سورية بعد قمة هلسنكي تطهير وتحرير.. بقلم:رفعت البدوي

سورية بعد قمة هلسنكي تطهير وتحرير.. بقلم:رفعت البدوي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٣١ يوليو ٢٠١٨

منذ انتهاء اللقاء الذي انعقد في هلسنكي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب حصلت تطورات مهمة على المسارين السياسي والميداني على الساحة السورية لا بد من التوقف عندها لاستنباط احتمالات مسار المرحلة المقبلة على المنطقة عموماً وعلى سورية بشكل خاص.
وعلى الرغم من الغموض الذي أحاط بنتائج لقاء هلسنكي بيد أن تسريب بعض المعلومات إضافة إلى ربط الأحداث التي تلت اللقاء يتيح لنا فرصة سبر أغوار التفاهمات التي تم التوصل إليها بين وزيري خارجية روسيا سيرغي لافروف والأميركي مايك بامبيو في لقاء جمعهما قبل لقاء القمة بين بوتين وترامب.
يقول مصدر روسي موثوق إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تأخر عن موعد وصوله إلى هلسنكي مدة ساعة ونصف الساعة ليس بقصد الإهانة للطرف الآخر إنما التأخير جاء لإفساح المجال أمام وزيري خارجية البلدين للوصول إلى تفاهمات الخطوط العريضة لمجمل الملفات المطروحة وخصوصاً ما يتعلق بأزمة الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني إضافة إلى بحث الوجود الإيراني في سورية وترتيب الأولويات على الساحة السورية بدقة تفاصيلها مع تشديد روسي على ضرورة ضبط الأمور والعمل على إنهاء المأساة السورية وتمكين الدولة من بسط سلطتها على كل الأرض السورية وتسهيل عودة النازحين في الأردن ولبنان وتركيا، ورسم خريطة طريق تؤدي إلى إنهاء وجود الفصائل الإرهابية المدعومة أميركياً وإسرائيلياً وعدم السماح بحدوث انفجار كبير مع العدو الإسرائيلي من شأنه الإطاحة بكل الجهود المبذولة لإعادة الأمور في سورية إلى ما كانت علية قبل اندلاع الأحداث فيها 2011.
يضيف المسؤول الروسي بالقول: لو تتبعنا ما تم التطرق إليه في المؤتمر الصحفي في هلسنكي لوجدنا الملفات التي ذكرت آنفاً هي التي حازت الاهتمام الأكبر في لقاء القمة لأنها لم تأت على ذكر المشكلة الأوكرانية مثلاً ولا مشكلة كوريا الديمقراطية ولا موضوع الصين ولا موضوع التجسس ولا حتى العقوبات الأميركية المفروضة على روسيا ذاتها.
يتضح من خلال الأحداث التي تسارعت وتيرتها عقب لقاء هلسنكي، لنا تسليم فريق ترامب الأميركي بدور روسيا وخريطتها لإنهاء الأزمة السورية عسكرياً.
أولاً: انكشاف دور منظمة ما سمي «الخوذ البيضاء» وإنهاء مهامها التخريبية المخابراتية النتنة المتغلغلة في سورية وفرار أعضائها التابعين للمخابرات الصهيونية والخليجية والفرنسية البريطانية إلى كيان الاحتلال بعملية إجلاء تبجح العدو الإسرائيلي القيام بها تنفيذاً لأمر أميركي مباشر قضى تكليف رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو عملية الإجلاء.
ثانياً: اجتماع قادة الفصائل الإرهابية في تركيا جاء تنفيذاً لأمر أميركي تكفل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتنفيذه وذلك لإبلاغهم قراراً صارماً بضرورة الجنوح نحو تسويات مع الجانب السوري بضمانة روسية قضت بإخلاء المواقع وتسليم الأرض للجيش العربي السوري وذلك لتجنيب منطقة إدلب ومناطق الحدود مع تركيا معارك دموية وتدميرية.
