إيران تترقّب ضغطاً إسرائيلياً لأسبوعين مقبلين.. بقلم: روزانا رمال

إيران تترقّب ضغطاً إسرائيلياً لأسبوعين مقبلين.. بقلم: روزانا رمال

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١ مايو ٢٠١٨

مفاوضات ماراتونية تلك التي سبقت توقيع الدول الغربية مع إيران اتفاقاً فريداً من نوعه أوصل بنهاية المطاف إلى ستاتيكو سياسي وأمني منع شنّ حرب عليها ومنع أيضاً التجاذبات السياسية التي كادت تؤدي إلى نسف برنامجها على أساس أنها تتوجّه لصناعة قنبلة نووية تهدّد أمن المنطقة. هذه المفاوضات استغرقت في مرحلتها النهائية من 26 آذار لغاية 2 نيسان 2015 في مدينة لوزان السويسرية. وهي نفسها اليوم تخضع لإعادة النظر وكأن الولايات المتحدة بإدارتها السابقة أجبرت على مثل هذا التوقيع كمؤسسة لا كرئيس تمثل حكمه بباراك أوباما. الأمر الذي تحاول «إسرائيل» الاستفادة منه. أي أن محاولتها التأثير على دونالد ترامب الرئيس الحالي للولايات المتحدة من اجل نقض تفاهمات سلفه صارت اقوى من اي وقت مضى، مع العلم ان ما يتجه نحوه ترامب لا يشبه هذه الفرضية، خصوصاً في ما يتعلق بالملف الكوري الشمالي، حيث صار التفاهم مع الزعيم كيم جونغ أون شبه واضح لجهة ليونة غير مسبوقة كان لحلفاء روسيا، خصوصاً الصين اليد الطولى، في المساعدة للتوصل أولاً لحل خلاف عمره 65 عاماً وصولاً الى تمهيد الطريق وتعبيدها لقمة تاريخية بين كيم جونغ أون ودونالد ترامب.
وتذكيراً بخطوات مصيرية واتفاقات تاريخية كانت لباراك اوباما مهمة التوقيع على الملف النووي الإيراني إضافة لمصالحة كوبا والولايات المتحدة الأميركية بعد عقود من الخلاف المؤلم. واليوم صارت الفرضية اسهل عند ترامب الذي ينقض كل سلوك سلفه أوباما السياسي في حين يتجه نحو نسخ أجزاء أساسية منه في كل يوم يمضي، فالملف النووي الكوري الشمالي يشكّل شبيهاً للملف النووي الإيراني والمصالحة مع كوبا تشبه المصالحة بين الكوريتين وتحسين العلاقة مع الأميركيين. وبالتالي الاعتراف بكوريا الشمالية دولة ذات سيادة وحقوق.
العيون التي تتجه نحو الكوريتين أخذت اليوم نحو سورية التي تشهد حراكاً مثيراً للجدل. وهو حراك سياسي لافت. والسؤال عن سبب زيارة المسؤول الإيراني الرفيع علاء الدين بروجردي الى دمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد في هذا الوقت، حيث يحتلّ الحيّز الأكبر من التطوّرات السريعة التي تعني أن التنسيق على أعلى مستوياته بين طهران ودمشق من أجل تطوّرات وأشياء دقيقة تجري وجرت في الساعات الماضية، ربما يفسرها الغموض الذي يشوب القصف الذي طال منشآت إيرانية في حماه وحلب تحدّث السكان عن مشاهدتهم وتصويرهم ألسنة النار ووكالات عن سقوط عشرات الضحايا بينهم إيرانيون في الوقت الذي نفته إيران ونفته واشنطن كذلك الأمر. وهو ما زاد الالتباس من دون أن يعني ذلك أن كل شيء على ما يُرام وأن ما سمعه سكان تلك المنطقة المقصودة كان عادياً.
النفي يعني أن أحداً من الطرفين لا يريد الذهاب الى حرب، لكن هذا يعني أن أحد الأطراف هدّد بها وإلا لما كان هذا الأمر قد تمّ باتفاق غير مباشر، كما كشفت وسائل اعلام أميركية أعلنت النفي من عندها كشبكة «سي ان ان».
صار أكيداً أن هذا القصف او التوتر الأمني هو نتيجة ضغط إسرائيلي على واشنطن من اجل نقض الاتفاق النووي او التخلي عنه. وما كشفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس، لامس المبالغة والفبركات في اللحظات الأخيرة، فلماذا لم يكشف عن وثائقه التي تدين إيران قبل هذا التوقيت؟ هل لأن كل الضغوط لم تفلح في إقناع الأميركيين بضرورة الحرب على إيران؟ أم انه يتجه لأخذ موافقة لإعلان حرب من جانب واحد؟
مؤتمر صحافي لنتنياهو أكد فيه امتلاك «إسرائيل» أدلة قاطعة، على أن إيران لم تتوقف عن سعيها لامتلاك السلاح النووي، رغم الاتفاق الذي توصلت إليه مع الدول الكبرى، وأن طهران تقوم بتطوير برنامج سرّي، مستنداً إلى ما قال إنها وثائق دقيقة جداً حصلت عليها «إسرائيل». وفي التفاصيل استعرض نتنياهو خلال عرض أمام وسائل الإعلام الإسرائيلية، إن لدى «إسرائيل» عشرات الآلاف من الوثائق الإيرانية الأصلية، التي تم الحصول عليها «قبل بضعة أسابيع في عملية ناجحة بشكل مذهل في مجال الاستخبارات».
وثائق نتنياهو التي وصفتها وسائل إعلام إسرائيلية بـ «الكاذبة» بعد أن شكّكت أخرى بها، تمثل شكوى إسرائيلية الى العالم من شأنها أن تؤخذ بعين الاعتبار على أنها هواجس لا يمكن تجاهلها. وبهذا من المؤكد أن المنطقة ستعيش لهيباً لحين تمرير الاستحقاق النووي المفترض، لكن المؤكد أيضاً أن الضغوط اليوم على إيران مضاعفة، فسابقاً لم يكن حجم الضغط السعودي بالحجم الذي جاء عليه اليوم ولا كانت خسائر المملكة في اليمن مؤلمة وموجعة بهذا الحجم والصفقات بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والولايات المتحدة الأميركية تزيد الالتزام الأميركي بإيجاد طريقة لتقويض الاتفاق او تقويض إيران. بالتالي فإن محاولات «إسرائيل» كذلك السعودية لن تتوقف في مقبل الأيام التي صار فيها التساؤل عن أي تطوّر مرتبط حكماً بهذا الملف.
وبهذا تكشف مصادر متابعة لـ «البناء» أن الترقب الإيراني في الأيام المقبلة لأي عمل أو نشاط إسرائيلي في الجبهات والمحاور كافة سيحكم المشهد وأن الاستنفار كبير على الأصعدة الأمنية والسياسية والاستخبارية كافة، كما أن العواصم المعنية تجهد لضبط النفس من دون أن يعني ذلك أن إيران ستساوم في طرح أي بند من بنود الاتفاق للتفاوض مهما ازدادت الضغوط. وترجّح المصادر أن يكون هذا الضغط والتصعيد الأميركيين نتيجة ضغط مزدوج تمارسه كل من «إسرائيل» والمملكة العربية السعودية كفرصة أخيرة قبل أن تصبح طاولة المفاوضات على ملفات المنطقة أخصّها اليمن جاهزة بشروط مكلفة سعودياً وإسرائيلياً.