ملف الجنوب السوري.. أميركا التي لم تُسلّم والمعارضة التي لم تتعلم

ملف الجنوب السوري.. أميركا التي لم تُسلّم والمعارضة التي لم تتعلم

تحليل وآراء

الأحد، ٢٤ يونيو ٢٠١٨

الدكتور محمد بكر
في عمان تكاثر الحراك السياسي المكوكي بين الأطراف التي دعمت حالة العسكرة والتمرد المسلح على مدى سبع سنوات من الحرب السورية، فرص التوصل لاتفاق، أو تجديد خفض التصعيد في الجنوب باتت في حدودها الدنيا، في حين يحشد الجيش السوري وحلفائه باتجاه درعا وحوران والقنيطرة استعداداً للخيار العسكري وفرض لغة المواجهة، بعد أن فشلت الطروحات الأميركية خلال جولات غير فاعلة على مدى الفترة الماضية، لم تلق الرؤية الأميركية كما نقلت مصادر لصحيفة الأخبار اللبنانية قبولاً لدى دمشق كونها تشكل تعدياً صارخاً على السيادة السورية بحسب التوصيف السوري الرسمي، لجهة تحرك قوات من الدرك الأردني من معبر نصيب جابر باتجاه منطقة النعيمة، وتالياً الدفع باتجاه اسقاط كل الحلول التي حاولت موسكو تسويقها بعد موافقتها وعملها الجاد لجهة ماقيل عن خفض أي تواجد عسكري إيراني أو لحزب الله في المنطقة مقابل انتشار عناصر من الشرطة الروسية.
ماحظي به ملف الجنوب من اهتمام دولي ترجمته زيارات نتنياهو وكوشنير وغرينبلات وحتى المستشارة ميركل لعمان في محاولة لاحتواء أي تصعيد، ولتجديد اللقاءات السياسية القديمة التي من الممكن أن تستولد نقاط تقاطع تفضي لاتفاق سياسي، كان بهدف مراعاة القلق الإسرائيلي بما يخص منطقة الجنوب، ترى فيه إسرائيل أن أي سيطرة للجيش السوري وحلفائه في المنطقة هو تهديدٌ مباشر لأمنها وقاعدة صلبة يحد من سطوتها وجبروتها، بعد محاولات حثيثة لاستنزاف خصومها في الميدان السوري فكانت النتائج ومفرزات ماأريد للحرب السورية من تسعير واستدامة بعكس المأمول إسرائيلياً.
مطالبة المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة نيلي هايلي موسكو بلعب دور فاعل لخفض التصعيد في الجنوب السوري، في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة رفضها ومراوغتها وتملصها من أي محاولات روسية تدير ملف الجنوب بصورة متوازنة ومقبولة إلى حد معين لدى جميع الأطراف يدلل على نقطتين رئيستين :
الأولى : ان أميركا لا تريد أن تسلم بمآلات المشهد الميداني السوري التي أسقطت فيه موسكو وحلفائها مشاريع وسيناريوهات أميركية بالجملة.
الثانية : أن ثمة ما تحضره الولايات المتحدة في منطقة الجنوب على قاعدة الأمل في استحداث تحول نوعي أو إيلام بعينه يلجم الاندفاعة السورية في الجنوب ويعيد حساباتها لجهة صورة ومضمون العملية السياسية.
التعنت الذي تبديه فصائل المعارضة في الجنوب السوري لجهة عدم التسليم، والاستعداد للمواجهة يجعل منها كمن يغرد خارج الواقعية السياسية والميدانية، ومازال يصر على انتهاج التصلب غير المجدي ولاسيما أمام تجارب ووقائع أكدت وبرهنت على تشتت الإرادة السياسة لهذه المعارضة وتشوه بنيتها عسكرياً وسياسياً، وتموضعاً وتعويلاً خاطئين في منظومة التحالفات الدولية، وقراءة قاصرة لجملة المتغيرات الدولية والإقليمية.
مع أننا مع أي صيغة توافقية في الجنوب وندعم أي رؤية سياسية توفر وتحد من صور الدمار والدماء، إلا أن طبول الحرب في الجنوب تُقرع، ويد الجيش السوري وحلفائه تتطاول لرسم مرحلة جديدة من رؤية الدولة السورية وضرورة سيطرتها على كل شبر من أراضيها، في حين تتطاول خيبات وانتكاسات المعارضة التي لم تستق العبر وفي الحد الأدنى لم تتعلم من دروس الخذلان والتخلي.
رأي اليوم