إسقاط الطائرة الروسية ..الدلالات والمعاني ...الدكتور عوني صالح الحمصي

إسقاط الطائرة الروسية ..الدلالات والمعاني ...الدكتور عوني صالح الحمصي

تحليل وآراء

الأربعاء، ٧ فبراير ٢٠١٨

عندما يشكك وزير الدفاع الأمريكي  جيمس ماتيس بنتائج مؤتمر سوتشي للحوار السوري وبعد ساعات من الانتهاء من المؤتمر بقوله: "إن المشاركين فيه لم يحققوا شيئاً "يدلنا على مدى حالة التخبط التي تمر بها الإدارة الأمريكية من جهة، و مدى انعكاسات النتائج الايجابية الوطنية التي أجمع عليها السوريين على فشل المشروع الأمريكي للمنطقة ، وخاصة في الاستمرار في مكافحة الإرهاب والحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية شعباً وأرضاً،والحفاظ على الجيش العربي السوري ودوره في حماية مؤسسات الدولة والمواطنين السوريين من أي عمال إرهابي ، مع الآخذ بعين الاعتبار للدور الروسي الذي لم يدخر جهداً لنجاحه من أجل الولوج في الحل السياسي من خلال مشاركة كافة شرائح وأطياف الشعب السوري في الداخل والخارج المعارض والمؤيد من جهة أخرى، وهذا ما ميز هذا المؤتمر عن جنيف وأستنة وغيرها،  فمن حيث طبيعة المشاركين السوريين وحضور الدولة الراعية والمنظمة ومشاركة الامم المتحدة والدول الضامنة لمناطق تخفيف التصعيد وتوسيع دائرة المشاركين السوريين كلها تمثل دلائل مهمة لانطلاق مسار الحل السياسي في الأزمة السورية، وخاصة إن مخرجات هذا المؤتمر ستشكل مدخلات حقيقية لمؤتمر وطني سوري- سوري في دمشق أو في جنيف في المدى القريب إذا كانت هناك نوايا صادقة للأطراف الفاعلة في الأزمة، والتي اعتقد حتى تاريخه لم تظهر بعد تلك الملامح لديهم، من خلال الدعم المستمر للمجموعات الإرهابية للسلاح النوعي والتدريب والمال وغيرها والرافضة لأي بوادر حل سياسي والقضاء على الإرهاب لأنها مازلت تعول على هذه المجاميع الإرهابية في تعطيل الحلول السياسية والتي لم تتدخر جهداً لتعطيل الحوار السوري في سوتشي قبل انعقاده وأثناء انعقاده عبر رفض قادة المجموعات الإرهابية في المشاركة التابعة للنظام التركي ومن خلفه الإدارة الأمريكية ودول الرجعية العربية أو من خلال التمرير الألغام من قبل ديمستورا ومن يقف خلفه "مجموعة واشنطن " في البيان الختامي لخلق حالة من الرفض لمًا أجمع عليه السوريين وضع العصي في الدواليب وإحداث حالة من الجدليات السياسية والتشويه والتشكيك بدور ومصداقية الدولة السورية ومكانة الجيش العربي السوري في مكافحة الإرهاب عبر الخبث السياسي في تمرير واقحام عبارات إشكالية تشكك بمصداقية الجيش العربي السوري في مكافحة الإرهاب فقد حاول ديمستورا وتحدياً في الفقرة السابعة من البيان طرح "بناء جيش وطني ذي مصداقية"، وبمعنى آخر ما تم رفضه جملة وتفصيلاً في اللاورقة المقدمة من "مجموعة واشنطن" في فيينا حاول تمريرها في نتائج سوتشي، والتي واجهت الرفض المطلق من كافة المشاركين وبشراسة لهذه الطروحات "ذي مصداقية" ، من خلال التأكيد على الحفاظ على الجيش العربي السوري. وهذا الأمر يدلنا على محاولات ديمستورا تحقيق هدف ما عجز عنه الإرهابيين ومن يقف خلفهم من مجموعة واشنطن طوال السنوات السبع الماضية، وبعد فشله في ذلك ظهرت الرعونة الأمريكية من خلال عدم القدرة على ضبط النفس في تحمل ما توصل اليه المؤتمرون السوريون والتي تشكل بمجملها بوابة الدخول في عملية الحل السياسي للأزمة السورية والتي تعني أي شكل من الأشكال فقدان الولايات المتحدة لبعض الأوراق التي تعتقد بأنها قادرة على التحكم بها واستخدامها مرة أخرى، بعد شبه الاستدارة لبعض المنصات الخارجية وبعض الدول الداعمة لها بالوصول إلى قناعة بعدم إمكانية وصعوبة الحلول العسكرية وطبعاً هذا الأمر لم يأت من فراغ إنما بحكم الواقع والضرورة بسبب صمود جيشنا وشعبنا في وجه أعتى حرب كونية مفروضة عليه. مما سبق تأتي المحاولات الأمريكية في إعادة رسم خرائط العدوان والتدمير لأي مشروع ومسار للحلول السياسية ليس للأزمة السورية فحسب إنما للمنطقة برمتها وللسلم والأمن الدوليين ، ومنه عملت الولايات المتحدة الأمريكية إلى إعادة تدوير مشروع أوراقها العدوانية من خلال مايلي:

