بلاد النكح ....أكتب من عنق الرحم ... بقلم :ميس الكريدي

بلاد النكح ....أكتب من عنق الرحم ... بقلم :ميس الكريدي

تحليل وآراء

الخميس، ١ مارس ٢٠١٨

لم يقبّلها .......لم يلتصق بحنان بالمحموم من جلدها ......وقف على عتبة المحرمات يحتسب للحب ويتعوذ من كل الشياطين  ..ويقرأ الرقيات الحاميات الطاردة لشرور الحواءات العاصيات ..تعلمها من حواء تائبة هي أمه ..وكل النساء حين ينهزمن في الحب وينتقلن للولادة ....يستتبن يأسا من أجسادهن ..ويصير الجسد ممرات عبور لفحولة لا تعنيها سوى لحظة الخلاص من عربدتها في شهوة طفرة لذكورة بلا روح ...وهكذا يستتبن ......
وكما في آلاف الأسرة الشرقية ماتت الأنثى في خصيب تجاويفها ....وانتصرت ذكورته الفردية .....وأول ما انتصرت ..دمرت إنسانيته ......يعيش الرجال بذكورتهم وفحولتهم .......وحين يعتقل الآدمي نفسه الآدمية تصير الحيوانات في لعبة الحب الغريزية أكثر تطورا .......على أعتاب التغييرات الكبرى تنشأ الأفكار ......وترتق الانسانية آلامها بعد الحروب وخلالها بالانتماء الأعمق لفصول التضحية والانسانية ....وماذا لو انتميت لفكرة الجنين ..
أسميت يوما مؤسستي التي لم تنشأ جنين ......وكان هاجسي ثمرة من اللاحياة أولدت الحياة وكم من موت ينتفض حياة ..
كم من نكاح في بلد النكح والاستنكاح والتنكح ...حصل في غفلة  زمن العورات ...وحين الغزاة يفتحون ...سيفتحون أول ما يفتحون مهبل امرأة يعاف قرفهم حتى التفسخ لكن يحتضن الرحم الحنون الخلاق ....جنين ..
لم نتمكن من اقتسام سرير واحد عندما كنا أطفالا ........كنت أستحوذ على مساحات عريضة  في نومي لأني أنا م في وضعية الجنين ......
فكرت في الله .....شردت مع خيالي مغمضة العينين ....رأيته حولي .....استشعرته ...تلمست جدرانه ..انقباضاته كالنبض ..كان أكثر احمرار من القلب .......ونسيج شبكة الشرايين التف على صدري ..اختلجت وانفرجت .....انتفضت واسترحت ...
رأيت نفسي من جديد كما ابتدأت وما كنت رأيت وعندما تفكرت واستبصرت وانغمست في الذات التائهة الحاكمة .....رأيتني داخل الرحم من جديد ..
الولادة ..الأمان ...رحلة البيولوجيا ....والأرباب يخشعون للطاقة التي تخلد البشرية .......طاقة الولادة ...
أمامي مهمتين صوفيتين .....إحداهما رسالة إلى الخالق ..والثانية رسالة إلى المخلوق .....إحداها في التأمل والطريق إلى الله ..من إله إلى إله .......والثانية في الحب وصوفية العشق ....فلا إله بدون خلق ...ولا خلق بدون عطاء ....والعطاء هو الحب .....والحب جسدان يستدفئان لحظة العودة إلى الرحم فيندمجان ........
من المخلوق ومن الخالق ؟؟
من خلق الله الفكرة أم الطاقة ....والفكرة بشرية والرحم مركز بشري للولادة ..
الحياة مؤنثة .......لأن الحب يثمر في ذلك التجويف المنتج للخلود البشري بالتناسل ...
أريد أن أمارس تأملاتي .....وأمارس إنسانيتي ....والممارسة ناتج إدراك الآخر بشريا ....
ثورتان متلازمتان على الدين ومع الجنس ..فالأول يقمع الأخير ويحدد السطوة في الحب ..بل ينكر الحب ويحوله جماعا .....يحدد أدوات المداعبة ..وأيامها المسموحة والممنوعة .....ويراعي مزاج المفسر والمشرع ....وحسب شذوذه في الحياة والجنس يلزمنا بمحرماته ......والمحرمات ترتبط بالرغبات ......وما يتفق عليه حبيبان هو كنه سر سعادتهما ......التواطؤ على النشوة ..
مات هابيل على يد قابيل ........وانتقلت الأجساد من زعم إلوهيتها ونبوتها إلى مادية الإنسان ...وولد الصراع ..وانتقل الله من القلوب إلى السماء البعيدة ....لتولد عبقرية الفكرة أنه يحاسب ولكنه بعيد الآن ...يقترب ربما بعد حين ..وفرص التوبة مفتوحة لكل أشكال الخطايا ......
الإله المكرر اللفظ المتعدد الصور والتصورات ...قاتل الحبيبات حارق المستمتعين .....الحاقد على كل المتع ..لأن وقتها تاليا عقب الفناء والموت .....
الكتابة من عنق الرحم تكبلني برهاب الخوف من الحياة .....أقف على عتبة الحياة في مكان نخرج منه لحظة الولادة ..ولا نعود .......في بعض الديانات يستنسخون الحياة أجيالا فيولد الجسد مرات ومرات لكن الروح الحرة التائهة تلبسه لحظة الخروج من الرحم .....
هل تولد الروح في أرحامنا أيضا ..وتلك النطفة التي تلتقي بويضتها كخاتمة عشق فيه الولوج إلى الولوج ..ثم تبدأ الخلية الأولى تنبض ..ومن قبلها كانتا خليتان تنبضان ثم اجتمعتا في ليل يممت الرغبة البشرية وجهتها الآدمية .......وفي الرحم ومنه ...وعلى ذلك الجيب من لحم الحياة ألف ألف سلام ...