المواطن هو البوصلة.. بقلم : سامر يحيى

المواطن هو البوصلة.. بقلم : سامر يحيى

تحليل وآراء

الاثنين، ٧ يناير ٢٠١٩

"المواطن هو البوصلة والمؤشّر الدقيق الذي يعكس نتائج الأداء الحكومي في سورية وعلى كافة المستويات، وأن تفاعل المواطن مع القرارات الصادرة مؤشّر صحي على أن الأداء يسير في الاتجاه الصيح، أما إذا كانت بينهما فجوة فهذا يعطي مؤشراً غير سليم".
تلك العبارة جزء من توجيهات قائد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد للحكومة المسؤولة عن "إدارة موارد الوطن" في نيسان 2011، والتي يؤكّد عليها منذ عام 2000، في كل مناسبة واجتماعٍ ولقاءٍ وخطاب، وهذا يحمّل كل منا مسؤولية الامتثال لتوجيهات سيادته والدور المنوط به، ولكن يا ترى هل التزمت المؤسسات الحكومية هذه التوجيهات!؟ وهل وضعت باعتبارها المواطن هو البوصلة؟! بكل تأكيد لا، والجواب أشار إليه السيد رئيس الجمهورية بقوله عند وجود فجوة بين المواطن وقرارات الحكومة يعني مؤشر غير سليم لأداء المؤسسات الحكومية، وهذا ما نلحظه.  
للأسف هذا المؤشر غير السليم واضح نتيجة البعد بين المواطن والمؤسسات الحكومية، فرغم ما يقدّمه الوطن لأبنائه، تعجز الحكومة عن التوزيع السليم، وتتهرّب من مسؤولياتها لتحمّلها للمواطن، وتتهرّب من معالجة جذر المشكلة إلى محاولة حلّ الشكليات وتحميل الخطأ للمواطن، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الطبيعة البشرية للمواطن تجعله ميالٌ للفوضى عندما يرى الفوضى، ولكنّه بالتأكيد سيلتزم بالقانون عندما يجد أن هناك قانون، فعندما يلتزم المواطن بنظام الدور في قر الشتاء وحر الصيف، ويأتي من يتجاوز الجموع، بدعوى انتمائه لمؤسسةٍ ما، بالتالي سيلتحق به شخصٌ آخر وهكذا ليتحوّل الانضباط واحترام القانون لفوضى، ونكون نحن قد صنعناها لا سيّما من يجب أن يطبّق القانون ويلتزم به، يكون هو المساهم في الفوضى وسوء التوزيع والتلاعب بقوت المواطن وموارد الوطن تحت شعارات لا مسؤولة مهما كانت مبرّراتها. فالمؤسسة الوطنية المفترض أن تكون قادرةً على ضبط كافّة عناصرها، فكل مؤسسة لها مدير ونائبٌ ومعاونٌ ومدير إدارة ومدير قسم، وبالتالي من السهولة بمكان ضبط الجميع عندما تتوافر الإرادة الوطنية الصادقة، أما التبرير بأنّ المرتّب لا يكفي وهو يبذل جهداً كبيراً فلنتغاضى عن تصرفاته السلبية، هذا يعني أنّ المسؤول يتجاهل الجندي في جبهات القتال، وفي مراكز عمله خدمةً لوطنه، دون أن يستغلّ ذلك لأنّ دوره خدمة المواطن لا استغلاله، وكل مسؤولٍ أو مبررٍ لأعمال هؤلاء هو  شريكٌ أساسيٌ في تدمير الوطن، لأنّ تبرير هذه التصرّفات اللاأخلاقية واستغلال المواطن، يبرّر بشكلٍ تلقائي لمن لا يستطيع تأمين قوت يومه، السرقة والنهب والإجرام ..إلخ، ولا أتوقع أيٌ وطنيٌ يقبل بذلك....
