جدران السماء... بقلم ميس الكريدي

جدران السماء... بقلم ميس الكريدي

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٣ فبراير ٢٠١٩

ومالعمل عندما لا نمتلك غير الكتابة وسيلة للبوح والتعبير وأي وطن هذا الذي نذرت طاقتي للعشق في سبيله.. والحبيب وطن والحبيبة وطن .. ولكنا مشوهون ..محكومون بالجدران العالية السماوية.. فالحب حرام في بلاد الحرام .. وكل المعاني الكبيرة تحت الحلال والحرام .. نبض القلب يرعبنا .. ثورة الروح نتهمها بالفتنة ويصير الكل رقيبا علينا .. فالأم رقيب ..والابن رقيب ..والدين رقيب .. وقوانين الاحوال الشخصية رقيب .. والأسرة دائرة مدعومة باللاهوت تمارس طغيانها على أنفاسنا..فلا نمارس أنفسنا إلا خلسة إثر خلسة.. ندفن في أحشائنا كل الأجنة الصارخة لأجل حياة غير الحياة.. وهكذا تتخلق في داخلنا رغباتنا وشهواتنا..فنخاف منها ونكتم أصواتها وتكبر في غفلة من سواتر الرقابة فتنتظر فجوة ظلام لتمارس وحشيتها .. ونصير نحن ومشاعرنا أبناء الظلام .. وتورق قلوب النساء أنوثة منقوصة التعبير .. وتوغل الذكورة في فحولة ممجوجة بالنزوات.. وترفض الذهنية المسكونة برهاب المجتمعات المنافقة ..لحظات الصدق .. والبشر التوابون من خطاياهم على مذبح الوجدان المسفوك سلفا ..مرتهنون للخوف من كل من حولهم .. عاجزون عن الدفاع عن حقهم في استمرار الحياة بلحظة حب.. ونصير كلنا ممثلين..نمثل ونمتثل لقواعد اللعبة .. أنت محترم بقدر ما تتستر على رغباتك.. وهي محترمة بقدر ما تنكر حقها بتلك الرغبات أصلا.. وتنتشر الخيانات الزوجية .. وألف لحظة عشق ممنوع تقبع تحت الجلود المحمومة .. محمومة ببرودة الزمن .. ومن يجرؤ على الاعتراف .. وتتهالك الزوجات تفتيشا خلف أزواجهن معلنا وخفيا... فقد لقنوها أن للمرأة أجل في الحب ينتهي بتقادم الزمن .. بينما لقنوه أن الرجولة لا يعيبها الزمن وإنما الفحولة... وبين الفحولة وارتباك اليأس عند النساء تتحول الحياة إلى مطاردة .. فالبرقع المقدس هي مؤسسة الزواج ..ترتديه النساء حصنا لدرء خطر الهجر .. وتحت هذا الغطاء تسترضي نفسها حسب واقعها الديني والعرفي .. فقد تبقى زوجة واحدة بقرار إلهها.. وقد تصير واحدة من مثنى وثلاث ورباع اذا كان إلهها يسمح .. وفِي الشوارع تنصب المحاكم ولا يقف القانون على قدميه .. في بلاد توجد كل انواع الدعارة ولا يوجد قانون للدعارة .. وكل ماهو ممنوع علنا ..مسموح سراً فالكل يعرف انه لا يستطيع منعه لكن لا اجد يتجرأ على مناقشة قبوله .. لأن محكمة الله منعقدة باستمرار عند شعوب تحكمها الجهالة من تحت العمائم .. يمارسون عليك وعلناً موروثا قد تعرض لألف تحريفة وتحريفه ولا يستطيع احد الجزم بمصداقيته .. لكنهم جميعا صديقون يصدقون كل ما يتم تسويقه على بسطات رجال الدين