خطاب بوتين ومضاعفاته على أردوغان.. بقلم: تحسين الحلبي

خطاب بوتين ومضاعفاته على أردوغان.. بقلم: تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الخميس، ٨ مارس ٢٠١٨

لا أحد يشك في أن المضمون الذي حمله خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الأول من آذار وما كشف عنه من مصادر قوة غير مسبوقة في تاريخ الأسلحة الدفاعية والهجومية سيشكل مصدر قلق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وخصوصاً أن سياسته تجاه سورية تناقض كل الأهداف والمصالح المشتركة التي تجمع بين موسكو ودمشق، فقد وجه بوتين ضربة قاسية في خطابه لحلف الأطلسي والقدرات العسكرية التي أرسلتها إليه الولايات المتحدة إلى حدٍ سيجعل قادة الحلف مجبرين على إعادة النظر في سياسة تهديد روسيا.
وإذا كان أردوغان سيعتمد في المستقبل على الحلف فإن قادة الحلف نفسه من المتوقع أن يتوصلوا إلى حوار من موقع الضعف مع موسكو ويتوقفوا عن سياسة الحلف التقليدية المعادية لروسيا ودورها في أوروبا والساحة الدولية وعند ذلك لن يجد أردوغان أي مجال للمناورة في استغلال الحلف كجدار يستند إليه في سياسته التي تتعارض مع موسكو وطهران فيما يتعلق بسورية.
يشير عدد من المحللين السياسيين الأتراك إلى الخسارة الواضحة التي ستتعرض لها سياسة أردوغان حين تبلغه وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» أن ما جاء في خطاب بوتين حول التفوق العسكري الروسي سيتطلب إعادة النظر بسياسة «حافة الهاوية» أو «حافة المجابهة» التي اتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع موسكو في الموضوع السوري وفي تهديد إيران أيضاً، ومن المتوقع أن يدرك أردوغان عندئذٍ أنه إذا أراد اختبار سورية أو روسيا في أي مناورة تصعيدية عسكرية فوق الأراضي السورية فلن تشجعه واشنطن على هذا الموقف مثلما لن يشجعه حلف الأطلسي على أي تصعيد ضد حلفاء موسكو وفي مقدمهم في المنطقة دمشق وطهران تحديداً بعد إعلان الرئيس بوتين أن أي استهداف عسكري معاد ضد حلفاء روسيا ستجري مجابهته بشكل حاسم من القوة الروسية.
ولذلك يتوقع الكثيرون من المحللين السياسيين الأتراك أن يذهب أردوغان إلى أي اجتماع قمة ثلاثي بينه وبين بوتين والرئيس الإيراني حسن روحاني حول سوتشي أو أستانا وهو في وضع ضعيف بعد أن وجد أن بوتين أبطل مفعول بعض أوراقه في حلف الأطلسي أو في الاعتماد على الإدارة الأميركية بينما سيكون بوتين هو وروحاني، في وضع من يفرض طبيعة جدول عمل سوتشي أو أستانا.
في أوروبا يرى المتتبعون لوضع أردوغان أنه أصبح من السياسيين الذين ستزداد عزلتهم بين الحلفاء ومن يحاول أن يتقرب منهم لأسبابه الخاصة مثل موسكو وطهران، ويتوقع هؤلاء أن تبدأ سياسة أردوغان العسكرية تجاه شمالي سورية في عفرين أو غيرها بالتراجع بعد أن أصبح أفقها العسكري لا يتحمل أي تصعيد يوافق عليه حلفاؤه التقليديون في الولايات المتحدة أو فرنسا وبريطانيا.
ويبدو أن أردوغان اطلع من مستشاريه على حالة الاضطراب التي أصابت قدرة الردع الأميركية بعد خطاب بوتين فقد نشرت بعض المجلات الإلكترونية الأميركية عناوين تحذر فيها ترامب من أي مغامرة في الشرق الأوسط وكتب جوناثان مارشال في مجلة «كونسورسيوم نيوز» الأميركية عنواناً يقول فيه: «لماذا يجب أن تخيفنا الأسلحة التي كشف عنها بوتين»؟
لقد أصبح ما تضمنه خطاب بوتين الشغل الشاغل في هذه الأيام لدول كبرى، فما بالك لدولة تسير في فلك واشنطن والأطلسي مثل تركيا في عهد أردوغان؟