هل عجز هؤلاء لا سيّما من يدّعون حبّهم للوطن واخلاصهم لقائده البحث عن أفضل الطرق والسبل من أجل إبداع طرق إنتاجية، وتفعيل المشروعات القائمة والاستثمار الأمثل لموارد الوطن بما ينعكس على كل مواطنٍ دون استثناء؟! صحيح أنّ الكلام عن تحمّل المسؤولية بات كثيراً لدرجة الترف الفكري، لكنّه ضرورياً لأنّه يقضي على غالبية المشكلات، ويعالج التحديّات، ويساهم بتقويم وتقييم كل النشاطات التي نقوم بها من أجل التكامل والتوازي مع نجاحات القيادتين السياسية والعسكرية في الوصول لوطنٍ مستقلٍ مزدهرٍ، عبر تفعيل العمل المؤسساتي والتشاركية بين كافّة العاملين بالمؤسسة من قمة الهرم إلى القاعدة، فلدينا مؤسسات متخصصة وكل مؤسسة تتفرّع لأقسام ومديريات، وبالتالي تسهّل عملية معالجة جذور المشكلات مهما كانت شائكةً، بعيداً عن الحلول الآنية وتحميل المسؤولية، وبالتالي جسر الهوّة بين الحكومة والمواطن..
هدف وجود المؤسسات الحكومية ليس الاعتراف بالخطأ والشكوى من الفساد وقلّة الإمكانيات والتحدّيات وغيرها، إنّما الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة وتوزيعها التوزيع السليم، وابتكار الحلول لكل المشكلات من جذورها، وباعتبار كلٌ منا مواطن باختلاف الرتبة والمرتبة وطبيعة العمل، فقيامنا بالمهام المنوطة بنا، وتحمّل مسؤوليتنا، واحترام كل موظّف حكومي ضمن هرمه المؤسساتي ودور مؤسسته في بناء الوطن وتقديم الخدمات للمواطن امتثالاً لتوجيهات قائد الوطن الذي أثبت العالم كلّه صوابية موقفه وصدقية رؤيته، ومن هنا لا بدّ الإشارة إلى نقطتين:
تسعى المؤسسات الحكومية لتأمين جهاز البصمة لضبط التزام العاملين لديها بالدوام، متجاهلة أنّ بصمة العمل وزيادة الانتاج وتنفيذ المهام الموكلة لكل موظّف والاستثمار الأمثل للموارد المادية والكوادر البشرية، سيحقق الالتزام المهني والوظيفي والوطني ويكون الدافع الأساس لالتزام الموظّف بدوامه وعمله، بعيداً عن استغلال مكانته لتشويه سمعة مؤسسته واستغلال حاجة المواطن وموارد الوطن.
أما البطاقة الذكية من المفترض أن تكون بنك معلوماتٍ للمؤسسات الوطنية عن "الأفراد ـ المؤسسات ـ المشروعات الزراعية والصناعية والخدمية ... إلى ما هنالك" ضمن دراسةٍ جدية منطقية، تقدّم له المواد الأساسية والطاقة بسعرٍ مدعوم، مقابل تمكنّه من الحصول على كامل احتياجاته بالسعر العادي بعيداً عن استغلال السوق السوداء ومنتهزي الفرص والمتلاعبين بقوت الشعب ويحقق عائداً إيجابياً للمؤسسة الحكومية بدلاً من الشكوى بلا فائدة، لا سيما بتحقيق المتابعة السابقة واللاحقة، باستخدام كاميرات المراقبة والحاسب وقارئ البطاقة، والمفترض أنّها بالحد الأدنى متوفّرة لدى غالبية المؤسسات المتخصصة، ويساهم في تحقيق الاستثمار الأمثل والعادل واستشراف المستقبل، لتكون المؤسسات الحكومية قادرةً على معالجة الأزمات قبيل حدوثها.
كل منا بحاجةٍ ماسّة، لا سيّما من في سدّة المسؤولية، لإعادة قراءة سريعة لتوجيهات وخطب وكلمات السيّد رئيس الجمهورية، كونها تعتبر منهجاً أصيلاً ومشروعاً حقيقياً لبناء سورية الوطن والإنسان بعيداً عن التهرّب من تحمّل المسؤولية والتزييف والخداع والنظريّات الخلابة وخلط السم بالدسم.