فيروس «القلق».. بقلم: عبد الرحيم أحمد

فيروس «القلق».. بقلم: عبد الرحيم أحمد

تحليل وآراء

الأربعاء، ٣٠ مايو ٢٠١٨

يبدو أن فيروس «القلق» الذي شكّل علامةً فارقةً لموظفي الأمم المتحدة بمختلف مناصبهم، لم يعد حكراً على المنظمة الدولية التي يمسي موظفوها معربين عن شعورهم بالقلق، ويصبحون على الحال نفسه، والملاحظ أن هذا الفيروس ينتشر هذه الأيام بسرعةٍ كبيرةٍ لدى كبار المسؤولين في دول عدة، ووصل منطقتنا أيضاً.‏
 
مناسبة الكلام عن فيروس القلق هو ذاك الكمّ الهائل من «القلق» الذي شعر به العديد من المسؤولين في الدول الأوروبية، والولايات المتحدة حيال القانون رقم 10 الذي صدر مؤخراً بخصوص المناطق التنظيمية في سورية.‏
 
المؤكد أن أياً من أولئك المسؤولين لم يقرأ القانون رقم 10 ولا يعرف عن تفاصيله شيئاً، لكن وصل مسامعهم أن الولايات المتحدة شعرت «بالقلق» حيال القانون، فانتقلت العدوى إلى دول أوروبية وعربية، لأن «الفيروس» أصبح مقاوماً لكلّ المضادات الحيوية، وسريع الانتقال والانتشار عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.‏
 
لكن فيروس «القلق» هذا رغم خطورته يجرّ خلفه «أبعاداً إنسانية»، ومشاعر تعاطف من النوع الرفيع!!، فهو مرتبط بأحوال السوريين المهجّرين من وطنهم، ومن «الطبيعي» أن تشعر الإدارة الأمريكية وميركل الألمانية وماكرون والاتحاد الأوروبي وبعض المسؤولين في دول الجوار ببعض القلق على أملاك هؤلاء السوريين أكثر من الحكومة السورية!!، فقد أظهرت تلك الدول على مدى سبع سنوات «حرصاً» منقطع النظير على السوريين ومستقبلهم، فكان أن أغرقت سورية بالإرهاب العابر للحدود وسلحّتْ ودرّبتْ وموّلتْ وحمتْ الإرهابيين الذين دمروا البنى التحتية والمؤسسات كرمى لعيون السوريين!!.‏
 
لا نستغرب أن يصاب هؤلاء بالقلق كلما غيّرنا التوقيت في سورية من صيفي إلى شتوي، أو كلما أدخلنا تعديلات على قانون الأحوال الشخصية، والمناهج التعليمية، وطباعة العملة، وشراء محصول القمح، وإعادة ترميم قلعة حلب وجامعها الأموي، وكلما رفعنا علم الوطن في الساحات التي يطهّرها جيشنا الباسل من الإرهاب التكفيري.‏
 
حالة القلق الغربية هذه رغم ما تحمله من تعبير عن نوايا عدوانية ضد سورية فهي تدل بشكل مؤكد على أن الخطوة مثار «القلق» الغربي هي خطوة صحيحة في طريق خلاص سورية من الإرهاب، وإعادة البناء والإعمار، وقد توصل السوريون إلى قناعة أن ما يُقلق الغرب هو بلا شك في المسار الصحيح لمستقبل بلدهم.‏
 
لن يتوقف السوريون كثيراً عند هذا القلق الغربي، وإنْ أرادوا فليقلقوا كثيراً أو قليلاً، لا يهم، فالقانون رقم 10 لمصلحة السوريين، وهو يضمن حقوق المالكين سواء كانوا في سورية أو خارجها، ويستطيعون إثبات حقوقهم بطرق عديدة لا تلزمهم الحضور شخصياً، وهدف القانون تنمية المناطق التي يطبق بها لمصلحة المالكين أولاً وأخيراً.‏
 
والشعب السوري والدولة السورية التي واجهت العدوان المباشر من دول استعمارية عدة، وعشرات الآلاف من المرتزقة الإرهابيين على مدى سبع سنوات لن تثنيها عبارات «القلق» التي يتشدّق بها مسؤولون لم يعد لديهم أكثر من المشاعر يعبرون بها عن مواقفهم…‏
 
وفروا «قلقكم» فستحتاجونه كثيراً.‏