كيف تسير مناورة تحرير الجنوب السوري؟.. بقلم: شارل أبي نادر

كيف تسير مناورة تحرير الجنوب السوري؟.. بقلم: شارل أبي نادر

تحليل وآراء

الخميس، ٥ يوليو ٢٠١٨

استنادا لنمط تقدم وحدات الجيش العربي السوري في عمليته الحالية لتحرير الجنوب ، و لطريقة الحسم الواضحة والفعالة التي فرضها في الميدان، والتي لم يعيقها الا موضوع حماية المدنيين ، يمكن الاستنتاج أن قدرات الأخير برهنت امكانيته الثابتة في اكمال العملية عسكريا، ولكن ما الذي يؤخر وصولها الى خواتيمها النهائية حتى الآن، والمتمثلة بالانتشار على الحدود الجنوبية والجنوبية الغربية وبسط سلطة الدولة بشكل كامل؟
انطلاقا من سير العمليات العسكرية و محاور تقدم وحدات الجيش ، يمكن تقسيم المشهد الميداني كالتالي :
ريف درعا الشرقي
اكتمل تقريبا انتشار الجيش في كامل شمال شرق درعا ، عبر العمليات العسكرية او عبرالتسويات ، تبقى نقطتان اساسيتان في غرب المنطقة ، مدينة بصرى الشام والتي اكتملت اغلب بنود تسويتها باستثناء تنفيذ دخول وحدات الجيش السوري حتى الان ، و معبر نصيب الذي اصبح قاب قوسين من ان يكون كاملا بعهدة وحدات الاخير .
ريف درعا الغربي
تنقسم تلك المنطقة الى قسمين ، ولكل منها ابعاد وعناصر مختلفة عن الاخرى ، تتحكم بعملية تحريرها ، وهي كالتالي :
– منطقة جنوب غرب درعا، والتي لها امتداد مع وادي اليرموك حيث تسيطر مجموعات خالد ابن الوليد التي تدور في فلك داعش ، مع بعض البلدات واهمها “طفس” و” نوى”، ويلعب مسلحو البلدتين دور إعاقة تمدد وحدات الجيش غربا، وفصلها عن مواقع تمركز ” داعش”، وبالتالي يشكلان سدا تأخيرياً لتحرير تلك المنطقة.
– منطقة شمال غرب درعا ، والتي تشكل الامتداد الميداني المباشر مع القنيطرة، وعمليا الامتداد مع الجولان المحتل، مع احتضان هذه المنطقة لنقاط المواجهة الاستراتيجية تاريخيا مع العدو الاسرائيلي ، مثل تل الحارة والقنيطرة المحررة و جباتا الخشب.
بالتوازي مع المشهد الميداني لكل منطقة من مناطق ارياف درعا والقنيطرة ، يمكن تلمس المعطيات الاستراتيجية التي تتحكم بذلك على الشكل التالي :
في جنوب شرق درعا ، بين بصرى الشام ومعبر نصيب، يرتبط الحل النهائي بمسار العلاقة مع الاردن، لناحية السماح أو الاعتراض الدولي وخاصة الاميركي، على توجيه الاردن في تلك العلاقة، والتي لا شك سيؤثر فتح معبر نصيب وانتشار الجيش العربي السوري على الحدود معه ، في توسيع تلك العلاقة و توجه مسارها نحو التواصل الجديّ اكثر، وهل هذا الأمر مسموح للاردن حاليا؟
في جنوب غرب درعا، أي الامتداد حتى مواقع انتشار تنظيم “داعش”، من الطبيعي أن لذلك الانتشار خصوصية حساسة، يرعاها العدو الاسرائيلي، والذي امتنع حتى الآن عن استهدافها بالرغم من تلاصقها المباشر مع وحداته المحتلة في الجولان، كما وترعاها القوات الاميركية، أقلّه في علاقة مماثلة للعلاقة مع عناصر التنظيم الارهابي في الشرق السوري حيث تسيطر.
في شمال غرب درعا، مع الامتداد حتى القنيطرة، من الطبيعي ايضا ان هناك تقييدات لانتشار الجيش العربي السوري في تلك المنطقة، ترتبط بالعدو الاسرائيلي وسلوكه – إذا صدق – لناحية مطالبته مؤخراً بالعودة الى اتفاق فك الاشتباك مع الجيش العربي السوري، مع ما يحمله ذلك من اعادة انتشار لقوات الاندوف أو قوات مراقبة خط وقف النار والهدنة.
من هنا، يمكن القول إن عملية تحرير الجنوب السوري هي على الطريق لاكتمالها ميدانيا، وحيث ما زالت تنتظر تبلور بعض المعطيات الاستراتيجية المتعلقة بالاردن و بالعدو الاسرائيلي، لا شك ان هذه المعطيات ترتبط بشكل شبه كامل بمسار المفاوضات الروسية – الاميركية، والتي ستكون على رأس جدول أعمال قمة هلسنكي المرتقبة بين رئيسي الدولتين في السادس عشر من شهر تموز الحالي .
العهد