صنـّاع الحياة.. بقلم: فاديا مجد

صنـّاع الحياة.. بقلم: فاديا مجد

تحليل وآراء

الأحد، ٦ مايو ٢٠١٨

في ذكرى عيد الشهداء نستذكر صفحات مضيئة من تاريخ شعبنا السوري المقاوم,الذي لم يهادن يوما محتلا أو خائنا ,ولم يساوم على قيمه ووحدته الوطنية.
ففي مثل هذا اليوم منذ مايزيد على قرن من الزمن أزهر الياسمين الدمشقي بلون قان , واستيقظ السوريون على خبر إعدام جمال باشا السفاح لنخبة من رجالات الفكر والأدب والسياسة في كل من دمشق وبيروت... ممن رفعوا لواء الاستقلال والحرية , متحدين الظلم والاستبداد , فانضموا الى قوافل الشهداء , وعبّدوا طريق المجد لقوافل متتالية لحقتهم إلى دنيا الخلود لتسجل تاريخ الوطن بأحرف من نور ونار.‏
وفي مثل هذا اليوم صدحت أهزوجة المرجة التي أطلقت بعد إعدام شهداء السادس من أيار كتعبير عن حضور ساحة المرجة .. يوم تشرفت أعواد مشانقها بحمل أجساد الشهداء (زينوا المرجة... والمرجة لينا ... شامنا فرجة وهي مزينه) هذه الأهزوجة التي مازالت مترسخة في أذهان كل السوريين الشرفاء ونرددها بكل فخر واعتزاز.‏
واليوم وبعد كل هذه العقود الطويلة من الزمن يؤكد الشعب السوري مجددا أن طريق الشهادة لم يغب يوما عن شعب عشق الحرية والكرامة ، فهو الحاضر الذي لا يغيب مهما اختلفت الأزمنة وتبدلت المعادلات ... وهاهم أحفاد شهداء السادس من أيار وبعد ثماني سنوات على الحرب الارهابية الوهابية يسطرون أروع ملاحم البطولة والفداء ضد قوى الارهاب العالمي وأذنابه من مستعربين وأشباه أزلام ، مقدمين الروح والدم كرمى عزة وشرف الوطن ، وليعترف شهر أيار أنه لم يعد الشهر الوحيد الذي يستذكر فيه السوريون انتصاراتهم وتضحياتهم ، فقد أصبح عيد الشهداء واقعا معاشا ...فكل يوم نزف شهيدا ، ونكلل نعشه بأكاليل الورد والغار ,ونسمع صدى زغاريد الأمهات يصدح في عرس الأبناء ,أولئك الأبطال.. الناسكون في معبد الوطن ,المسكونون بقيم المحبة والعطاء , والذين سلكوا طريق المجد ,واستعذبوا الموت , لينعم أبناء سورية وأحفادهم بحياة حرة كريمة.‏
في السادس من أيار وكما في كل يوم ... تقف اللغة حائرة في حروفها ,فكل البلاغة أدنى من تصويركم ,وكل الكلمات قاصرة عن وصف عظيم تضحياتكم ...أنتم ياقدس الأقداس ,وطهر الجباه ,وصنّاع الحياة ,يامن عشقتم تراب سورية وآثرتم أن تضموا من عشقتم وتذوبوا به.‏
تحية لأرواحكم الطاهرة يا أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر ، فمن طهر دمائكم تولد الحياة العزيزة والكريمة لشعب أبي عانق كبرياؤه قمم الجبال ، وإن شاء الله نحتفل بالنصر القريب.‏