هزيمة واشنطن في سورية .. موازين القوى تحددها الحرب السورية.. بقلم: ربى يوسف شاهين

هزيمة واشنطن في سورية .. موازين القوى تحددها الحرب السورية.. بقلم: ربى يوسف شاهين

تحليل وآراء

السبت، ٣٠ يونيو ٢٠١٨

منذ عقود ومنطقة الشرق الأوسط تعيش تحولات عديدة على الصعيدين الدولي و الإقليمي ، نظرا لما يمثله الشرق الأوسط من مركزا هاما واستراتيجيا ، فأصبح بوتقة للنزاعات والتحالفات الدولية ، و ما يجري في الساحة العربية وخصوصا في سوريا ، ما هو إلا نوعا من انواع التزاحم الدولي لتحقيق السيطرة والنفوذ في هذه المنطقة ذات الأبعاد السياسية و الاستراتيجية الهامة . الاقطاب إن كانت على مستوى الحلفاء أم الأعداء لكل مصالحه ، ولكن ما يختلف هنا الآلية أو المنهج الذي تسلكه الدولة في معالجتها لمفهوم القوة ، فالصراع بين امريكا و روسيا قائم ، والحرب في سوريا رجحت كفة الميزان لصالح روسيا ، وبدا واضحا في المشهد السوري مدى قدرتها السياسية و العسكرية ، و كذلك بوجود القوة الإقليمية الإيرانية أيضا ، حيث بدا واضحا من خلال السياسة الأمريكية الضاغطة على إيران ، كيف انسحبت من التفاهم حول الملف النووي الإيراني من دون تصعيد للموقف معها ، فالترسانة الإيرانية العسكرية و تفوقها في الشرق الأوسط شكلت في أحد الجوانب رادعا لواشنطن لجهة العمل العسكري ضد ايران ، و لعل الرسائل الصاروخية التي وجهتها إيران تشهد لها بالتفوق النوعي ، حينما قصفت بصواريخها البالستية مواقع ومقرات تنظيم "داعش" الإرهابي في شرق دير الزور . انطلاقا من سياسة أمريكا المتعددة الجوانب و التي تأتي في إطار فرض الوقائع السياسية ، انسحبت واشنطن من التسوية في الملف الفلسطيني واكتفت بالإعلان عن صفقة القرن ، و بالتالي كل هذه المعطيات تؤكد فشل الإدارة الأمريكية في سياستها الخارجية ، و بات من الواضح أن الميدان السوري شكل تحولا جوهريا في سياسة واشنطن الخارجية في الكثير من القضايا الإقليمية ، فأصبح تمركزها و وجودها في سوريا تواجد شكلي لضرورة مواكبة المعطيات السياسية و الميدانية المستجدة على الساحتين الإقليمية و الدولية ، خاصة بعد الهزيمة الكبيرة التي منيت بها فصائلها المتواجدة من داعش والنصرة وغيرهم من الفصائل الإرهابية ، فضلا عن كسر خطوط واشنطن الحمراء في سوريا من قبل الدولة السورية و حلفاؤها . حين نتحدث عن موازيين القوى ، يتبادر إلى الأذهان قدرة الرئيس بشار الأسد على المعالجة السياسية الذكية لمجريات الأمور و التطورات في سوريا و المنطقة منذ اليوم الأول للعدوان الكبير على سوريا ، و خلال سنوات الحرب على سوريا اصبح واضحا مدى الحكمة للدولة السورية و حلفاؤها في التعاطي مع مسارات الحرب المفروضة على سوريا ، و هذا ما جعل الأمريكي يفقد الكثير من أوراق القوة و الضغط ، فالروسي أتخذ القرار الاستراتيجي للتموضع في سورية بعد موافقة الحكومة السورية ، من أجل الوقوف في وجه الخطط الأمريكية الرامية أصلا إلى تقسيم المنطقة لإضعافها من أجل حماية دولة الكيان الاسرائيلي و لتهديد المصالح الروسية في الشرق الأوسط ، و كذلك فعل الإيراني ؛ هذه الاستراتيجية التي اعتمدها حلفاء سوريا أظهرت مدى التخبط لدى الأمريكي و أدواته ليس في الساحة السورية فحسب ، بل على الساحتين الاقليمية و الدولية ، الأمر الذي انعكس سلبا في تعاطي واشنطن و أدواتها مع قضايا المنطقة . الحرب على سوريا كانت مُحركا دوليا للأزمات في عموم المنطقة ، و نظرا لتشعب الموضوع و قراءاته السياسية الكثيرة ، يمكننا أن نقول بأن فشل واشنطن و أدواتها في سوريا انعكس على الساحة الإقليمية و تحديدا في اليمن ؛ بالتالي شهدنا في الأعوام الأخيرة فشل واشنطن و منظومتها السياسية في إدارة قضايا الشرق الأوسط ، و هذا ما يهيأ و بشكل واضح إلى خروجها من منطقة الشرق الأوسط ، و الذي بات وشيكا ، لأن صمود سوريا افشل المشروع الصهيو أمريكي في المنطقة العربية .