الإرهاب بين التضليل وطمس الحقائق! بقلم د. بسام الخالد

الإرهاب بين التضليل وطمس الحقائق! بقلم د. بسام الخالد

تحليل وآراء

السبت، ١٦ مارس ٢٠١٩

" باروخ غولدشتاين" .. من يذكر هذا الاسم؟.. إنه الإرهابي الإسرائيلي الصهيوني (الطبيب) المتطرف الذي أطلق النار على المصلين فجر يوم ١٥ شباط عام ١٩٩٤ في الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل المحتلة فقتل ٢٩ مصلياً وأصاب ١٥٠ آخرين قبل أن ينقض عليه بقية المصلين ويردونه قتيلاً.
حدث ذلك على مرأى الجنود الصهاينة الذين كانوا يراقبون الجريمة وبمساندة من مستوطني حركة كاخ المتطرفة. 
اليوم تتكرر ذات الجريمة على يدي إرهابي استرالي في نيوزيلاندا يدعى "برينتون تارانت"، حيث ارتكب جريمة بشعة قتل فيها 49 مصلياً وأصاب 50 آخرين، إصابات 20 منهم خطيرة، في مسجدين بنيوزيلاندا ووثق جريمته بشريط فيديو بثه على الهواء مباشرة، هذا الإرهابي المتطرف لم يخف نواياه عن الجريمة فقد نشر سبعة وثمانين صفحة على تويتر يتحدث فيها عن هجوم إرهابي ضد ( مسلمين) ولم تتنبه إليه أجهزة مكافحة الإرهاب في الدولتين!
يقيني أن الإرهاب لا دين ولا وطن له، لكن طرق التعاطي معه مختلفة في وسائل الإعلام الغربية.. فماذا لو كان الوضع معكوساً؟!
بين "غولدشتاين" و "ترانت" خيط دم متصل.. إرهاب صهيوني منذ سبعين سنة في فلسطين والبلدان العربية، وصناعة للإرهاب في الدول الاستعمارية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ، تصدره إلينا بأشكال وتسميات مختلفة.
مرتكب جريمة نيوزيلاندا ليس مختلاً عقلياً، كما يُروج في الجرائم المشابهة، بل هو إرهابي ارتكب جريمته عن سابق تصميم وإصرار وتخطيط، وهذا ما أكدته التصريحات الإيجابية لرئيسة الوزراء النيوزيلاندية حتى الآن!
أما ما نخشاه أن تطمس الجريمة في دهاليز التضليل الإعلامي وخبث المصطلحات،
والقصة التالية تدلل على ما أقول: هذه القصة وقعت في نيويورك بعد أحداث الحادي عشر من أيلول 2001م بعد حمّى (مكافحة الإرهاب) التي سوّقتها وسائل الإعلام الأمريكية لتصنّف، على طريقتها، الإرهابي من البطل!
تقول القصة: هاجم كلبٌ مسعور طفلاً صغيراً في إحدى حدائق مدينة نيويورك الأمريكية وقبل أن يُصاب الصبي بأذى هُرع أحد المارة لنجدته وانقضّ على الكلب المسعور وتمكن من قتله، وصادف وجود أحد محرري الصحف المحلية في المكان، وشاهد ما حدث والتقط بعض الصور للحادثة ليضعها في الصفحة الأولى من الجريدة التي يعمل لها.
اقترب الصحافي من الرجل المنقذ وقال له: " شجاعتك البطولية سوف تكون حديث الناس وستُنشر في عدد يوم غد تحت عنوان: ( شجاع من نيويورك ينقذ طفلاً من الموت)! أجابه الرجل الشجاع إنه ليس من نيويورك، فقال الصحفي: في هذه الحالة نضع العنوان التالي: "شجاع أمريكي أنقذ ولداً من كلب مسعور".. أجاب الرجل الشجاع: " أنا لست أمريكياً أيضاً.. أنا من باكستان.
في اليوم التالي صدرت الصحيفة وكان الخبر الرئيس في الصفحة الأولى: (مسلم متطرف ينقضُّ على كلب بحديقة في نيويورك ويودي بحياته)!)