النهي عن المنكر  .. بقلم: ميس الكريدي

النهي عن المنكر .. بقلم: ميس الكريدي

تحليل وآراء

السبت، ٥ مايو ٢٠١٨

دخلت غرفة الادارة وكنت يومها مدرس مكلف لمادة الفيزياء ..المدير يناقش الأهالي والأصوات تعلو وتعلو ......

وفهمت أن القصة عن أولاد في المرحلة الاعدادية بين الصف السابع والتاسع تم ضبطهم حسب ما قاله المدير بحالة ممارسات جنسية مع بعضهم .. من ضمن النقاش كان المدير يقول للأخ الاكبر لأحد الطلاب : (( أخوك هو المفعول به وأنت تعتقد أنه ليست هناك مشكلة ؟!!!))

وأذكر من تلك الحكاية أيضا الحديث الذي قاده السيد المدير عن أن الولد الثاني هو هكذا لأن والدته امرأة سيئة السمعة .......

كل هذه الضوضاء ولم يتطرق أحد للدور الرقابي للمدرسة أو التوعوي .....

توقف الحديث عند الاساءة للأطفال وعائلاتهم ... وطبعا مع انعدام أهلية تربوية أساسا ..إلا ما ندر وهي اجتهادات فردية ...

فالمدرس من المجتمع والمجتمع في ضلال والضلال يحتاج قناديل الايمان والايمان على قياسات المشرعين وليس على قياسات الانسانية ..

أما بعد : وحتى أنا في ذلك الوقت لم ألتقط من الحديث إلا وجهة نظر المدير وهو مدرس فلسفة مخضرم ومن ذوي السمعة الحسنة الباع الطويل في العطاء .. معنى الكلام أن هذا كادر من وجه البسطة .....وهذا كلام ينتمي لزمن أقل ازدحاما .....قبل حوالي 18 عاما .. العالم ينام على شهواته ...ونحن شعوب التلظي ......نتلظى سترة الليل على شبقنا .....سترة الزوايا المخفية على عوراتنا ..ظلالنا تلاحقنا ونحن نسرق رغباتنا ونخجل من أجسادنا ...... والدين وسيلة التهذيب تختلط في رواياته المتناقضات لأن لكل عصر ملامح ...والجنس أزلي مع وجود الانسان ..

فالغلمان وردت في نصوص تنتمي لحقب من التاريخ ومع حكايات عنها ...والخصيان والجواري والمحظيات ..وترافقت هذه الظواهر مع انتفاخ المتعة في قصور الخلفاء بفعل استخدام الدين وتأويله ..والذي منح أغطية شرعية حتى للخلافة العثمانية واضطهد الناس باسم الله ..

وإن كنّا نتمسك الْيَوْمَ بشيء فهو الدولة والمواطنة ومكاسب التحولات السياسية..لذلك نحارب الاٍرهاب الذي يتستر خلف التطرّف ويستخدم الظلامي في الخطاب الديني .. مازلنا نخاف من فتح الحديث بين دفتي كتاب وبأسلوب كاتب متحضر وننسى أن الشوارع تبصق غرائزها في كل مكان ..وما تطالبنا الرقابة بقصقصته هو ثقافات مجتمعات تتمرغ وحل غرائزها ..وما هو ممنوع الحديث والكتابة عنه ..هو فعل واقع يحدث ويتكرر .....

بين هذا الحديث وتتمته آلاف الفواصل والنقط .....وأسرار كل مكبس إصبع في أجسادنا نحن محرومون منها بقرار المشرع الذي احتكر قياسات الأداء البشري وفق التفصيل الديني ..

ولأن النفس البشرية تحمل داخلها ملائكتها وشياطينها لم يستطع أي تشريع ضبطها فصارت الزوايا المظلمة أماكن تبول واحتلام وكبرت الممارسات البشرية تحت مسميات الخطيئة ......

الأديان صنعت لنا منتجا قاتلا هو الخطيئة فاقضوا اعماركم تتوضأوون وتتطهرون من رجس خطاياكم .. أي قطيعة تاريخية بيننا وبين أنفسنا ........

من أساطير الخصب إلى النقاب والعورات المتوحشة تحت نفير الصور خوفا من يوم القيامة الذي بعده للصالحين كل أصناف المتعة .... والمتعة جنس وخمر وحرير ......