استراتيجية المصالحة الثقافية في البلاد ..(( رفض لعنة الحرب )).. بقلم: ميس الكريدي

استراتيجية المصالحة الثقافية في البلاد ..(( رفض لعنة الحرب )).. بقلم: ميس الكريدي

تحليل وآراء

السبت، ٢ فبراير ٢٠١٩

أولئك الذين عاصروا الحروب .......انتقدوها بشدة ..جورج أورويل في رواية 1984
وفي الحنين إلى كاتلونيا ......
والحرب والسلم لتولستوي ..
وهناك كتابات تستنكر الحرب بمفاعيلها مثل رواية خالد الحسيني عن أفغانستان ..
وأحمد سعداوي في تصويره لسلاسل العنف والانتقام التي تدخل تتابعها المرعب ..في رواية حديثة أيضا بعنوان ((فرانكشتاين في بغداد))
وعبر التاريخ كانت مقولة الأساطير .في كثير من حكاياتها .تتركز على غسل عنف الحروب الدموية بمصالحات قدرية تستدرك أن الحياة فانية والفعل الطيب هو الباقي ..وهو الخلود .....
لا أستطيع إن أستشهد إلا بما يحضرني من روايات عن الحرب ...شرط أن أكون قد قرأتها ....لأن المسؤولية الانسانية عالية جدا عندما تقدم عملا يصف الحرب للبشرية ......
حتى أحلام مستغانمي لم تغفل نقد المجتمع الجزائري وغربته في الروايات الثلاث والعنف ومفاعيله والإرث الدموي
((ذاكرة الجسد – فوضى الحواس –عابر سرير ))
وحيث أن العالم عاصر في نشأة تاريخه المعاصر حربين عالميتين وكارثة ذيلت الحرب العالمية الثانية برعب الطاقة القادمة .......فقد انشغل الكتاب والروائيون وصناع السينما العالمية بتصفية هذا الإرث الدموي عبر الكتابة عنه والنقد القاسي للقتلة وللانتصارات مهما كانت عظيمة إذا كانت أثمانها البشرية كبيرة .....
فالانتصارات واقع عسكري واقتصادي ...والفعل الثقافي أداء اجتماعي من أجل المصالحة الإنسانية ......
لأن الأدب علم إنساني ......
وهذا ما دفعني إلى طرح هذه الفكرة........
أن نتجرأ على النقد القاسي للحرب ..على نقد السقطات الإنسانية والتركة الثقيلة من الثأر ....من أجل تسهيل النسيان واحتمال الأوجاع لابد من تحويلها إلى ذاكرة ثقافية عبر الكوميديا السوداء أو الدراما المسؤولة أو الروايات المنحازة للأنسنة فقط .....
تبكي الأمهات لتحويل الحزن إلى شهقات ......مثل الشهيق الأول عند ولادة الجنين ......لإعلان استمرار الحياة ..
هذا هو تماما ما يدور في رأيي عن بناء استراتيجية لأداء ثقافي يواكب المصالحة الكبرى الغير ناجزة في البلاد ..
وهذا ما دعاني لاستخدام مقدمة قاسية لروايتي القادمة(( نزيف دماغي ))
حيث البطلة زوج جنرال خاض الحرب السورية وعندما استشهد ابنها رفضت الشهادة والعنوان المقدس ولم تسامح زوجها واعتبرته مسؤولا عن خسارتها الكبيرة ......وتحمل هذه الرمزية وعيا للمرحلة القادمة ..مرحلة النقد الجريء للحرب ......فمهما كانت الأهداف مقدسة لابد أن تعيش في أذهان الشعوب أن الحرب لعنة وأن تظل الحياة معادلا للموت وخيارا في وجهه .....
كل التجارب أنتجت خبراتها ..وفقا لظروف كل بلد .....وبدلا من استيراد مصطلحات معلبة تصلح وصفة جاهزة لاختراق كل الشعوب ..يجب أن نحدد نحن مشروعنا الإنساني الثقافي, ومحدداته لجبر الضرر والخواطر عبر أداء تراكمي متكامل ومعرفي ومعارفي ..... ((وأكرر التأكيد على كل الأبعاد الثقافية وكافة أصناف الفنون والآداب ))