أجساد مقدسة  بقلم: ميس الكريدي

أجساد مقدسة بقلم: ميس الكريدي

تحليل وآراء

الأحد، ٢٧ مايو ٢٠١٨

يحتاج المثقف الثوري كتاب وامرأة وسابقا باكيت حمرا طويلة ...اليوم قد يكون سيجار كوبي أو ما يعادله ..
تاريخيا قام الرجال بحمل لواء العنف في صراعهم على السلطة والهيمنة ..وصارت المرأة جزءا من ثقافة الحرب ...غنائم الحرب ...
أكثر الأوساط التي تطلق الشائعات ضد النساء وتتعاطى مع أطروحاتهن بردود أفعال شخصية هي المجالات التي تشتد فيها المنافسة كالسياسة والاعلام والثقافة ...وتلعب الشهرة دورا في تسليط الأضواء على العاملين في هذه القطاعات ..
في مكان ما بكت امرأة بعد أن انهار حلمها في أستاذها الجامعي ..أو في كاتب معروف جعلت منه قدوتها  فانهارت أمام خفاياه وأبعاده الفراغية ...أو دجال ثوري باع نفسه في اسواق الانفتاح السياسي ...
قد يعتقد البعض أن التباكي على واقع المرأة مبالغ فيه ولكنها ضحية فعلية من حيث تطورها العاطفي في مقابل همجية سائدة  سواء في أمومتها التي تنبثق عن الولادة والولادة هي الحياة أو في اتساع مساحات الرحمة في تفكيرها المرتبط بالعطاء ..والذي يقابله جحود في إنكارها ..
ومع الوقت يسود الصمت ثلاثة أرباع السلوكيات الخاصة وإن وصلت ذروة القدرة على التعبير تختار أدوات الحرب ضد ظالميها ..وقد تتحول قاصة أو روائية أو كاتبة أو مقاتلة وتهرب من ظل ذاكرتها الثقيل مع رجال استعمروها بطابورها العاطفي الخامس وغزوها مثلما يغزون منذ ألفي عام ..
وقد تتقبل الواقع وتخوض غمار تنازلاتها عن كرامتها في صمت ....وقد ترفض وتتراجع إلى أول وصاية ذكورية تمنحها طمأنينة وحماية من ذكورية أخرى ...وقد تقلب نفسها ذكرا فكريا ...وقد تصبح بسطة تعرض نفسها عليها .....وقد تصبح جمادا قلقا من حركته فيختار السكون الانساني ..
عرفت رجالا قلائل يحترمون المرأة بأبعادها الحقيقية ...وعرفت رجالا يفصلون المرأة على قياس مخيالهم الذكوري ..وعرفت رجالا أكثر يدعون احترامهم لها ..وعرفت رجالا تنتهي علاقتهم بالمرأة بانتهاء نزواتهم ....أما أولئك الذين ينتمون لسواد المجتمع فهم الكتلة النائمة في ظلال لقمتها .....تأكل وتنام ....وتمارس الحياة الطبيعية بفطرية تتعلق بالوجود تماما مثل كل أنواع الثديات أي خارج التطور الانساني الذي تحتفي به البشرية ..
أعترف لكم بأني أهرب مما يجب أن أقول :
أحاول أن أقول : أن لدينا في شوارع الباطنية ...شوارع الخوف ...ضمن حلقة الاضطهاد المغلقة كل على من هم دونهم نمارس الباطنية في السياسة والباطنية في العلاقات الاجتماعية والباطنية حتى في الاقتصاد ..
يحدث أن ترتدي الجواميس بدلات سينيه وكرافيتات وبنطلونات جينز أجنبية ثم يحرثون النساء في فراش لا اعتراف بمقدسه الذي قدس المرأة بأن أعطاها الألوهية .....ويحدث أن يعيد سيفه إلى غمده بعد أن يقطع وريدها الذي انتفض لانتفاضة روحه ...
يقولون إن الذكورية تخجل من ضعفها عندما تغلبها شهوتها ورغباتها .....وكثر ينتهون مع الندم وينعكس هذا  الندم حقدا على الأنثى التي تصير مصدر الفتنة التي بها افتتنوا ....وهي الرجس الدنس التي أثقلتها ديانات الغزو والسيطرة ووضعت على ظهرها أوزارها ..وبعد أن كان الحب طقسا للعبادة ..أصبحت عقوبته على المرأة جريمة شرف ...وبعد أن كان الحيض رمزا للحياة صار نجاسة ..ووجب الاغتسال من النساء للتطهر منها ..وإمعانا في امتلاكها المهين انحصر الشرف في جسدها المستهلك ..وصارت متاعا وميراثا حتى لو حاول القانون الخجول في شرق التهافت حمايتها ينتصر العرف وتنافح الشوارب ..وكم من رجال بلا شوارب ومغلفين بالسلفان ومدججين بقراءاتهم وإطلاعهم على الفنون العالمية  والموسيقى ويخفون بين أسنانهم أنيابهم التي تأكل كل الأجساد وتختفي خلف دماثتها الفكرية في عالم أبشع ما فيه أن ينافق المقنعون بوجوههم الأليفة ...
كلما ارتقت الأنثى بعلو شأن روحها تتقن الحياة وتتقن احترام جسدها ...وقلما تجد شريكا يقدس مقدسها لأنه سيتعاطى معه مادة لحظة .....
مع مرور الوقت تحولت الرغبات وجبات جاهزة على الانترنت أو وجبات سريعة بلاروح وفي ثقافة السوق والعرض والطلب وللأسف  تتورط المرأة بقرارات المجتمع الاقتصادية  وبالانفتاح فتصير هي أول السلع المعروضة للبيع والايجار......