ماهي دوافع ترامب للانسحاب من معاهدة الصواريخ.. بقلم: هبا علي أحمد

ماهي دوافع ترامب للانسحاب من معاهدة الصواريخ.. بقلم: هبا علي أحمد

تحليل وآراء

الأربعاء، ٣١ أكتوبر ٢٠١٨

شيئاً فشيئاً يسير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنفسه وببلاده إلى المجهول، ويسير بحلفائه من الأوروبيين إلى طرق غير واضحة المعالم تهدد أمنها واستقرارها، تطبيقاً لشعار «أمريكا أولاً» ومن بعدها الطوفان!.
الانسحاب من المعاهدات الدولية أسلوب ترامب المعتمد في سياسته دون الإدراك لسلبيات وتداعيات ذلك على العلاقات الدولية وحتى على الولايات المتحدة ذاتها، واليوم يخطط ترامب للانسحاب من معاهدة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى مع روسيا ضارباً عرض الحائط بكل المخاطر التي تنطوي على ذلك، وبالأخص ما سيكون من حصة حلفائه الأوروبيين.
في الحقيقة تحمل هذه الخطوة في طياتها جانبين، الأول: مع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي فهي خطوة يريد منها ترامب استرضاء المؤسسة السياسية والاستخبارية الأمريكية الحاكمة المعادية لروسيا ولسياساتها والتي ترفض أي مستوى من العلاقة مع موسكو، ومن ثم يضمن ترامب نوعاً من الاستقرار الداخلي طيلة فترة رئاسته، وهذا ما يريده ترامب بالضبط فالانسحاب المحتمل من معاهدة الصواريخ هي رسالة داخلية أكثر منها خارجية في هذه المرحلة الأمريكية بالذات، وهذا يشي أن ترامب يدرك اليوم وأكثر من أي وقت مضى أنه في مأزق داخلي حقيقي، يحاول جاهداً الخروج منه وتقديم كل ما بوسعه في سبيل ذلك.
الجانب الثاني، ينطوي على الرغبة الأمريكية في التوجه لإطلاق سباق جديد للتسلح والعودة إلى مصطلحات الحرب الباردة، والتجهيز لمواجهة جديدة بين روسيا وأمريكا، دون الاكتراث هنا بما يتركه ذلك من مخاطر ولاسيما على أمن القارة الأوروبية، التي خلصتها المعاهدة من 60 ألف صاروخ ليتقلص العدد إلى 15 ألفاً بعد المعاهدة، لذلك نقض المعاهدة ينذر بعودة ذلك النوع من الصواريخ وهو ما لا تريده أوروبا.
بالعودة إلى ترامب، فكل ما يُقدم عليه يعني أنه وعن غير وعي يتحدث عن فشله داخلياً وخارجياً، فعلى هذا النحو تفهم خطواته وسياساته غير المدروسة، والتي يفهم منها أكثر أنها مجرد أساليب للضغط والتصعيد، لكنها دون نتيجة بما يضمن في نهاية المطاف إبعاد الأنظار وإشغالها عما يحدث في الداخل الأمريكي على المستوى السياسي.
العالم الأحادي القطب الذي يحلم به ترامب لم ولن يعود، وبينما تتجه أمريكا ترامب إلى المزيد والمزيد من العزلة والانطواء على ذاتها، يتجه العالم المتغير إلى مزيد من الانفتاح.