إسرائيل ومأزقها المتصاعد في شهر أيار.. بقلم: تحسين الحلبي

إسرائيل ومأزقها المتصاعد في شهر أيار.. بقلم: تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٤ أبريل ٢٠١٨

يبدو أن إسرائيل تنتظر على مضض النتائج التي ستظهر من حدثين مهمين أحدهما الانتخابات في السادس من أيار في لبنان والآخر الانتخابات المقررة في العراق في 12 أيار لأنهما يرتبطان عند القادة الإسرائيليين بالجبهة الشمالية الممتدة من حدود الجولان إلى جنوب لبنان مثلما يرتبطان أيضاً بالجمهورية الإسلامية الإيرانية ومستقبل اتفاقية (فيينا) الخاصة بالموضوع النووي الإيراني وإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب منها في شهر أيار نفسه؟!
لكن إسرائيل لا تكتفي بانتظار هذه التطورات بل تقوم منذ العدوان الثلاثي الفاشل على سورية بتنشيط جميع مصادر النفوذ الصهيوني واليهودي الأميركي داخل مؤسسات الحكم في الولايات المتحدة لتصعيد الحملة العدوانية العسكرية على سورية حتى لو تسبب هذا التصعيد إلى حافة صدام بين واشنطن وموسكو.. فقد شعرت إسرائيل بخيبة أمل كبيرة للمرة الثانية بعد إحباط سورية وحلفائها لأهداف العدوان الثلاثي في نيسان الجاري وكانت المرة الأولى لخيبة أملها قد ظهرت بعد تراجع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما من عدوانه العسكري في عام 2013 فقد جاء في دراسة لمركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (آي إن إس إس) كتبها العميد المتقاعد (أودي ديكيل) أن «نتائج هذا الهجوم العسكري المباشر من الدول الثلاث أميركا وبريطانيا وفرنسا المحدود جعل إسرائيل وحدها أمام الوجود الإيراني وحلفاء سورية المحليين، لأن الدول الثلاث توحد موقفها فقط تجاه موضوع السلاح الكيماوي وليس في جميع المواضيع المتعلقة بأخطار أخرى تشكلها سورية وخصوصاً نتيجة الدعم الإيراني» وأضاف ديكيل: «موسكو تحقق لها المزيد من النفوذ في سورية أيضاً» وبلغة أوضح يرى (ديكيل) أن العدوان الثلاثي «بنتائجه المحدودة» أدى إلى زيادة قدرات سورية العسكرية وربما كان يقصد الإعلان الروسي بإمكانية تسليح سورية ببطاريات (إس 300) الدفاعية المضادة للطائرات والصواريخ.. ففي أعقاب إحباط أهداف كل عدوان عسكري أميركي أو إسرائيلي تجد سورية أن من حقها الحصول على أقوى التكنولوجيات العسكرية الروسية من أجل مجابهة أي جولة أخرى من أشكال العدوان العسكري الذي تعده واشنطن وتل أبيب.
ويقر ديكيل أن «إسرائيل ستفقد هامشاً مهماً من قدرتها على اختراق الأجواء السورية حين تنقل روسيا لسورية بطاريات (إس 300) أو (إس 400) التي تستخدمها الوحدات الروسية قرب مواقعها».. ويضيف ديكيل: إن سورية وإيران تتطلعان لتسديد بعض الحساب الإسرائيلي من خلال استخدام هذه الأسلحة المتطورة.
وبالمقابل يرى بعض القادة العسكريين في إسرائيل أن زيادة القدرات العسكرية الدفاعية على الأراضي السورية ستؤدي إلى مرحلة سباق تسلح حديث بين موسكو وواشنطن وهذا ما لم تكن ترغب فيه إسرائيل أو تسمح بحدوثه وخصوصاً على جبهة شمالية عميقة قد يصل الدعم فيها لسورية من العراق في الأشهر المقبلة إضافة إلى إيران ووجودها المتزايد في دعم سورية داخل الأراضي السورية.
ولا شك أن موسكو التي تعد الحليف الدولي لكل من دمشق وطهران تدرك أكثر من غيرها أن أطراف محور المقاومة بدأت تصبح القوة الإقليمية القادرة على مجابهة أي تحديات عسكرية وغير عسكرية على مستوى المنطقة والقوة التي يمكن الاعتماد على قدراتها في أي صدام يخرج عن المنطقة ويتحول إلى الساحة العالمية مهما كانت مضاعفاته.
وهذا ما خشي منه العميد (ديكيل) قبل فترة حين أشار في تحليلات سابقة إلى أن أكثر ما تخشاه إسرائيل هو أن تحقق سورية وحلفاؤها في المنطقة درجة من القوة المؤهلة لإضعاف قدرة الردع الإسرائيلية الإقليمية.
وهنا تكمن في واقع الأمر صورة هزيمة المخطط الأميركي- الإسرائيلي ضد سورية وحلفائها، فإسرائيل التي استخدمت كل قدراتها المباشرة وغير المباشرة للاستفراد في سورية طوال السنوات السبع الماضية هي التي تجد نفسها معزولة في المنطقة ولن تقوى أي دولة عربية على تحقيق ما تطلبه منها إسرائيل بعد تزايد ثقة دول عربية كثيرة بقوة محور المقاومة وبتآكل قوة إسرائيل الإقليمية، وهذا ما سوف تؤكده أحداث شهر أيار المقبل على مستوى المنطقة والجبهة الشمالية.