أولاً الدلائل العامة والتي تتركز بجملة من النقاط

1.     إعادة طرح الورقة الكيميائية البالية ومنتهية الصلاحية مرة أخرى شكلاً ومضموناً لعلها تحقق منها شئ في خلط الأوراق وتعطيل اجتراح الحلول المناسبة.

2.     الاشتراط الأمريكي بعناوين وذرائع إنسانية في الاعتراف بنتائج المؤتمر وما يمثله من تعطيل مباشر للحوار، والذي رفضه المشاركون من خلال عدم التدخل الخارجي.

3. الإيعاز للطرف التركي بالعدوان على السيادة السورية بذرائع كاذب، مع الأخذ بعين الاعتبار هناك خلاف  ظاهري  بين تركيا والولايات المتحدة لكن باطنه عميق من حيث التنسيق ولعب الأدوار، وهذا ما سوف تظهره قادم الأيام.

ثانياً - الدلائل المباشرة: بعد فشل تكرار محاولات التعطيل من قبل الولايات المتحدة في تفجير قبل وأثناء انعقاد وبعد مؤتمر سوتشي حيث بدأت ملامح الإرباك الأمريكي واضحة في السلوك من خلال إعطاء من غرفة عملياتها لأدواتها الإرهابية بعد تزويدهم بأسلحة مضادة للطيران ومحمولة على الكتف، بإسقاط الطائرة /سو 25/ والسؤال المطروح لماذا في هذا التوقيت بالذات وبعد نجاح الدور الروسي في خلق حالة من الإجماع الوطني السوري على كثير من الثوابت الوطنية، والتي تتزامن أصلاً مع التقدم الميداني للجيش العربي السوري والحلفاء ضد جبهة النصرة في ريف حماه الشمالي وريف ادلب الجنوبي وريف حلب الجنوبي بعد تحرير قاعدة أبو الظهور ثاني أكبر قاعدة عسكرية في الشمال، وتوسيع نطاق الأمان لمحيط المطار وتحرير أكثر من 25 قرية من رجس هؤلاء الإرهابيين.

وأخيراً :يمكننا الجزم بكل ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية يؤكد لنا مرة أخرى،والمعنى الوحيد الذي لا يقبل القسمة والتأويل إن الولايات المتحدة هي من تقدم هذا النوع من الأسلحة للمجموعات الإرهابية لخلط الأوراق وإطالة أمد الحرب وتقويض أي حل سياسي للأزمة السورية والتي تتزامن مع القضاء على المجاميع الإرهابية، وهذا يعني خسارة أمريكا الحرب العسكرية والحرب السياسية بفقدانها الأدوات الإرهابية الواحدة تلوى الأخرى ودخول الإدارة الأمريكية بكل ما تعنيه الكلمة في حالة الإرباك بالتحكم بأوراقها الاقليمية ومدى إمكانية الاستمرار بالاستثمار في الإرهاب من خلال تخوفها من فقدان ورقة النصرة الإرهابية المصنفة على لائحة الإرهاب الدولي بعد فشلها في الحفاظ على داعش الإرهابية في دير الزور والميادين مع التقدم الكبير لعمليات الجيش العربي السوري والحلفاء في تضيق الخناق على جبهة النصرة، ومن هنا بدأت التسويق لتشيك جيش قوامه 30 ألف لحماية الحدود وتحريك إعادة استخدم الورقة الاردوغانية في العدوان على السيادة الوطنية السورية،وهذا يعني المتضرر الوحيد في القضاء على الارهاب في المنطقة هي من صنعته ومولته ومازالت تقدم له السلاح النوعي باستثمار المال العربي الرجعي لخدمة الأجندة الأمريكية في المنطقة.