ثالثاً: إعلان «مجلس سورية الديمقراطي – مسد» المعروف بعلاقاته المتينة مع الجانب الأميركي عن نجاح المفاوضات مع الدولة السورية في دمشق والتوصل إلى اتفاق أسفر عن اتخاذ قرارات بتشكيل لجانٍ على مختلف المستويات وصولاً إلى وضع نهايةٍ للعنف والحرب التي أنهكت الشعب والمجتمع السوري وعودة الدوائر الحكومية للعمل في المنطقة وبتسليم المعابر الحدودية الثلاثة التي تسيطر عليها «قوات سورية الديمقراطية – قسد» للحكومة السورية وهي معبر نصيبين مع تركيا ومعبر ربيعة مع العراق ومعبر سيمالكا مع كردستان العراق.
وإذا ما توجهنا صوب الجنوب السوري لوجدنا أن الجيش العربي السوري نجح وبسرعة في تحقيق أكبر عملية تطهير للفصائل الإرهابية في تلك المنطقة وصولاً إلى رفع العلم السوري في القنيطرة بعد تحريرها وبالتحديد في النقطة الفاصلة مع الجولان المحتل تماما كما كان عليه التموضع للجيش العربي السوري في العام 1974 وبذلك تكون سورية نجحت في القضاء على حلم راود العدو الإسرائيلي بإنشاء محمية أو شريط حدودي موال للعدو الإسرائيلي في تلك المنطقة.
على الرغم من تسارع الأحداث الميدانية في سورية التي ألحقت الهزيمة البائنة بالمشروع الإسرائيلي الخليجي وإنهاء أي مفاعيل للمؤامرة الكونية على سورية إلا أن العدو الإسرائيلي استمر في التدخل مجدداً بهدف إعاقة تنفيذ خريطة الطريق التي رسمت في هلسنكي.
العدو الإسرائيلي تعمّد إسقاط طائرة السوخوي السورية داخل الأرض السورية، إضافة إلى تجميع التنظيمات الإرهابية في منطقة التنف وتقديم الدعم اللوجستي الإسرائيلي لتلك التنظيمات للقيام بمجزرة بشعة في السويداء بالتزامن مع إعلان موافقة كنيست العدو الإسرائيلي على يهودية الدولة وأن القدس عاصمة للكيان الصهيوني، جلها مؤشرات واضحة على امتعاض نتنياهو وإدارته مما آلت إليه الاتفاقات في لقاء هلسنكي ومحاولة الرمق الأخير الإسرائيلية الهدف بالإيعاز لبعض الشخصيات اللبنانية الموتورة من خلال إطلاق تصاريح تتهم الدولة السورية بالتقصير وتشكك بالدور الروسي في آن معاً، وذلك لدق إسفين بين الدولة السورية وبعض مكونات المجتمع السوري الذي أثبت صلابة الانتماء والولاء للدولة السورية، وعلى المقلب الآخر فإن العدو الإسرائيلي استفاد من الخلاف الفلسطيني الفلسطيني والصمت العربي المطبق وانشغال سورية وروسيا في أولوية ترتيب البيت الداخلي لتمرير مشروع يهودية الدولة.
أمام صلابة محور المقاومة ونجاح الجمهورية العربية السورية في إفشال كل مخططات العدو الإسرائيلي وعدم الاستجابة لطلبه بسحب القوى المساندة للدولة السورية مقابل الإصرار السوري على قيادة محور المقاومة، أدرك كل من شارك في المؤامرة على سورية أنه يلفظ أنفاسه الأخيرة في سورية، أما العدو الإسرائيلي رغم احتلاله الأرض العربية وسعيه لتثبيت الحدود إلا أنه بات مدركاً أزمة لا مناص منها وهي أزمة وجود.
نختم بالرد على ألسنة الفتنة بأن سورية قبلت الوجود الأميركي وتخلت عن الجولان للعدو الإسرائيلي، نقول إن تصميم القيادة السورية على استعادة كل شبر من تراب سورية مهما بلغت التضحيات هو قرار وإصرار سوري لا عودة عنه، وأي شيء على وجه البسيطة لن يثني القيادة السورية برئاسة القائد العربي بشار حافظ الأسد عن تطهير سورية العروبة من مجموعات الإرهاب والوجود الأميركي وتحرير الجولان من الاحتلال الإسرائيلي.