تيلرسون وفشل الاستفراد بسورية.. بقلم: تحسين الحلبي

تيلرسون وفشل الاستفراد بسورية.. بقلم: تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢١ فبراير ٢٠١٨

إذا كانت السياسات العدوانية الإسرائيلية الأميركية ما تزال تعمل على منع أي دولة في منطقة الشرق الأوسط من التمتع باستقلال قرارها وإرادتها في اختيار أصدقائها وحلفائها فإن أول من هزم هذه الأهداف الأميركية هو سورية التي حافظت على سياستها الوطنية والقومية المستقلة والمناهضة لكل أشكال الهيمنة الأميركية الإسرائيلية طوال أكثر من أربعة عقود، وبفضل هذه السياسة وتحالفاتها الإقليمية والدولية مع القوى المناهضة لسياسة الهيمنة الأميركية، تم إحباط كل محاولات إسرائيل والولايات المتحدة لعزل سورية والاستفراد بها بهدف تفتيت قدراتها وتقسيمها، وهذا ما أوضحته المجلة الإلكترونية المناهضة للهيمنة الأميركية العالمية «أونز» في تحليل نشرته في 16 شباط الجاري حين كشفت أن فشل الخطة الأميركية بالاستفراد بسورية جعلها تعمل هي وإسرائيل على تصعيد لغة التهديد لإيران وروسيا أهم حلفاء سورية في الحرب على الإرهاب، فتولت إسرائيل متابعة سياسة التهديد ضد الدعم الإيراني لسورية، وتولت إدارة دونالد ترامب زيادة الضغوط السياسية على روسيا.
وترى «أونز» أن إسرائيل والولايات المتحدة «ما تزالان تترنحان من المهانة نتيجة هزيمتها في الساحة السورية واستمرار الأسد في قيادة البلاد ومقاومتها»، وتضيف المجلة: إن «سورية وحلفاءها تمكنوا من هزيمة داعش وكذلك تحييد مجموعات مسلحة معارضة كثيرة والعمل على نقلها إلى الخيار السلمي وهو ما يجعل واشنطن وتل أبيب تخسر قوى احتياطية لها».
وتؤكد المجلة أن سورية حققت من «اليوم القتالي ضد سلاح الجو الإسرائيلي» زيادة في نسبة الردع وفرضت على إسرائيل إعادة النظر بقواعد لعبتها ضد الدعم الإيراني لسورية ولدور الجيش العربي السوري.
وعلى مستوى العلاقات الأميركية الروسية أدركت إدارة ترامب أن ما جرى عند حدود الجولان بإسقاط الطائرة الإسرائيلية إف16 والتحرش الأميركي غير المباشر مع روسيا في شمال سورية ورد الفعل الروسي عليه، نقل التحالف السوري الروسي الإيراني إلى درجة متقدمة من التأهب لتنفيذ جدول عمل يلقن التحركات الأميركية العدوانية في الشمال درساً يلجم أي تهور أميركي في تلك المنطقة خصوصاً بعد أن أعلنت موسكو أن مدنيين من الروس أصيبوا في عملية عسكرية جوية نفذتها طائرات أميركية باسم «محاربة داعش» من دون أن يكون لها أي صلة مضادة لداعش.
لقد عدّ التحالف الروسي السوري الإيراني مثل هذه العمليات الأميركية عدواناً لزعزعة استقرار شمال سورية بعد هزيمة داعش في معظم تلك المناطق ومحاولة لإبقاء داعش أو استبدالها بمجموعات جبهة النصرة الإرهابية الأخرى.
ومع ذلك يرى معظم المتتبعين لشؤون المنطقة في مختلف مراكز الأبحاث الأميركية الأوروبية أن الحرب على الإرهاب في سورية وانتصارها مع حلفائها في هذه الحرب سوف يفرضان بداية مرحلة توازن جديد على المستوى الدولي لم تكن تقبل به واشنطن وحلفاؤها قبل التطورات الأخيرة في سورية وتأثيراتها على المنطقة.
الكل يلاحظ أن خطاب التهديد الأميركي العسكري لسورية لم يعد يجد أغلبية عند أصحاب القرار الأميركي مثلما لم تعد تحقق التهديدات الأميركية الإسرائيلية لحلفاء سورية في المنطقة من إيران إلى حزب الله سوى نتائج عكسية على المصالح الأميركية وسياساتها العدوانية، فساحات المجابهة العسكرية للمجموعات الإرهابية وحلفائها على الأراضي السورية وانتزاع الانتصار على الإرهاب فرض على دول عديدة في المنطقة تراجعاً عن الانغماس في المشاركة في الحرب على سورية.
ولذلك جاءت زيارة وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون إلى المنطقة لتشير إلى عجز الإدارة الأميركية وتهديدها، وكان من اللافت ألا تشمل زيارة تيلرسون إسرائيل، وهذا ما علق عليه بدرجة من السلبية المبعوث الدولي للشرق الأوسط سابقاً دينيس روس حيث قال: إن عدم زيارة تيلرسون لتل أبيب شكل عاملاً سلبياً لإسرائيل.