«اللجنة الدستورية» بين حظوظ النجاح وإرادة الحل.. بقلم: سيلفا رزوق

«اللجنة الدستورية» بين حظوظ النجاح وإرادة الحل.. بقلم: سيلفا رزوق

تحليل وآراء

الأربعاء، ٣٠ مايو ٢٠١٨

على ضوء المعطيات والتطورات القادمة من الجنوب بات بحكم المؤكد ذهاب هذا الملف نحو النهايات التي تريدها الدولة السورية، وسواء اتجهت الأمور صوب الحسم العسكري وهو الاحتمال الأقل ترجيحاً، أو جرى التوصل إلى تسوية وفقاً للشروط السورية التي ستفضي إلى بسط الدولة لسيادتها على كامل أراضيها وحدودها جنوباً، وهو الطريق الأرجح لسلوكه حتى الآن، فإن ملف الوجود الإرهابي جنوباً يبدو أنه سيصبح جزءاً من ماضي الحرب السورية بعد فترة قريبة، ليعود التساؤل من جديد عن الخطوة التالية.
لا شك أن الحديث عن عودة الدولة وجيشها إلى كامل المنطقة التي تعايش إرهابيوها لسنوات مع الدعم الإسرائيلي، لن يكون بالحدث الميداني الأقل أهمية عن حدث تحرير محيط دمشق، وانعكاساته السياسية ربما ستكون أقوى من الانعكاس الميداني، وخصوصاً لجهة إخراج العامل الإسرائيلي بالكامل من المعادلة السورية، وإبعاد العامل الأميركي أكثر وأكثر عن التأثير في المعطيات القادمة، التي ستظهر بصورتها الأوضح عند التوجه لاستعادة مناطق الشمال والشرق حيث الوجود الأميركي غير الشرعي بأوضح صوره.
العودة القوية للحديث عن تفعيل المسارات السياسية للحل في سورية، بدأت منذ انتهاء جولة أستانا الأخيرة، لكن تسريع الخطوات نحو إنضاج ظروف انعقاد جولة حوار سوري سوري جديدة ظهرت جلية خلال الأيام الماضية مع تكثيف موسكو لتحركاتها الدبلوماسية، التي أفضت إعلان سورية عن تسليم مرشحيها لـ«لجنة مناقشة الدستور» تمهيداً لإطلاق عملها قريباً.
التركيز الإعلامي على موضوع هذه اللجنة، بدا في لحظة من اللحظات وكأن الحل السياسي كله سينجز عبر التوصل إلى حل في هذه الجزئية المهمة بلا شك، وهذا المعطى على أهميته لا يشكل جل الحل السياسي السوري، بل جزء من مسار طويل لا يقل وعورة وخطورة عن مسار الحل العسكري الذي أنتج فرزاً بين من يريد البقاء داخل حضن الدولة وسيادتها، ومن فضّل صفة الإرهابي وابتعد شمالاً صوب تركيا.
إذاً ووفقاً لمنجزات الميدان فإن الفرز بات أكثر وضوحاً، وعليه يبدو بديهياً أن تخرج إلى العلن العديد من التساؤلات حول الجهات المقابلة والمفترضة التي ستكون شريكة في مناقشة «الدستور السوري»، ومدى أحقيتها في مناقشة شأن يخص السوريين الذين يؤمنون بمفهوم الدولة القائمة بصيغتها الحالية، وأيضاً درجة التمثيل الحقيقي لهؤلاء، والتوجهات التي يمثلونها والتي أظهرت سنوات الحرب السبع رفض أغلبية السوريين لها.
وإذا ما افترضنا أن صيغة أستانا التي لا تزال تضم أطرافاً سورية مهزومة في المعركة الميدانية والشعبية أيضاً كما ظهر للجميع، إذا ما افترضنا أن هذه الصيغة هي التي ستحل كل هذه التساؤلات، فإن تساؤلات أخرى لا تقل أهمية يبدو من الصعب حتى اللحظة على الأقل تفكيك ألغامها، وخصوصاً وجود مناطق واسعة شمالاً لا تزال خاضعة لسيطرة مجموعات خارجة حتى عن القانون الدولي، أو تخضع لسيطرة الإرهاب وحتى «الإيديولوجيا» التركية.
التسريع الروسي إذا صوب البحث في المسار السياسي وعلى رأسه موضوع الدستور لا يعني إذا تسارعا في الوصول صوب الحلول السياسية، فالطريق لا تزال محملة بكثير من التفاصيل والتعقيدات التي سيتكفل الميدان بحل جزء كبير منها بكل تأكيد.
لكن بالمقابل لا ينبغي لتلك التعقيدات إلغاء الحاجة إلى السياسة والحديث بالحلول السياسية للأزمة السورية، فتلازم المسارين الميداني والسياسي بات حاجة وضرورة لجميع الأطراف والدولية منها على وجه الخصوص، ومن ثم فإن عقد جولة ثانية للحوار السوري السوري واجتماع السوريين مجدداً في «سوتشي» سيكون نتيجة طبيعية لكل التطورات السابقة، وإعلاناً من الجميع وعلى رأسهم الدولة السورية عن نيّات صادقة في البحث بجميع الخيارات وعلى رأسها الخيار السياسي الذي من شأنه المساهمة في تسريع إنهاء الحرب المستمرة على السوريين، وتركهم وحدهم يقررون رسم مستقبلهم ومستقبل بلدهم.