إنسانية «إسرائيل» تغزو جنوب السودان.. بقلم: نعيم إبراهيم

إنسانية «إسرائيل» تغزو جنوب السودان.. بقلم: نعيم إبراهيم

تحليل وآراء

السبت، ١٠ مارس ٢٠١٨

إذا صح ما نشره الموقع الصهيوني الرسمي «إسرائيل بالعربية» من مشاهد لاحتفال في جنوب السودان حضره السفير الصهيوني ورفع خلاله العلمان الصهيوني والسوداني الجنوبي، لمناسبة نجاح «مشروع إنساني آخر أشرفت عليه إسرائيل»، من دون توضيح طبيعة هذا المشروع، فإن قادة جنوب السودان يؤكدون عمالتهم جهارا نهارا للعدو الصهيوني في مسلسل خطوات التطبيع اللامنتهي والانسياق في مؤامرة تفتيت البلاد العربية تحت حجج وذرائع واهية لم تعد تنطلي حتى على الإنسان العادي البعيد عن السياسة والثقافة.
اكتفى الموقع الصهيوني المذكور بوصف المناسبة بأنها تعكس «إنسانية إسرائيل وفرحة الإنسان البسيط بها والتي تتعدى كل الحدود»، ولكن متى كان المحتل يتصف بالإنسانية وهو الذي يقتل ويدمر ويشرد وينهب مستهدفا الأرض والإنسان؟
الأنكى من ذلك أن دويلة جنوب السودان تطلب رسمياً الانضمام إلى جامعة الدول العربية، وفي حال قبول طلب جوبا، سيرتفع عدد الدول الأعضاء في هذه المنظمة الإقليمية إلى 23 دولة، والحبل على الجرار في ظل «الربيع العربي» الذي انشقت في بداياته جنوب السودان عن السودان الأم، تحديداً في عام 2011، علما أن هذه الجامعة لا لون لها ولا رائحة وهي فاشلة كليا في أداء دورها إزاء توحيد الأمة العربية.
اعترفت سلطات الاحتلال الصهيوني بجنوب السودان كـ«دولة مستقلة» في عام 2011، بعد يوم مما سمي إعلان استقلال الدولة، وفي 15 تموز من العام نفسه، أعلنت جنوب السودان نيتها إقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع «إسرائيل».
في تشرين الأول من عام 2015، سمحت الرقابة العسكرية في تل أبيب بصدور كتاب «إسرائيلي» جديد، تضمن تفاصيل عن تدخل جهاز الاستخبارات والعمليات الخاصة «الموساد» في عملية تقسيم السودان وبناء القوة العسكرية والاقتصادية لدولة الانفصاليين في الجنوب، والكتاب، تحت عنوان «مهمة الموساد في جنوب السودان»، الذي نشر موقع «ميدا» الصهيوني خلاصة عنه، يؤرخ لدور الضابط في «الموساد»، دافيد بن عوزئيل، في تدريب الانفصاليين وتوجيههم وتسليحهم، منذ ستينيات القرن الماضي، وصولاً إلى «استقلالهم» في عام 2011، الأمر الذي يعدّ «إنجازاً إسرائيلياً ونجاحاً خاصاً للموساد».
ويرد في الكتاب توثيق لكلام سفير جنوب السودان في الكيان الصهيوني لدى تقديم أوراق اعتماده للرئيس الصهيوني، رئوفن رفلين، في عام 2014، ويؤكد فيه أن «جنوب السودان أقيم بفضلكم، ولقد ولد الجنوب بفضل دولة إسرائيل والجنرال جون».
الجنرال جون، وفق الكتاب، هو الاسم المعروف لـ«طرزان» في السودان، داڤيد بن عوزئيل، «الشخص الذي أسّس جيش جنوب السودان وأشرف على تسليحه وتدريبه».
وحول الأسباب التي دفعت تل أبيب إلى العمل على تقسيم السودان وتقديم العون والمساعدة والمشورة للانفصاليين، لفت الموقع إلى أن «إسرائيل» أرادت أن تعزز علاقاتها بدول محيطة بالدول العربية، وتشمل (آنذاك) تركيا وإيران وإثيوبيا وكينيا، بإضافة جنوب السودان إلى هذه الدول، أما السبب الثاني، فهو منع الترابط بين وحدات الجيشين السوداني والمصري، ويروي الكتاب الكثير من التفاصيل التي شهدتها السنوات التالية، وصولاً إلى 2011، حينما تم إعلان انفصال جنوب السودان.
الحرب في جنوب السودان، كانت قد اندلعت في عام 2013، بعد اتهام رئيس «الدولة» سيلفا كير، لنائبه السابق ريك متشار، بالتخطيط لانقلاب عسكري على الحكم، وخلال الحرب الأهلية التي اندلعت بعد عامين من استقلال «الدولة»، ارتكب الجانبان جرائم حرب بالغة الخطورة، شملت مذابح وعمليات اغتصاب جماعي، الأمر الذي يوضح مع كثير من الشواهد الحية على الصعد كافة، لا تسمح هذه العجالة بذكرها، كيف قسم العدو الصهيوني جمهورية السودان ودمر فيما بعد دويلة جنوب السودان.