قمة بوتين ميركل وماكرون وأردوغان والتحولات الاقليمية .. بقلم: تحسين الحلبي

قمة بوتين ميركل وماكرون وأردوغان والتحولات الاقليمية .. بقلم: تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٣ أكتوبر ٢٠١٨

يرى عدد من المختصين بشؤون أوروبا وروسيا، ومن بينهم، توم لوونغو، في تحليل نشرته المجلة الالكترونية «زيروهيدج» أن مكاسب تعزيز الحل السلمي للأزمة في سورية بدأت تتزايد وقد تظهر نتائجها في القمة المقررة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الحكومة الألمانية أنجيلا ميركل وحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في السابع والعشرين من شهر تشرين الأول الجاري في اسطنبول، فقد تمكن الرئيس بوتين أثناء زياراته في الصيف إلى أوروبا من تحقيق تقارب مع باريس وبرلين على تأييد الحل الذي ناقشته اجتماعات «أستانا» و«سوتشي» برعاية روسيا.
ويرى لوونغو أن أول مكسب للعلاقات الروسية الألمانية وتوظيفها في هذا الاتجاه تمثل في رفض ميركل لمطلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الداعي إلى عدم استيراد ألمانيا للغاز من روسيا، ثم جاء المكسب الثاني لمصلحة «الحل السلمي للأزمة في سورية» حيث نجح بوتين بضم ماكرون وميركل معاً إلى القمة المقبلة بحضور أردوغان في اسطنبول، وهذا يدل على مزيد من الانشقاق الأوروبي عن السياسة الخارجية الأميركية وغياب دورها في هذه القمة كما يدل على عجز أميركي عن تخريب مثل هذه الاجتماعات مع لاعبين دوليين مثل فرنسا وألمانيا، فقد فرضت واشنطن على اللاعبين الإقليميين مثل السعودية وغيرها الامتناع عن الخروج عن السياسة الخارجية الأميركية تجاه سورية وخصوصاً بعد انتصارها على المجموعات الإرهابية في معظم الأراضي السورية.
وتترافق هذه القمة مع التحول الذي يجري في العراق بعد نجاح التيار العراقي الأكثر تآلفاً مع طهران ودمشق بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة رغماً عن كل العراقيل والضغوط الأميركية، ويقدر المراقبون أن واشنطن فقدت جزءاً من نفوذها داخل مؤسسات الحكم العراقية ولم يعد بمقدورها عرقلة المزيد من مكاسب التقارب العراقي مع إيران وسورية.
كما يترافق هذا المكسب مع بداية التحول الأردني تجاه سورية في أعقاب فتح الحدود البرية للتجارة والأعمال بين سورية والمملكة الأردنية لمصلحة الجانبين ولمصلحة لبنان الذي ستنتقل تجارته وأعماله عبر حدوده مع سورية إلى الخليج عبر الأردن وإلى العراق حين يبدأ زخم العلاقات العراقية السورية بفرض مصالحه على أهم دول المنطقة من إيران إلى العراق إلى الأردن إلى لبنان عبر سورية.
أما أردوغان فلن يكون بمقدوره الآن الاعتماد على حلفاء مثل الرياض لتوظيفهم ضد مصالح الأردن ولبنان والعراق مع سورية في أعقاب فضيحة العائلة المالكة السعودية في اسطنبول ومقتل الصحفي جمال خاشقجي، ولا أحد يشك في أن هذه التطورات على حدود سورية العربية مع الأردن والعراق ولبنان ستكون على جدول أعمال هذه القمة التي سيناقش خلالها بوتين موضوع انتقال سورية إلى مرحلة سحب القوات الأجنبية الأميركية والتركية منها والى استعادة سيادتها الشرعية على كل أراضيها وعبر كل حدودها.
وإذا كان معظم دول الخليج إضافة إلى تركيا قد شارك منذ بداية الأزمة عام 2011 بالحرب على سورية فإن هذا التحالف الإقليمي لعدد من دول المنطقة لم يعد الآن موجوداً، فالسعودية ستغرق في أزمة وفضيحة قتلها للخاشقجي ومضاعفاتها مع تركيا، ولن تتمكن العائلة المالكة فيها أن تفرض الآن على بقية دول الخليج المتحالفة معها سياستها المتعنتة التي لم تكن تخدم سوى محمد بن سلمان وحماقات سياسته الخارجية، وثمة من يتوقع أن تتسرب البرودة في العلاقات بين الرياض والإمارات وبين الرياض والكويت وتجد الرياض نفسها وحيدة مع البحرين فقط.
وسوف تتعامل إدارة ترامب مع كل دولة خليجية بطريقة الابتزاز المالي وخصوصاً مع إمارة قطر التي سيسرها غرق السعودية في أزمة جريمة قتل خاشقجي.
ولا أحد يشك بأن العائلة المالكة السعودية سوف تدفع ثمن هذه الفضيحة لا على شكل مالي لمن يعد نفسه لابتزازها بل على شكل داخلي بين أفراد العائلة المالكة نفسها ولن يكون بمقدورها استعادة وضعها إلى ما كان عليه قبل فضيحة مقتل خاشقجي إلا بعد وقت طويل وستفقد جزءاً كبيراً من قدرتها على ردع خصومها أو من تعاديهم من الدول العربية، وستحاول إمارة قطر في أغلب الاحتمالات تعبئة الفراغ النسبي الذي سيتولد عن أزمة السعودية لمصلحتها ومصلحة أردوغان حليفها الذي يجد نفسه من أكبر المستفيدين من فضيحة السعودية في اسطنبول، أما حربها مع اليمن فسوف تتعرض لانتكاسات وعجز في تبرير استمرارها سواء في إطار الحلفاء أو في إطار سعودي منفرد.