الصراع بين اسرائيل وايران.. فتيل الحرب يقترب من الاشتعال

الصراع بين اسرائيل وايران.. فتيل الحرب يقترب من الاشتعال

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٥ أبريل ٢٠١٨

يتعالى دوي الصراع المفتوح بين إسرائيل وإيران في سوريا أكثر فأكثر، عندما أطلق الرئيس ترمب هجوماً آخر شمل رشقة واحدة من الصواريخ ضد النظام السوري، جاء ذلك في أعقاب هجوم مشتبه به في التاسع من شهر أبريل/نيسان على منشأة إيرانية في قاعدة جوية سورية، والذي أثار صيحات الاستهجان والإدانة من رعاة النظام في موسكو وطهران.
وقالت صحيفة Washington Post الأميركية إنه على الرغم من أن إسرائيل لم تعترف بمسؤوليتها عن الهجوم، فإنه يتناسب مع نمطاً مألوفاً. فمنذ عام 2012، يُعتقد أن الإسرائيليين شنوا أكثر من 100 غارة على مواقع يشتبه أنها مرتبطة بالإيرانيين في سوريا. يقول المسؤولون الإسرائيليون سراً أن هذه الإجراءات ضرورية للحد من التهديد الإيراني الدائم على حدودهم وإعاقة تدفق الأسلحة إلى وكيل إيران اللبناني، حزب الله.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان لإذاعة إسرائيل خلال عطلة نهاية الأسبوع، “بغض النظر عن الثمن، فإننا لن نسمح أن يلتف حبل المشنقة حولنا”. لكنه حذر من الحديث عن الأعمال العدائية الصريحة والمباشرة. وعندما سُئل عما إذا كانت الحرب وشيكة، أجاب “لا أتمنى ذلك. أعتقد أن دورنا الأساسي هو منع الحرب، وهذا يتطلب رادعاً ملموساً وحقيقياً بالإضافة إلى التأهب لاتخاذ القرارات”.
 الرسالة الإيرانية.. تهدئة ولكن
وقد وجه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف نداءات مماثلة لتهدئة الوضع في مقابلة أجراها مع شبكة سي بي أس نيوز يوم الأحد، بالرغم من أنه اتهم الإسرائيليين بتصعيد “التوتر من خلال انتهاك المجال الجوي السوري”.
وقال ظريف “لا أعتقد أننا نتجه نحو حرب إقليمية. لكنني أعتقد أن إسرائيل، مع الأسف، واصلت انتهاكاتها للقانون الدولي، على أمل أن تكون قادرة على القيام بذلك بمنأى عن العقاب، وذلك بسبب اعتمادها على الدعم الأميركي، ومحاولة اختلاق الذرائع للتخفي وراءها”.
ومع ذلك، حذر ظريف من أن إسرائيل تلعب لعبة محفوفة بالمخاطر. وأضاف “ينبغي عليهم أن يتوقعوا أنهم إذا استمروا في انتهاك السلامة الإقليمية للدول الأخرى، ستكون هناك عواقب”. وأردف قائلاً “إن الحل الأسهل هو التوقف – التوقف عن هذه الاعتداءات، والتوقف عن هذه الأعمال العدوانية”.
الوجود الإيراني.. ردع لإسرائيل
لكن الإسرائيليين أوضحوا أن الوجود الإيراني المتجذر في سوريا يمثل خطاً أحمر جديداً، ويشيرون إلى التهديد الجديد الذي تمثله الطائرات بدون طيار الإيرانية، التي يُحتمل أن تكون مسلحة بالمتفجرات، والتي تدخل المجال الجوي الإسرائيلي، فضلاً عن التهديد القديم بإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان. وفقاً لأحد الروايات، يُعد هجوم 9 أبريل/نيسان، هو أول هجوم مباشر لإسرائيل على معدات وأفراد إيرانيين وقتل أحد كبار القادة المسؤولين عن سلاح الطائرات بدون طيار الإيرانية.
سرب الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي، التفاصيل وصور الأقمار الصناعية التي تؤكد وجود “سلاح الجو” الإيراني في سوريا، بما في ذلك الطائرات المدنية التي زعموا أنها تنقل شحنات الأسلحة، وقد كان من المفترض أن يوحي هذا التسريب إلى الحرس الثوري الإيراني، وهو المنظمة العسكرية القوية التي تُهيمن على قرارات السياسة الخارجية الإيرانية، بأن إسرائيل لديها أهداف جديدة بالفعل على مرمى البصر إذا ما هاجمها الإيرانيون أو وكلاءهم.
