كيف يدمر بن سلمان بقرة السعودية الحلوب؟

كيف يدمر بن سلمان بقرة السعودية الحلوب؟

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٦ مايو ٢٠١٨

عملت «أرامكو» السعودية على مدار 40 عاما تقريبا مع درجة كبيرة من الاستقلال كشركة نفط وطنية وقد عمل ذلك بشكل جيد بالنسبة للشركة وللبلاد حيث ازدهرت «أرامكو» ماليا ومولت وحدها تقريبا نفقات الدولة السعودية والعائلة المالكة لعقود طويلة.
 
لكن هذا يمكن أن يتغير فـ«محمد بن سلمان»، ولي العهد السعودي يعيد تشكيل بلاده، ويبدو أنه عازم على وضع بصمته على «أرامكو» وهناك علامات تدل على أن الحكومة تمارس السيطرة على أهم قرارات شركة «أرامكو».
 
وهذا خطأ قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الشركة، وبالتالي جزء كبير من الاقتصاد السعودي. وعندما يتعلق الأمر بمستقبل شركة «أرامكو»، تحتاج الحكومة في الرياض إلى السماح للمحترفين بأداء وظائفهم.
 
تعد «أرامكو» شركة فريدة من نوعها بين شركات النفط الوطنية وبدلا من الاستحواذ على الشركة من خلال التأميم، اشترت الحكومة السعودية «أرامكو» من مالكيها الأمريكيين في معاملات في السبعينيات وأصرت القيادة السعودية خلال ذلك الوقت على الشراء القانوني لتجنب الإخلال بمشروع مربح بشكل كبير.
 
وبعد الشراء تركت الحكومة السعودية العمل بشكل أساسي لموظفي «أرامكو» الذين كانوا، في ذلك الوقت، مزيجا من المدراء الأمريكيين والسعوديين، وفي أقل من عقد من الزمان، أخذ التنفيذيون السعوديون زمام الأمور وقد عمل الكثير منهم في «أرامكو» ابتداء من سن المراهقة ما حولهم إلى رجال نفط محترفين.
 
كانت الشركة مملوكة من قبل السعودية، لكنها جمعت إيراداتها بطريقتها الخاصة وضبطت مواردها المالية الخاصة، وقد أخبرني «علي النعيمي»، الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو» في الفترة من 1988 إلى 1995، أن وزارة المالية السعودية حاولت أن تستحوذ على تمويل الشركة في الثمانينيات، ويقول: «قلت بأي حال من الأحوال فإن الدخل يأتي إلينا، ونحن نقدم لك الضرائب والأرباح منه لكن لا يمكننا أن نعطيك الدخل مباشرة».
 
وقد انحاز الملك «فهد» في ذلك الوقت إلى «النعيمي»، لأنه فهم أن استقلال «أرامكو» كان حيويا لنجاح المشروع وبالتالي ثروة الدولة السعودية، والشعب والعائلة المالكة.
 
ومع الاستقلال المالي جاء الاستقلال الاستراتيجي حيث تطورت «أرامكو» ونفذت خطة للتوسع عالميا تحت قيادة «النعيمي» وخلفائه، وأصبحت الشركة الأكثر تأثيرا في آسيا، حيث قامت بتوريد كميات كبيرة من النفط الخام إلى المصافي التي اشترتها في الصين وكوريا الجنوبية حتى أنها اكتسبت السيطرة على أكبر مصفاة للنفط في الولايات المتحدة من خلال المناورات التي بدأت في أواخر الثمانينات.
 
كما استثمر التنفيذيون في شركة «أرامكو» بكثافة في الأبحاث والابتكارات التكنولوجية وتقول الشركة الآن إنها تأمل في الحفاظ على الموارد الطبيعية في المملكة العربية السعودية وإطالة أمدها في صناعة الطاقة إلى أبعد من 70 عاما مقبلة.
 
ودون ضغوط السياسيين أو المستثمرين، عملت «أرامكو» على حماية البيئة، على سبيل المثال من خلال تكنولوجيا تنقية الكربون والطاقة الشمسية.
 
الاكتتاب المربك
 
وعلى نحو مفاجئ، في يناير/كانون الثاني 2016، خلال مقابلة مع مجلة إيكونومست، أعلن الأمير «محمد»، الذي كان عمره 30 عاما فقط وكان وليا لولي العهد، أن شركة «أرامكو» ستدرج في سوق الأسهم على الملأ وقد بدت الشركة غير مستعدة للإجابة على الأسئلة الأساسية وأصدرت بيانا قالت فيه إن هناك حاجة إلى فحص إضافي، ومنذ ذلك الحين، بدت خطط «أرامكو» غير منظمة، وقد تم دفع الكثير من الأموال إلى البنوك والاستشاريين لتسهيل الاكتتاب العام الأولي، ولكن كان هناك القليل من التوجيه أو المعلومات حول متى وأين وكيف سيحدث.
 
وبالفعل، ناقشت الأطراف المختلفة داخل الحكومة السعودية علنا أولويات متضاربة بالنسبة لـ«أرامكو» وزعم وزير المالية السعودي أن الشركة يمكنها بيع حصة في صفقة خاصة، وهناك تقارير بأن الأمير «محمد» يريد أن يدرج «أرامكو» في بورصة نيويورك، لكن وزير النفط يعتقد أن بورصة لندن ستكون أفضل.
 
وهنا تكمن المشكلة فلطالما اتخذت الشركة قراراتها الخاصة بشأن خطواتها التالية والآن ينتظر القرار من الخارج. فمن يمتلك «أرامكو» حقا؟ إن خط الشركة الرسمي هو أنها مملوكة من قبل الحكومة السعودية. لكن ماذا يعني ذلك؟ من هو سيد استراتيجية «أرامكو»؟.
 
عندما سألت نائب رئيس «أرامكو» للاستراتيجية والأسواق، قال «ياسر المفتي» إن المجلس الأعلى لـ«أرامكو» السعودية، برئاسة ولي العهد، يقوم بدور «ممثل المساهمين» ويتلخص الدور التقليدي للمجلس في الموافقة على خطط الإنفاق وتحديد أعضاء جدد لمجلس إدارة الشركة. وفي أبريل/نيسان، تم تعيين أعضاء مجلس الإدارة، بما في ذلك أول امرأة واثنين من كبار المسؤولين الحكوميين المقربين من ولي العهد.
 
ولطالما حافظ الملوك السعوديون على استقلال «أرامكو» لأن أرباح «أرامكو» جعلتهم أقوياء، والآن تمارس العائلة المالكة والبيروقراطية الحكومية سيطرتها وربما تتغير العلاقة. ويفسر الأمير «محمد» ذلك بأنه يريد أن يخلص المملكة من «إدمانها على النفط» وينوي تنويع الاقتصاد.
 
ولكن «أرامكو» تعتبر ثروة وقوة وبدون استقلال الشركة قد تكون هذه القوة محفوفة بالمخاطر.