الاسرائيليون يريدون الحرب.. بقلم: عباس ضاهر

الاسرائيليون يريدون الحرب.. بقلم: عباس ضاهر

تحليل وآراء

الخميس، ٢٢ نوفمبر ٢٠١٨

أن تُظهر إستطلاعات الرأي في تل ابيب أن أغلبية ال​اسرائيل​يين يريدون الحرب، فهذا أمر مريب، استدعى وصف صحيفة “هآرتس” العبريّة الاسرائيليين بأنهم “شعب غبي، لا يزالون يؤمنون بشنّ مزيد من الحروب على غزة”. وتأتي تلك النتائج بسبب عدم رضا الاسرائيليين عن الاسلوب الذي اعتمده رئيس حكومتهم ​بنيامين نتانياهو​ بشأن التعامل مع ​قطاع غزة​. هم يصدّقون كلام اليمين عن قدرة جيشهم على تنفيذ عملية حاسمة خلال دقائق وليس ساعات.
تنقل الصحافة العبرية عن الاسرائيليين انهم يرون الامتناع عن الحرب “خضوعاً للارهاب”، وهزيمة للمشروع الإسرائيلي. ولذلك ينطلق اليمين في تل ابيب من نتائج الاستطلاعات، لرفع خطابه، تحضيراً للانتخابات، وقد يجد نتانياهو نفسه ذاهباً نحو اتخاذ قرار الحرب، لمنع خصومه اليمينيين من استمالة الجمهور، وترجمة تلك الإستمالة في صناديق الإقتراع.
فلماذا يريد الاسرائيليون حربا مكلفة وموجعة لكل الأطراف، بمن فيها الاسرائيليون؟ تقول “هآرتس” نفسها: يبدو أنهم فقدوا القدرة على التحليل المنطقي لوضعهم، وفهم حدود القوة، والتعلم بأنه لا يوجد حلّ عسكري لضائقاتهم. إن ايمانهم بقدرة ​الجيش الاسرائيلي​ على الانتصار في المعارك هو ايمان اعمى.
بالعكس، التجربة تبيّن لهم أنه منذ خمسين سنة تقريبا، الجيش الاسرائيلي غير قادر على حسم المعارك. وما زالوا يواصلون المطالبة بحرب.
وبما أن أجواء الانتخابات هي التي تسود اليوم في الشارع الاسرائيلي، بعد اجراء استطلاعات اظهرت فيها الغالبيّة تأييد حصول انتخابات مبكرة، لا يريدها نتانياهو، ولا إئتلافه الحكومي، لكن السياسيين يتماهون مع اجواء الانتخابات. فما هي عناوين الحملات الانتخابية؟.
يتقدم فيها عنوان الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين. الأمر ليس محصوراً بالأمن، كما تطالب قوى اليسار، وترفع شعار حل الدولتين من أجل تفادي واقع أصعب، ومجاراة للضغوط الدولية التي ترى الحل بالدولتين. بل بالنزاع العسكري المفتوح. كما ان القوى السياسية المتورطة بالفساد السلطوي، تحاول الهروب من الدعوات الى محاسبتها في صناديق الاقتراع بإختراع صراع عسكري، للقول ان المعركة مع الفلسطينيين في غزة وجوديّة، ولا مكان لعناوين داخليّة تفصيليّة تُشغل الاسرائيليين عن الهم الاساسي.
تقول صحيفة “يديعوت احرونوت” أن “الفساد السلطوي كان موضوعا مركزيا للبحث في كثير من الحملات الانتخابية. ولكن يخيّل أنه لم يكن في أيّ مرة مشتعلا مثلما هو الآن. جهاز حزب واحد، “اسرائيل بيتنا”، يقف في هذه اللحظة أمام المحاكمة. زعيم حزب ثان، “شاس”، مشبوه في قضية فساد شخصي. الشرطة توصي بتقديم سلسلة من المقرّبين وكبار في مكتب رئيس الوزراء في قضية السفن والغوّاصات الى المحاكمة. اضافة الى ملفات نتانياهو. وإذا أُدين الأخير في الملفّات التي حقق معه فيها كمشبوه، فانه سيُدان كمجرم جنائي.
كل ذلك، يعزّز من امكانية هروب نتانياهو الى حرب، تشكّل فيها غزة الخاصرة الرخوة، لأن الجبهة الشمالية، مُصانة بمظلة روسية، ومُحاطة بقلق إسرائيلي من تكرار فشل ​حرب تموز 2006​، بعد إزدياد قدرة “​حزب الله​” العسكرية على المواجهة، وارتفاع مستوى التسليح النوعي لديه.
لكن اللعبة الانتخابيّة الاسرائيليّة قد تقود السياسيين الى التهور، بإتخاذ قرارات الحرب، لترجمة شعار: الحملات الانتخابيّة لا تكفيها التهديدات اللفظيّة، بل تحتاج الى الممارسات العسكريّة، لتثبيت قوة وحضور السياسيين المرشّحين.
الجانب الأهم في اسرائيل الآن، هو ان التداول بالحرب، يتم من دون الاكتراث بوصايا الأميركيين والاوروبيين، ولا بوساطات العرب. وكأن مشاريع السلام المطروحة، يرميها الاسرائيليون في سلة المهملات. لا يذكرونها، ولا يعطونها ادنى اهتمام. ما يؤكد ان التوازن العسكري وحده يجدي مع تل ابيب، لا التقارب السياسي، ولا الضغوط الدوليّة.
النشرة