من وجهة النظر الإيرانية، يُعد وجودهم في سوريا دفاعاً شرعياً عن حليفهم المحاصر، الرئيس السوري بشار الأسد، بالإضافة إلى أنهم يرون قدرتهم على تهديد إسرائيل من مكان قريب بمثابة رادع محتمل ضد عدو إقليمي طال أمد وجوده.
وجاء في مقال كتبه بن هوبارد وديفيد هالبفينجر من صحيفة نيويورك تايمز “كثيراً ما يهدد القادة الإسرائيليون بقصف إيران، لذا فإن وجود وكلاء عسكريين أقوياء بالقرب من حدود إسرائيل يقدم لإيران بعض الحماية. وفي حال شنت إسرائيل هجمات على إيران، فإنها تدرك أنه يمكن أن تتوقع رداً مؤلماً من حزب الله في لبنان، وربما من الميليشيات الأخرى التي تنشط الآن في سوريا”.
الأزمات الداخلية الإيرانية
تأتي التوترات المتفاقمة في وقت يزداد فيه الاستياء داخل الجمهورية الإسلامية. وقد كشفت الأوضاع الاقتصادية المتردية الغطاء عن الإحباط الشعبي تجاه النظام، بل ودفعت الرئيس حسن روحاني، إلى الشكوى من الجهود الحربية المُكلّفة في سوريا. لكن احتمال المواجهة الأوسع مع إسرائيل – والدراما المحتملة المقبلة بشأن الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية – قد تقنع المتشددين في النظام بأن الوقت قد حان لكي يتكاتفون مع بعضهم.
وجاء في مقال كتبه أنشيل فيفر في صحيفة التايمز اللندنية، “لقد برزت حرب الظل  إلى الواجهة، بعد قرار القيادة الإيرانية المضي قدماً في خطط الحرس الثوري الإيراني وإنشاء قواعد دائمة في سوريا. ولم يكن هذا القرار بالإجماع”، وأضاف “أن هناك فصيلاً في طهران بقيادة رئيس البلاد حسن روحاني، يؤيد استثمار تلك المبالغ الهائلة التي ستكلفها هذه القواعد في الاقتصاد الإيراني المحلي. إلا أن الحرس الثوري الإيراني هو من يحظى بقبول الزعيم الأعلى للبلاد علي خامنئي، بالإضافة إلى أنهم حريصون على الاستفادة من الاستثمارات التي صرفت في دعم نظام الأسد خلال السنوات السبع الماضية”.
لا شك أن المضي قُدماً في هذا الاتجاه أمر خطير. قال عاموس يدلين، القائد السابق في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، لفيفر، “إن إيران عازمة على ترسيخ مواقعها في سوريا، وإسرائيل عازمة على منعها”.
وأشار إلى أن روسيا التي تساعد قواتها في دعم الدفاعات الجوية للنظام والتي يشكل دبلوماسيوها وسطاء رئيسيين لكل من الإيرانيين والإسرائيليين، ستلعب دوراً حاسماً. وأردف يادلين قائلاً “اندلاع الصراع أمر لا مفر منه ما لم يتدخل بوتين لمنعه”. لكن الأحداث الأخيرة توحي بأن الروس لديهم نفوذ محدود على إيران، كما أنهم أكثر اهتماماً بمسألة تعزيز النظام السوري”.
غض الطرف عن إسرائيل
في الوقت نفسه، يبدو أن بعض شخصيات السياسة الخارجية في واشنطن حريصون على السماح لإسرائيل بمواصلة حملتها السرية ضد الإيرانيين. إذ أنهم يرون أن الضربات الإسرائيلية ضرورية في الوقت الذي يريد فيه الرئيس ترامب الانسحاب من الصراع السوري والاستعانة بمصادر خارجية لتحقيق الاستقرار في البلاد من خلال خصوم إيران من العرب السنة.
لكن الخبراء الآخرين يؤكدون أن هذا لا يرقى إلى مستوى كونه استراتيجية حقيقية. كتبت سوزان مالوني من معهد بروكينغزقائلةً “إن هناك طريق لاحتواء إيران وردعها في سوريا.. لكن ذلك يتطلب أكثر من مجرد إثارة اسرائيل والتشجيع من جانب الأنظمة العربية المستبدة”.  كما حثت على مشاركة دبلوماسية أكثر قوة من إدارة ترامب وحذرت من تنفير الحلفاء عن طريق الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.
وكانت “مجموعة الأزمات الدولية” أصدرت تقريراً في شهر فبراير/شباط، يُحذر من أن أجواء التوتر الحالية جعلت “سوء التقدير أكثر احتمالاً” في سوريا. منذ ذلك الحين، تفاقمت مخاطر التصعيد بشدة.
"عربي بوست"