حتمية فشل خطة معهد الأمن القومي الإسرائيلي.. بقلم: تحسين الحلبي

حتمية فشل خطة معهد الأمن القومي الإسرائيلي.. بقلم: تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الأحد، ٢١ أكتوبر ٢٠١٨

لم تمر قضية الشعب الفلسطيني في تاريخها بمرحلة كالتي نشهدها الآن إلى حد جعل الكيان الإسرائيلي يتصور لها حلولاً وخيارات متنوعة لتصفيتها، فالكل يدرك أن قضية فلسطين كانت وما زالت تشكل قضية العرب المركزية وهذا ما سجله تاريخ الدول العربية الرئيسة الداعمة لها من سورية إلى مصر ولبنان والعراق ثم إيران بعد ثورة الإمام الخميني وستظل هذه القضية على أولوية جدول العمل العربي التحرري والإسلامي الثوري الذي تمثله الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
في وقتنا هذا يلاحظ الجميع أن هامش إسرائيل في التحرك ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته يتسع أكثر فأكثر بينما يضيق بالمقابل هامش التحرك الذي تمثله السلطة الفلسطينية التي كبلت شعبها باتفاقات أوسلو وتنازلاتها فأصبحنا نجد أن الشعب الفلسطيني لا يتوقف عن الحركة والمقاومة دون أن تتحرك السلطة الفلسطينية معه ومع مقاومته وتطلعاته المشروعة، وعلى جبهة العدو الصهيوني نجد أن القيادة الإسرائيلية تتحرك بخططها في الساحة الإقليمية والدولية الغربية دون توقف من أجل تصفية حقوق الشعب الفلسطيني إلى حد يقول فيه أحد كبار القادة العسكريين الإسرائيليين إن على القيادة السياسية في تل أبيب تغيير الواقع الإقليمي الذي يهدد إسرائيل عن طريق تصفية قضية فلسطين نهائياً بدلاً من التركيز على القوى الإقليمية الصاعدة والمعادية لإسرائيل في المنطقة وأهمها دمشق، وطهران وحزب الله.
ووفق هذه المعادلة الخطيرة نشر معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي «آي إن إس إس» في الثاني من تشرين أول الجاري دراسة تحت عنوان: «الخطة الإستراتيجية للساحة الإسرائيلية الفلسطينية» أعد هذه الخطة الجنرال عاموس يادلين رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية سابقاً ومدير معهد «آي إن إس إس» وبمشاركة العميد المتقاعد رئيس قسم التخطيط في هيئة الأركان الإسرائيلية سابقاً أودي ديكيل.
وتدعو هذه الخطة إلى استخدام إسرائيل الأفضل للوضع الراهن بإبداء مرونة نظرية تجاه حل الدولتين والتوجه نحو الحل الشامل دون التخلي عن وضع بدائل عن الأفكار التي تعرضها في لحظة معينة حين يتغير الوضع الراهن الفلسطيني والعربي.
وهذا يعني أن كل حالة ضعف تعتري الوضع الفلسطيني والعربي ستشكل لإسرائيل فرصة لمتابعة تصفيتها للحقوق الفلسطينية الوطنية والتاريخية، وهذا ما تؤكده الخطة حين تحدد المسار التنفيذي لها وتشير إلى أن المطلوب من القيادة الإسرائيلية أولاً: زيادة قوة الأمن لمنع الاشتباك مع السكان المحليين الفلسطينيين والمحافظة على حرية العمل التنفيذي العسكري على كامل أراضي الضفة الغربية وفرض التعاون الأمني مع هذه الخطة على الأمن الوقائي الفلسطيني التابع للسلطة الفلسطينية.
ثانياً: تحضير المصالح السياسية والأمنية الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية بانتظار التسويات المقبلة وإبداء مظاهر للانفصال عن السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية.
ثالثاً: تمتين الوجود الشرعي الإسرائيلي ومكانتها الدولية والإقليمية وذلك عن طريق خلق تعاون مع دول المنطقة على المستوى الأمني والسياسي الرسمي وفي البنية التحتية الاقتصادية.
رابعاً: فتح باب المساعدات الاقتصادي تدريجياً أمام السكان الفلسطينيين من المجتمع الدولي.
خامساً: تبني سياسة بناء متنوعة في أراضي الضفة الغربية للفلسطينيين دون المساس بخطط الاستيطان وتوسعه بالمقابل.
وتركز الخطة الشاملة على ضرورة الاستقواء على الفلسطينيين بدور عربي مركزي تتولى القيام به دول مثل السعودية ودول الخليج عن طريق تطبيع علاقاتها الرسمية بشكل علني مع إسرائيل وتجاوب هذه الدول مع ما تطلبه إسرائيل منها للتأثير على الفلسطينيين لإيجاد تجاوب منهم مع المشروع الإسرائيلي لحل القضية الفلسطينية، ويرى بعض المحللين الإسرائيليين أن الكشف العلني الرسمي لاجتماع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت مع عدد من رؤساء الأركان العرب ومنهم السعودي والبحريني سيصبح مقدمة لاجتماعات بين قادة سياسيين إسرائيليين مع نظرائهم من هذه الدول العربية المتجاورة مع المشروع الإسرائيلي المطروح.
وأمام هذا المشروع الإسرائيلي المكشوف يدرك قادة تل أبيب أن الشعب الفلسطيني سينحاز إلى دول محور المقاومة في سورية والمقاومة اللبنانية وإيران وسيستمد من مواقف هذا المحور وانتصاراته الأخيرة قدرة معنوية متزايدة لاستمرار مقاومته لهذا المشروع حتى لو أكدت السلطة الفلسطينية عجزها عن مقاومته ولذلك سيظل هذا المشروع موجوداً على الورق الإسرائيلي طالما أن الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده يتمسك بالمقاومة وبالتحالف مع محور المقاومة الذي لن يكون بمقدور تل أبيب إلا وضع الحسابات لوجوده وقدراته ومواقفه.