قمة سوتشي بين الثابت والمتغير .. بقلم الدكتور عوني الحمصي

قمة سوتشي بين الثابت والمتغير .. بقلم الدكتور عوني الحمصي

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٣ فبراير ٢٠١٩

    تعقد غداً في مدينة سوتشي القمة الرابعة لرؤساء الدول الضامنة في ظل جملة من التداعيات والمعطيات الدولية والاقليمية الجديدة وفي كافة الميادين السياسية والعسكرية الواضحة منها وغير المعلنة بعد او بمعنى أدق لم تتيلور معالمها بعد والتي تتمثل في مسألتين الأولى متمثلة في الطرح الروسي في العودة الى اتفاق أضنة بين الجانب التركي والسوري 1998 ، أما الثانية والتي جاءت حتماً للمسألة الاولى تمثلت بحالة من الغزل السياسي باعتبارها سابقة من الجانب التركي من خلال  التصريحات التركية عندما اعلن رجب طيب أردوغان في لقاء مع محطة "تي آر تي" التركية ، والتي مهدت له تصريحات وزير خارجيته مولود تشاوش أوغلو، في ديسمبر الماضي حين قال"إن تركيا ستفكر في العمل مع الأسد إذا فاز في انتخابات ديمقراطية" أما  اردوغان فقد أعرب عن أمله في أن تسهم القمة المقبلة في تعزيز المسار الإيجابي بشأن سورية وشدد على أن السياسة التي تنتهجها تركيا تجاه الشمال السوري قائمة على أساس وحدة الأراضي السورية وسيادتها وبشأن طبيعة علاقات بلاده مع سورية، مؤكداً  ضرورة البقاء على باب مفتوح بقوله :" حتى مع الخصم فإنك لا تقطع العلاقات نهائيا .. قد تحتاج إليه""، وفق مبدأ حسابات السياسة،"صحيح ان سياستنا الخارجية مع سوريةا تتم على مستوى منخفض"، مضيفاً أن أجهزة الاستخبارات بإمكانها البقاء على تواصل، حتى وإن كان مقطوعا بين القادة. طبعاً تبرير اردوغان تبرير اعترافه بأن بلاده لم تقطع أبدا اتصالاتها مع الحكومة السورية، وإن على مستوى منخفض لا يتجاوز الاتصالات الاستخباراتية.مما ورد ، وبغض النظر عن الابعاد والخلفيات من هذه التصريحات الاردوغانية من مواقف للاستهلاك المحلي والإقليمي على الملأ، ثم يلعب بأوراق خفية، كعادة معاركه الخطابية الخادعة بقدر ما هو التركيز بالدرجة الاولى على ما يمكن ان يتمخض عن لقاء الغد بين الدول الضامنة.

مع الاخذ بعين الاعتبار الثابت والمتغير في ظل التشابكات الاقليمية والدولية بما فيها المعطيات والمستجدات التي أفرزتها المتغيرات المتسارعة في موازين القوى وحجم الأدوار والتأثير أو في الطروحات والرؤى والتباين والاختلاف بين الاطراف الثلاث، خاصة ان الولايات المتحدة الامريكية وربيبتها اسرائيل تحاول جاهدة في تعطيل أي جهد وعمل سياسي دبلوماسي يسبق أي قمة ثلاثية بين الاطراف الضامنة، باستخدام كل الوسائل المتاحة كمحاولة شيطنة الدولة الاسلامية الايرانية في مؤتمر وارسو اليوم أو الارهاب والحصار الاقتصادي أو في استخدام القوة العسكرية بشكل مباشر من طرفها تحت عنوان التحالف الدولي والمجازر المتكررة للسكان الامنيين او عبر أدواتها ولعل النموذج المتكرر في العدوان الصهيوني الأخير على القنيطرة هو خير دليل من أجل تعطيل أي مسار تفاوضي سياسية بين أطراف تساهم في ايجاد خارطة طريق للدخول في الحل السياسي. وفي حال فشل أحد الأسلويبن تحاول استجرار الطرف التركي بالاغراءات والضغوط للتنصل من أي تفاهم مع الضامنين الروسي والايراني، ولعل هذه من النقطة أصبحت تمثل عبئ ثقيل للجانب التركي خاصة وان الواقعية السياسية والميدانية تفرض ذلك.

بكل المقايس والمعايير للواقعية السياسية والميدانية لا بد لنا من التاكيد ومهما حاول التركي وغيره من الماطلة والتعطيل في هذه السياسة لن تجدي نفعاً وسبق لهم التجريب في ذلك من محاولات تغير الثوابت الثابتة للمحور الدولي في مكافحة الارهاب والتنظيمات الارهابية خاصة جبهة النصر التي تسيطر على مساحات واسعة في الشمال وهي باعتراف المجتمع الدولي بانه على لائحة الارهاب الدولي المنظم.

ومن هنا لابد من التذكير إن هذه القمة وغيرها تؤكد على الثابت والمتغير من خلال.

  1. التاكيد على وحدة وسلامة الجمهورية العربية السورية، وهذا لن يكون إلا من خلال القضاء على التنظيمات الارهابية مهما اختلفت تسمياتها واشكالها وهذا الامر تؤكد عليه الاعراف والقوانين الدولية ذات الصلة ولقاءات القمة الثلاثية السابقة لسوتشي واستنة والاهم من ذلك كله القرار الوطني السوري "قرار الحسم" في تحرير وتطهير الارض السورية من الارهاب الدولي المنظم ومن رجس الفكر التكفيري.
  2. أما المتغير في هذه القمة – مبدئياً- وربما تصبح في المدى المنظور ثابتاً من الثوابت المهمة وهو ما طرحه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كمبادرة بالعودة لاتفاقية أضنة لعام 1998، التي بدورها فتحت افقاً جديدة وفي ذات الامر اغلقت أبواب تلجم فيها احلام واهمة للجانب التركي في اقامة المنطقة الآمنة أو الامنية وخيبة الآمال التركية بالوعود الأميركية فيما يتعلق بمدينة منبج والانسحاب من شرق الفرات أو إعادة تدوير وتعويم  جبهة النصرة من جديد للاستثمار بها باعتبارها أخر أوراق التركي في الشمال.

واخيراً على الرغم من أهمية اتفاق أضنة إذا كانت أحدى جدول الاعمال في القمة لابد من التذكير بالقرار الاممي 2253 لعام 2015، الذي يلزم تركيا في اغلاق حدودها ومعسكرات التدريب وايقاف الدعم الوجستي للارهابيين بشكل مباشر وغير المباشر لهم.أذ يجب على الروسي والايراني الضغط على الجانب التركي بضرورة الاسراع بتنفيذه. ففي حال تلمسنا شئ من الايجابية ستكون نتائجا تشهد تحولاً كبيراً بين الاطراف الضامنة ، أما وفي حال نتائجها سلبية من الجانب التركي فيكفي تثبيت معرفة المراوغة والكذب الاردوغاني أمام المجتمع الدولي والاقليمي والداخل التركي