يسعون في هذه المرحلة إلى توظيف هذا الوجود العسكري في خدمة الميليشيات المسلحة والمعارضة على طاولة مفاوضات الحل الأهلي السلمي في سوتشي أو جنيف بهدف تحقيق مصالحهم التي عجزوا عن تحقيقها في الميدان العسكري، وهذا ما يشير إليه مركز أبحاث «بيكوم» حين يستنتج أن مجموعات داعش لن تتم هزيمتها إلا حين تحل محلها سلطات محلية وليس سلطات الجيش العربي السوري والحكومة السورية، وهذا يعني أن بقاء مجموعات داعش بأي شكل أو عنوان تكون فيه أو يحل محلها بعض الميليشيات المسلحة الأخرى المعارضة هو الذي يدل على أن هزيمتها في تلك المنطقة قد تمت.
هذا يعني محاصرة الجيش العربي السوري ومؤسسات الحكومة الشرعية بجيوب إرهابية مسلحة تدعمها واشنطن لخدمة المصالح الأميركية ضد سورية، وهذا ما لا يمكن أن تنجح في تحقيقه واشنطن وحلفاؤها، بعد أن تبين للشعب السوري هدف المخطط الأميركي من تقسيم سورية وتفتيت قدرات جيشها.