ترتيبات ما بعد «خفض التصعيد» في الجنوب.. بقلم: أنس وهيب الكردي

ترتيبات ما بعد «خفض التصعيد» في الجنوب.. بقلم: أنس وهيب الكردي

تحليل وآراء

الخميس، ٢٤ مايو ٢٠١٨

تستعد منطقة خفض التصعيد في الجنوب لتطورات كبيرة في الأيام والأسابيع المقبلة، مع اقتراب الاتفاق الروسي الأميركي الأردني من نهايته.
لم تنجح واشنطن أو عمان في تنفيذ الشق الموكل إليهما بموجب الاتفاق، كالقضاء على مسلحي تنظيم داعش وجبهة النصرة في درعا، أو ترتيب إعادة فتح معبري نصيب والجمرك القديم بين سورية والأردن اللذين يخضعان لسيطرة المجموعات المسلحة المدعومة أميركياً وأردنياً، ما يجعل الروس في حل من الاتفاق، والاتجاه إلى ما بعده.
لذلك، لم يكن غريباً توجه قوات من الجيش السوري إلى محافظة درعا استعداداً لتنفيذ عملية عسكرية في المنطقة، بالترافق مع إعلان مسؤولين عسكريين روس قرب انتهاء اتفاقية خفض التصعيد في الجنوب وحديثهم عن «المواجهة العسكرية المحتومة» مع جبهة النصرة، في استعادة لما كان أعلنه رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف مطلع الشهر الجاري أمام نظيره الأردني أيمن الصفدي، من ضرورة «القضاء على التنظيمات الإرهابية في مناطق خفض التصعيد».
وتحوك موسكو الترتيبات التي ستحكم هذه المنطقة ما بعد انتهاء اتفاق خفض التصعيد. وللمرء أن يستشف بعض هذه الترتيبات، فالأولى ولا شك تتعلق باستعادة الحكومة السورية السيادة على كامل المنطقة، بما يعنيه إنهاء الوجود المسلح غير الشرعي، وترحيل الراغبين إلى مناطق سيطرة مجموعات قريبة من الولايات المتحدة، واستعادة السيطرة على المعابر الحدودية وتشغيلها. الثانية، ترتبط بالقضاء على وجود تنظيمي داعش وجبهة النصرة في المنطقة وترحيل مسلحيهما إلى البادية للأول، وإلى إدلب للثاني. والثالثة، سحب فتيل أزمات إقليمية لا داعي لها، عبر التأكد من بسط الجيش السوري سيطرته على كامل المنطقة الجنوبية من البلاد.
اللافت أن التحضيرات لمعركة الجنوب، ترافقت مع تنفيذ مجموعات قتالية لحزب اللـه اللبناني وغيره من المجموعات المدعومة من إيران إعادة انتشار في المنطقة باتجاه العاصمة، وخطوة إعادة الانتشار هذه جاءت وسط تأكيد السفير الإيراني لدى الأردن مجتبي فردوسي بور أن بلاده لن يكون لها أي دور في معركة الجنوب التي لم يستبعد أن يطلقها الجيش السوري، بدعم من روسيا، إذا ما فشلت الاتصالات الروسية والسورية مع المجموعات المسلحة هناك، وكشف عن جانب من تلك الاتصالات، مبيناً أنها تستهدف «إجراء مصالحات في منطقة الجنوب ودرعا، تضمن عودة السيادة السورية» إليها، و«توفير طريق آمن للمسلحين الراغبين في الخروج إلى إدلب أو غيرها».
إذاً، تعمل روسيا في الوقت الراهن على إرساء ترتيب للمنطقة الجنوبية من سورية يعيد مؤسسات الحكومة السورية إليها ويمكن الجيش السوري من بسط سيطرته عليها، من دون أن يؤثر في العلاقة المستقبلية بين سورية والأردن بما يضمن الاتفاق على عودة اللاجئين السوريين من المخيمات على الأراضي الأردنية، وفتح المعابر الحدودية بين البلدين وعودة تدفق السلع والأفراد عبرها لإنعاش الاقتصادين السوري والأردني.
روسيا أيضاً ومن ضمن الترتيبات التي تريد بناءها في جنوبي البلاد، إنهاء الحضور الأميركي في التنف والركبان، وتفعيل التواصل بين سورية والأردن، ربما خلال فتح معابر جديدة لإنعاش المنطقة.
عين موسكو أيضاً على أن تكون المنطقة الجنوبية عنواناً للأمن والاستقرار الإقليميين، وحمايتها من عواصف وتقلبات الشرق الأوسط، وخصوصاً في ضوء اشتعال أرى الصراع الأميركي الإيراني بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من «خطة العمل المشتركة الشاملة» أي من الاتفاق النووي الإيراني، وتزايد حدة الصراع الإيراني الإسرائيلي في ضوء التهديدات التي يصدرها المسؤولون الإسرائيليون لطهران ودمشق.