المشهد العراقي بعد كلام ترامب؟.. بقلم: د. مصطفى حكمت

المشهد العراقي بعد كلام ترامب؟.. بقلم: د. مصطفى حكمت

تحليل وآراء

الأربعاء، ٦ فبراير ٢٠١٩

في سابقة خطيرة تؤكد تجاهل ترامب لسيادة العراق واعتباره البلد تابعاً لواشنطن وسياساتها الشيطانية في المنطقة والعالم معتبراً العراق قاعدة لمواجهة إيران وإدخاله في الصراع بشكل مباشر، إذ أعلن الرئيس الأميركي نيته الإبقاء على قواته في العراق لمراقبة إيران، جاء ذلك خلال تصريحات إعلامية معرباً عن تمسّك واشنطن بقاعدة عين الأسد غرب العراق واصفاً إياها بالقاعدة الأكبر والأروع وذات التكلفة العالية في الشرق الأوسط، وانها تحتوي موقعا استراتيجيا لمراقبة الشرق الأوسط المضطرب بحسب كلامه، مشيراً إلى أنّ بعض العسكريين المنسحبين من سورية سينضمّون الى القوات الاميركية الموجودة في العراق.
كلام ترامب الاستفزازي أثار موجة استياء وسخط شعبي وسياسي داخل العراق، حيث أكد الرئيس العراقي برهم صالح أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يطلب إذناً من العراق حتى تقوم القوات الأميركية على أراضيه بمراقبة إيران، موضحاً أنّ القوات الأميركية في العراق موجودة بموجب اتفاق بين البلدين ومهمّتها مكافحة الإرهاب فقط.
بدوره اكد النائب الأول لرئيس البرلمان حسن الكعبي أنّ تصريحات ترامب مرفوضة معلناً انّ مجلس النواب بصدد تشريع قانون يلزم الحكومة العراقية بإنهاء العمل بالاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة وصولاً لإنهاء وجود العسكريين الأميركيين والأجانب.
ودعا الكعبي جميع القوى السياسية إلى تحمّل مسؤولياتها والتحرك بشكل عاجل لإنهاء الوجود الأميركي وعدم السماح بأن يكون العراق منطلقاً لشنّ عدوان أو مراقبة أيّ دولة وهو ما تقاطعت معه طلبات العديد من البرلمانين ورؤساء الكتل بأن يكون قانون خروج القوات الأجنبية من العراق هو أول قانون يتمّ تشريعه بعد انتهاء عطلة الفصل التشريعي الحالي، خصوصاً انّ معظم القوى السياسية تطالب بخروج القوات الأميركية من البلاد إلا البعض القليل الذي يغازل واشنطن على حساب مصلحة العراق تنفيذاً لمصالحه الخاصة.
فصائل المقاومة العراقية كانت لها مواقف متميّزة وواثقة لجهة الردّ على كلام ترامب، إذ قال المتحدث العسكري باسم كتائب حزب الله العراق جعفر الحسيني انّ فصائل المقاومة العراقية تدرك منذ وقت طويل النوايا العدائية للولايات المتحدة، مشيراً إلى أنّ واشنطن إذا قرّرت الاعتداء على سورية وإيران من الأراضي العراقية سنقطع يدها، ومؤكداً انّ القوات الأميركية ليس لها حرية الحركة في المناطق الحدودية ولا يمكنها القيام بأيّ اعتداء، خصوصا انّ فصائل المقاومة العراقية لديها كامل المبرّرات والخيارات والقدرة والإمكانيات للمواجهة إضافة لامتلاكها المعلومات الكاملة حول عديد القوات الأميركية وكيفية انتشارها ومهامها.
بدوره طالب المتحدث باسم حركة النجباء الحكومة العراقية بإعلان موقفها الصريح من انتهاكات ترامب لسيادة البلد داعياً لعقد جلسة برلمانية وتلقين أميركا معاني الحرية والسيادة والاستقلال ومشيراً إلى أنّ العراق ليس عبداً لأميركا ونحن لسنا هواة حرب لكننا لا نخشاها ومؤكداً انّ من حق فصائل المقاومة هو الدفاع عن شعب وسيادة العراق بالدماء.
خلاصة القول فإنّ كلام ترامب المتمسك بالانسحاب من سورية والمبشر بالانسحاب من أفغانستان والمعلن البقاء في العراق بهدف مراقبة إيران كما يقول هو كلام مطعون قانونياً كون الوجود الأميركي محصور بالحرب على داعش التي انتهت عملياً رغم انّ الأميركي وبحسب عدة براهين كان عامل تأخير في تحقيق الانتصار ولم يكن عاملا مساعدا إلا حيث اقتضت مصلحته.
أما قاعدة عين الأسد فلن تصبح مثل «أنجرليك» في تركيا او السيلية في قطر، فلا توجد اتفاقية رسمية مع العراق بهذا الشأن، فالوجود الاميركي فيها يبقى مؤقتاً ومرتبطاً بالمتغيّرات، إضافة لذلك فإنّ الهدف من تمسك ترامب بهذه القاعدة دون غيرها هو للتأثير على التحركات بين سورية والعراق اللذين يتجهان نحو أعلى تنسيق ممكن وصولاً للتكامل في مختلف الملفات ما يوحي بعجز وفشل أميركي في هذا الملف ايضاً.
لذلك فإنّ الكرة في ملعب الحكومة والقيادات السياسية المتحكمة بقرار العراق الخارجي والداخلي إضافة لضرورة توليد وعي شعبي وضغط على أصحاب القرار لمنع التماهي الحكومي مع توجهات مشبوهة كهذه، أما المقاومة العراقية فعليها الاستعداد جدياً لبدء الأفعال وعدم الاكتفاء بالبيانات الصحافية والتهديدات اللفظية…